محمد بن زايد ومودي.. 10 قمم تؤسس لحقبة ذهبية
قمة إماراتية هندية، السبت، تعد الرابعة التي تجمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند خلال عام.
القمم الأربع من بين 10 قمم جمعت الزعيمين منذ تولي مودي مهام منصبه عام 2014 بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية".
وخلال تلك الفترة أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارتين للهند في فبراير/شباط 2016 ويناير/كانون الثاني 2017، فيما أجرى رئيس وزراء الهند 5 زيارات لدولة الإمارات، من بينها زيارتان منذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022، بما فيها زيارة اليوم السبت.
وإضافة للقمم التي عقدها الزعيمان خلال الزيارات المتبادلة تم عقد قمة بينهما عبر الاتصال المرئي 18 فبراير/ شباط 2022.
كما شارك الزعيمان في قمتين دوليتين إحداهما قمة -عن بعد- لقادة مجموعة "I2U2" التي تضم دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية والهند وإسرائيل 14 يوليو/تموز 2022، والأخرى قمة رؤساء دول مجموعة العشرين وحكوماتها (G20) في إندونيسيا منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
أرست تلك القمم ركائز صلبة لمسار العلاقات بين البلدين، لتتوج بتوقيع البلدين على اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند في يناير/كانون الثاني 2017، ثم توقيع البلدين على "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" خلال القمة التي جمعت الزعيمين في 18 فبراير/شباط 2022.
وخلال القمة نفسها، تم إطلاق الرؤية الإماراتية- الهندية المشتركة لتكون بمثابة خارطة طريق لشراكة مستقبلية بين البلدين ، بما يعزز "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" بينهما.
7 زيارات متبادلة
وتتوج زيارة ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند إلى الإمارات، اليوم السبت، الشراكة الاستراتيجية والعلاقات المتنامية بين البلدين، التي تشهد عصرها الذهبي بتوجيهات الزعيمين، بما يصب في تحقيق ازدهار ورخاء البلدين وتحقيق منافع متبادلة.
وتعد المباحثات المرتقبة بينهما خلال تلك الزيارة، هي الثانية خلال 6 أشهر، بعد المباحثات الهاتفية التي جرت بينهم في 3 فبراير/شباط الماضي.
وتلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء الهند، بحثا خلاله العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتوسيع آفاقها في إطار الشراكتين الاستراتيجية الشاملة والاقتصادية الشاملة بين البلدين الصديقين.
كما تطرق الاتصال إلى عدد من القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وتبادل الجانبان وجهات النظر بشأنها.
وأكد رئيس الإمارات ورئيس وزراء الهند مواصلة العمل لدفع الشراكة والتعاون بين دولة الإمارات والهند إلى الأمام في مختلف المجالات، بما يخدم الأهداف التنموية للبلدين الصديقين.
وقبيل زيارة اليوم، أجرى رئيس وزراء الهند 4 زيارات لدولة الإمارات في يونيو/حزيران 2022، وأغسطس/آب 2019، وفبراير/شباط 2018، وأغسطس/آب 2015.
كما أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارتين للهند، جرت أول زيارة رسمية له للهند في الفترة من 10 إلى 12 فبراير/شباط 2016.
جاءت تلك الزيارة في أعقاب أول زيارة رسمية قام بها مودي للإمارات أغسطس/آب 2015، التي اتفق خلالها البلدان على ترقية علاقات الصداقة بينهما إلى شراكة استراتيجية شاملة.
وبالفعل، شهدت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الثانية للهند في يناير/كانون الثاني 2017 توقيع البلدين على اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية الشاملة".
وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للإمارات أغسطس/آب 2019، قلده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "وسام زايد"، تقديرا وتثمينا لدوره في دعم علاقات الصداقة التاريخية والتعاون الاستراتيجي المشترك الذي يجمع البلدين على الصعد كافة.
وخلال زيارة رئيس وزراء الهند إلى الإمارات 28 يونيو/حزيران 2022، قدم مودي التهاني للشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبة توليه رئاسة دولة الإمارات، وعبر عن تطلعه إلى مزيد من العمل خلال الفترة المقبلة لدفع العلاقات الثنائية إلى الأمام في مختلف المجالات.
بدوره أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين دولة الإمارات والهند والحرص المشترك على تطويرها إلى آفاق أوسع.
كما بحث الجانبان مختلف جوانب العلاقات الثنائية في ضوء الشراكة الاستراتيجية الشاملة والشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين وسبل تعزيزها لما فيه خير البلدين.
