"مسام" السعودي: تقنيات زرع الحوثي للألغام ترقى لـ"جرائم حرب"
تقنياتٌ حديثة وشراكٌ مموهة وتطويرٌ مستمرٌ لأشكالٍ متنوعةٍ من فخاخ الموت، ذلك ما تقوم به مليشيات الحوثي لقتل أكبر عددٍ ممكن من اليمنيين.
هذه الحقائق المفجعة، ساقها مدير عام مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، أسامة القصيبي، في مؤتمر صحفي، عقده الخميس في مدينة عدن، وحضرته "العين الإخبارية".
القصيبي أشار إلى أن مليشيات الحوثي غيّرت قواعد اللعبة، عبر تقنياتٍ حديثة تستخدمها لزرع القتل والموت في الأراضي اليمنية، وهو ما يرتقي لمستوى "جرائم حرب" تمارسها المليشيات في اليمن.
واليوم الخميس، قتل مدني يدعى سمير دباسي بانفجار لغم لمليشيات الحوثي في بلدة "الشعينه" بمديرية حيس جنوبي محافظة الحديدة الساحلية غربي اليمن.
وقال مصدر يمني محلي لـ"العين الإخبارية"، إن دباسي كان يعمل في تربية النحل وهي مصدر رزقه وقوت أطفاله، قبل أن ينفجر به لغم لمليشيات الحوثي ويمزقه إلى أشلاء.
تغير قواعد اللعبة
مدير عام مشروع "مسام" أسامة القصيبي قال إن هدف الحوثيين يكمن في إيقاع الأذى والقتل بأكبر عددٍ ممكن من اليمنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، وللأسف لا يسلم أحدٌ من تلك الفخاخ، بما فيها حتى الحيوانات.
وأكد أن "مسام" يسعى هو الآخر في المقابل إلى تغيير قواعد اللعبة، وتطوير قدراته وأساليبه في مكافحة ونزع الألغام، رغم سعي المليشيات الغريب في تطوير أساليبها لإحداث أكبر قدرٍ ممكن من الضحايا، وهذا ما أثبته الواقع في الساحل الغربي ومحافظة شبوة مؤخرًا.
وأضاف القصيبي أن المشروع يدخل عامه الرابع من العمل في اليمن، في ظل متغيراتٍ جديدة للأحداث العسكرية والسياسية، خاصةً مع إعادة الانتشار والتموضع في الساحل الغربي ومديرية حريب بمأرب، ومديريات غرب شبوة.
وهو ما حتّم على مشروع "مسام" تغيير طبيعة عمله أيضًا، وإعادة التموضع والانتشار في المواقع الجديدة التي تشهد عمليات زرع ألغام ومتفجرات من قبل مليشيات الحوثي، وذلك في إطار تلبية "مسام" لنداءات المواطنين المدنيين في تلك المناطق.
ورغم أن كل عام، ومنذ بداية العمل في مشروع "مسام" في 2018، يشهد العمل تطورات وعقبات جديدة وابتداعات حوثية في طريقة وأشكال الألغام إلا أن المشروع يجتهد في مواكبة هذه التغيرات والتغلب على كل العقبات.
القصيبي لفت إلى أن مديريات غرب شبوة شهدت أنواعًا حديثة من المفخخات وتقنيات جديدة وكميات مهولة وأرقام لا يصدقها عقل استخدمتها مليشيات الحوثي في مناطق واسعة من شبوة.
وإذا كانت مديرية حيس في الساحل الغربي من اليمن تطلبت رفع عدد فرق "مسام" لنزع الألغام، إلى 6 فرق، فمناطق شبوة تطلبت إيجاد 8 فرق للتعامل مع المتفجرات والعبوات المتفجرة والألغام هناك، بحسب القصيبي.
ولفت إلى أن إجمالي عدد الفرق العاملة في المشروع بلغ 32 فريقًا، في عموم مناطق اليمن، وهو عددٌ غير كافٍ لتلبية نداءات المواطنين، رغم استعداد كل فرقنا وجاهزيتها للانتقال إلى مناطق أخرى تحتاج إلى التدخل.
تقنية جديدة
وتابع القصيبي: "الحوثيون أدخلوا التكنولوجيا في صناعة العبوات والألغام، وظهرت طرق وآليات جديدة في تفجير هذه المفخخات عن بُعد، وهو ما شاهدناه في شبوة والساحل الغربي".