وتعد زيارة رئيس وزراء الهند للإمارات اليوم محطة جديدة من محطات العلاقة القوية التي تربط بين البلدين، كما تجسد عمق الانسجام والتوافق في رؤى البلدين تجاه العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية.
قمة مفصلية
وإضافة للقمم التي عقدت خلال الزيارات المتبادلة، تم عقد قمة عبر الاتصال المرئي 18 فبراير/شباط 2022، تم في ختامها إطلاق "الرؤية الإماراتية- الهندية المشتركة" التي تعد خارطة طريق لشراكة مستقبلية بينهما.
وتم خلال هذه القمة توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين التي تستهدف رفع قيمة التجارة البينية غير النفطية بين البلدين إلى 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة إضافة إلى تعزيز التعاون المشترك.
وتعد الهند أول دولة يتم عقد مثل هذه الشراكة معها ضمن برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية الذي أطلقته حكومة دولة الإمارات في إطار مشاريع الخمسين، الأمر الذي يعكس قوة الشراكة والتقارب بين البلدين.
إنجاز الشراكة تم في وقت قياسي، وهو ما يجسّد عمق الصداقة والرؤية المشتركة والثقة المتبادلة بين البلدين.
واتفق الجانبان خلال القمة على دعم الجهود الدولية للحفاظ على السلام والأمن في المنطقة وحل النزاعات الإقليمية، بما في ذلك جهود دعم إعادة تنشيط عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، بما يتماشى مع "حل الدولتين" وعلى أساس قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والاتفاقيات السابقة بين الطرفين.
وأعربا عن أملهما في أن يسهم الاتفاق الإبراهيمي في السلام الإقليمي وإحداث تغيير إيجابي في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد الجانبان مجددا التزامهما المشترك بمكافحة التطرف والإرهاب، بما في ذلك الإرهاب العابر للحدود، بجميع أشكاله، على المستويين الإقليمي والدولي.
وشددا في هذا السياق على أهمية تعزيز قيم السلام والاعتدال والتعايش والتسامح بين الشعوب، وعلى ضرورة نبذ جميع أشكال الإرهاب والتطرف والعنف والكراهية والتمييز والتحريض.
قمم دولية
شارك الزعيمان خلال الفترة القليلة الماضية في قمتين دوليتين، إحداهما قمة قادة مجموعة "I2U2"، وعقدت عن بعد في 14 يوليو/تموز 2022، وشارك فيها إلى جانب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس وزراء الهند كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن ويائير لابيد رئيس وزراء إسرائيل -آنذاك-.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال القمة أن دولة الإمارات تواصل نهجها الراسخ في دعم كل خطوة نحو تعزيز التعايش والتعاون المشترك البناء بين الدول، انطلاقاً من إيمانها بحق الشعوب في السلام والاستقرار والتنمية والازدهار وتحقيق مستقبل أفضل لأجيالها.
وقال إن "الشراكات وحدها قادرة على تخطي التحديات المتداخلة التي يواجهها العالم اليوم، وأهمها أمن الغذاء والطاقة وتغير المناخ والرعاية الصحية".
وبيّن أن دولة الإمارات تؤمن بأن الاقتصاد هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم، خاصةً عندما تمتلك الحكومات والشعوب الإرادة لبناءِ الشراكات ومواجهة التحديات.
وأضاف أن "هذا ما تجسده المشاريع الأولى لمجموعتنا الرباعية والتي تركزت في قطاعات الغذاء والزراعة الذكية مناخياً وطاقة الشمس والرياح ووسائل تخزين الطاقة".
وأعرب عن تمنياته بأن تشكل المجموعة الرباعية نموذجا لمحبي السلام والازدهار ودليلا على الفرصِ الكبيرة الضائعة التي تخلفها النزاعات ويبددها التطرف الأعمى على حساب الشعوب المتطلعة للحياة.
كما شارك الزعيمان في الجلسة الرئيسية للقمة السابعة عشرة لرؤساء دول مجموعة العشرين وحكوماتها (G20) التي عقدت منتصف نوفمبر الماضي في جزيرة بالي بإندونيسيا، وألقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمة في القمة أعرب فيها عن تمنياته بالتوفيق والنجاح لجمهورية الهند في رئاسة المجموعة خلال عام 2023.
وتتويجا للعلاقات المتنامية بين البلدين، تلقت الإمارات دعوة من الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين للمشاركة بصفة ضيف في أعمال وقمة مجموعة العشرين للعام 2023، وذلك للمرة الثانية على التوالي بعد تلقي دعوة مماثلة من الرئاسة الإندونيسية للمجموعة للعام 2022.
جاءت دعوة الإمارات انطلاقاً من الشراكة المهمة والحيوية بين البلدين، ولدور الإمارات المؤثر والفاعل ولمكانتها المهمة .
نموذج يُحتذى
الزيارات المتبادلة والقمم المتواصلة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي دشنت لحقبة جديدة من التعاون ورسمت خارطة طريق لمستقبل واعد في علاقات البلدين.
وقد عزز من نجاح تلك الزيارات استنادها إلى قاعدة صلبة أسهمت عوامل التاريخ والجغرافيا والمصلحة المشتركة في بنائها على مر العصور.
وتحظى الإمارات والهند بعلاقات تاريخية راسخة بدأت مع تأسيس دولة الإمارات عام 1971، فيما تم تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بافتتاح سفارة الإمارات في دلهي عام 1972، أعقبها افتتاح سفارة الهند في أبوظبي عام 1973 وزادت قوتها منذ الزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الهند عام 1975.
وأجرى رئيس الهند الأسبق فخر الدين علي أحمد عام 1976 زيارة رسمية هي الأولى لرئيس هندي للإمارات، أعقبها زيارة لرئيسة وزراء الهند الراحلة أنديرا غاندي عام 1981.
لتتوالى بعدها زيارات متبادلة أسهمت في تقوية أواصر التعاون، وهو ما تم تتويجه من خلال التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند يناير/كانون الثاني 2017، ثم إطلاق الرؤية الإماراتية- الهندية المشتركة وتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في فبراير/شباط 2022.
ودخلت العلاقات التاريخية بين البلدين حقبة جديدة بدخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حيز التنفيذ في الأول من مايو/أيار 2022، حيث ساهمت في إحداث زخم حقيقي في التجارة غير النفطية بين الدولتين، ما يجعلها على المسار الصحيح لتحقيق مستهدف الوصول إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030.
تشير البيانات الأولية الصادرة عن وزارة الاقتصاد الإماراتية إلى أنه في الفترة من مايو 2022 إلى أبريل/نيسان 2023، أي الأشهر الـ12 الأولى من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، بلغت قيمة التجارة الثنائية غير النفطية 50.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 5.8 % عن نفس الفترة من العام الماضي.
وحققت التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين نمواً بنسبة 24.7% خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، إضافة إلى زيادة الصادرات الوطنية غير النفطية إلى الأسواق الهندية بنسبة 33%، كما وصلت التجارة قرابة 180 مليار درهم (49 مليار دولار) خلال عام 2022 لتحقق زيادة بنسبة 10% مقارنة بعام 2021.
وتعد السوق الهندية واحدة من أهم الأسواق العالمية الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، كونها تحمل فرصاً واعدة للاستثمار والنمو، وتمتلك موقعاً مميزاً في القارة الآسيوية، وهو ما أهلها لأن تصبح الشريك التجاري الثاني لدولة الإمارات خلال عام 2022، مستحوذة على 8% من إجمالي حجم تجارة الدولة مع العالم، فيما تعد الإمارات الشريك التجاري الثالث عالمياً للهند، والأول عربياً خلال عام 2022.
ولا تقوم العلاقات بين الهند والإمارات على التعاون في المجالات الاقتصادية فحسب، وإنما تتجاوز ذلك إلى تقاسم وجهات النظر حول العديد من الملفات الساخنة في المنطقة والعالم.
وترى الإمارات في الهند صديقا وشريكا استراتيجيا يشاركها في جهود إرساء دعائم الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي عبر قيام البلدين بالتنسيق وتبادل وجهات النظر في أبرز القضايا والتطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم.
كذلك شهدت العلاقات الإماراتية - الهندية تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة شملت مجالات الفضاء والتبادل التجاري والصحة والثقافة، حيث شاركت الهند "كضيف الشرف" في مهرجان أبوظبي الثقافي السنوي في دولة الإمارات في مارس/آذار من العام 2018، حيث استعرضت فيه الهند ثرواتها الثقافية المتنوعة إلى العالم.
شهدت النسخة السابعة والعشرون من معرض نيودلهي الدولي للكتاب الذي أقيم في يناير/كانون الثاني 2019، مشاركة الشارقة، وهي ثالث أكبر إمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة كضيف شرف لها.
شراكات على أكثر من صعيد تعكس المستوى القوي للعلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والهند، الذي بات اليوم نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4xNjQg
جزيرة ام اند امز