وأشار إلى أن التقييم الفني لفرق "مسام" أثبت أن المتفجرات والمفخخات يتم تصنيعها وتركيبها داخل اليمن، لكن المواد الداخلة في تصنيعها يتم استيرادها من خارج اليمن، ولا يمكن أن تكون مواد من داخل البلاد.
وقال مدير عام المشروع: "إن مناطق مثل عسيلان وبيحان بشبوة كادت أن تُعلن مناطق خالية من الألغام، لكن سيطرة المليشيات عليها مرة أخرى، جعلت من مهمة تطهيرها تتطلب 3 سنوات إضافية من العمل".
كما تحدث القصيبي عن وجود مدنيين محاصرون في مناطق عديدة بمحافظة شبوة بسبب الألغام والمتفجرات الحوثية، لافتًا إلى أن عدد الألغام والمفخخات التي تم نزعها في شبوة فقط تصل إلى 250 لغم وعبوة متفجرة يوميًا.
شهداء "مسام"
"ومع هذه التحديات إلا أن استجابة فرق (مسام) تتم خلال ساعات في المناطق التي يمكن الوصول إليها، وقمنا بالفعل بفتح الطرقات الرملية في شبوة والتي زرعت فيها الألغام بأعداد كبيرة لا تصدق"، يقول القصيبي.
مدير مشروع "مسام" أكد ضرورة التدخل الشخصي لنزع العبوات والألغام، رغم ما يقدمه المشروع من تضحيات عبر أفراده وخبراءه، كان آخرها مقتل 3 أفراد قبل نحو أسبوعين في الساحل الغربي وشبوة، إلا أنه لا يوجد بديل عن التعامل المباشر مع الألغام.
وأضاف أن هذه التضحيات واردة، مع استبعاد وجود أي استهداف مباشر لفرق "مسام" في أي مكان من اليمن، ولو حدث ذلك فستتغير إجراءاتنا وطريقة عملنا، كاشفًا عن مقتل 28 خبيرا من فرق المشروع على أرض اليمن، خلال 3 أعوام.
احترافية النازع اليمني
وتطرق القصيبي إلى ما وصفها "احترافية" النازع اليمني الذي أثبت جدارته في ميادين نزع الألغام في فرق "مسام" وغيرها من البرامج الأخرى، مشيدًا بطبيعة التعامل مع البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في اليمن، عبر تنسيق وتعاون مثمر؛ بهدف التقليل من ضحايا الألغام.
وواصل حديثه في المؤتمر الصحفي عن أن "مسام" والتحالف العربي والجيش اليمني في سباقٍ مع الزمن لنزع الألغام، رغم أن لا أحد يعلم العدد الحقيقي للمتفجرات المزروعة في اليمن، إلا أن "مسام" نزع أكثر من 300 ألف لغم وقذيفة خلال 3 سنوات.
وأشار إلى وجود تعاون وتسهيل كبير من الحكومة الشرعية مع مشروع "مسام" في وصول وإدخال معدات وآليات المشروع، وفي التنقل بين المناطق اليمنية، وتجلى ذلك في وصول فرق نزع الألغام إلى مناطق عين بشبوة وحريب في مأرب بعد اليوم الأول من تحريرها مباشرةً.
الغرب وجرائم الحوثي
وكشف القصيبي عن تغاضٍ واضح من قبل الغرب تجاه ضحايا الألغام في اليمن، ولا يوجد أي تسليط للضوء على هذه المأساة التي يتسبب بها الحوثيون، إلا أن هذا يعود إلى غياب "مظلة يمنية موحدة" لتوثيق ضحايا الألغام وتحريك ملفاتهم لدى المنظمات الدولية.
كما كشف مدير عام مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، عن اتباع الحوثيين نهجا وحشيا بوضع المتفجرات والمفخخات في المدارس والمراكز الصحية وخزانات المياه، بكميات كبيرة وباحترافية بالغة.
متسائلا: "لا ندري ما الهدف العسكري لزرع مليشيات الحوثي الألغام في هذه الأماكن؟".
aXA6IDUyLjE1LjE3MC4xOTYg جزيرة ام اند امز