محمد بن زايد ومودي.. قمم وزيارات تعزز الشراكة الاستراتيجية الشاملة
10 زيارات متبادلة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي عززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
أحدث تلك الزيارات يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند، اليوم الثلاثاء، حيث كان في مقدمة مستقبليه، لدى وصوله والوفد المرافق، بمطار سردار فالابهبهاي باتيل الدولى في مدينة أحمد آباد في ولاية غوجارات، ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند.
- الإمارات والهند.. تعاون بنّاء لدعم الازدهار والسلام ومواجهة التحديات
- محمد بن زايد يصل إلى الهند في زيارة عمل
وتحمل تلك الزيارة أهمية خاصة، لأكثر من سبب، أول تلك الأسباب أن الزيارة تأتي ضمن أول جولة خارجية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان في عام 2024، التي استهلها بزيارة أذربيجان أمس الإثنين، ضمن جولة تستهدف تعزيز العلاقات والشراكات مع الدول الصديقة.
ثاني تلك الأسباب أن القمة المرتقبة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس وزراء الهند تعد الثانية خلال شهر، والرابعة خلال 6 أشهر.
وتأتي بعد نحو شهر من زيارة مودي للإمارات للمشاركة في قمة المناخ "COP28"، وبعد نحو 3 أشهر من زيارة رئيس دولة الإمارات للهند في سبتمبر/أيلول الماضي للمشاركة في قمة العشرين بدعوة من نيودلهي.
وتأتي تلك الزيارة من إجمالي 10 زيارات متبادلة بين الزعيمين، حيث تعد تلك الزيارة الرابعة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند، حيث سبق أن زار الهند في سبتمبر/أيلول 2023، وفبراير/شباط 2016 ويناير/كانون الثاني 2017.
وكانت زيارة مودي للإمارات نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هي الثالثة له للإمارات في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي تولى مقاليد الرئاسة في 14 مايو/أيار 2022.
والزيارات الثلاث من إجمالي 6 زيارات أجراها المسؤول الهندي للإمارات منذ توليه مهام منصبه عام 2014.
وأجرى رئيس وزراء الهند 6 زيارات لدولة الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ويوليو/تموز 2023، ويونيو/حزيران 2022، وأغسطس/آب 2019، وفبراير/شباط 2018، وأغسطس/آب 2015.
تم خلال تلك الزيارات المتبادلة تحويل علاقات البلدين من طابعها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي المميز إلى شراكة استراتيجية شاملة تعزز مجال التعاون المشترك لأبعد مدى.
ففي عام 2015، أصبح رئيس الوزراء مودي أول رئيس وزراء للهند يزور دولة الإمارات منذ 34 عاماً.
وأعقب هذه الزيارة، زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الهند في عام 2016، ثم في عام 2017، عندما شارك كضيف شرف في احتفالات يوم الجمهورية الهندية، وتم خلال تلك الزيارة الاتفاق على ارتقاء العلاقة بين الهند والإمارات رسمياً إلى شراكة استراتيجية شاملة.
أيضا عقد الزعيمان قمة عن بعد في 18 فبراير/شباط 2022 تم خلالها إطلاق خارطة طريق لشراكة مستقبلية بين دولة الإمارات وجمهورية الهند، بما يعزز "الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما".
كما تم خلال تلك القمة توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، لتصبح الهند أول دولة توقع معها دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
نقلة نوعية
المباحثات المرتقبة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومودي خلال زيارة اليوم، ستكون الثانية خلال شهر، والرابعة خلال 6 أشهر ضمن سلسلة مباحثات عقدها الجانبان على مدار الفترة الماضية.
ويعكس ذلك النقلة النوعية التي تشهدها العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة.
ومنذ تولي مودي منصبه عام 2014، أجرى 6 زيارات إلى دولة الإمارات من إجمالي 11 زيارة قام بها إلى المنطقة الخليجية، وهو ما يبرز الأهمية الاستراتيجية لدولة الإمارات بالنسبة للهند.
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي مع ناريندرا مودي، على هامش مشاركته في قمة المناخ "كوب 28" بالإمارات، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها في المجالات المختلفة، وخاصة التنمية المستدامة، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
كما تطرقت المباحثات إلى تحديات العمل المناخي الدولي وأهمية "COP28" في تعزيزه ودفعه إلى الأمام من خلال التعاون والعمل الجماعي بما يقود إلى مستقبل عالمي أكثر ازدهاراً واستدامة.
أيضا بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس وزراء جمهورية الهند على هامش مشاركة رئيس الإمارات في قمة العشرين بنيودلهي 9 سبتمبر/أيلول الماضي مختلف جوانب "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" و"الشراكة الاقتصادية الشاملة" بين دولة الإمارات والهند والفرص الواعدة لتعزيزهما بما يسهم في استدامة التنمية والازدهار لشعبي البلدين.
واستعرض الزعيمان مسارات تطور التعاون الثنائي خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي والتي تخدم أهداف البلدين لتحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام.
وأكد رئيس دولة الإمارات ورئيس وزراء الهند دعم البلدين العمل الجماعي الدولي المشترك وإيمانهما بأهمية دوره في تعزيز الاستقرار والازدهار في العالم وتوفير حياة أفضل لجميع شعوبه.
أيضا عقد الزعيمان قمة خلال زيارة مودي للإمارات منتصف يوليو/تموز الماضي، تم خلالها توقيع عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون، وإصدار بيان مشترك يرسم خارطة طريق لتعزيز التعاون بين الجانبين.
وأكد الجانبان مجددًا التزامهما بمواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة، واستكشاف مجالات التعاون الناشئة، وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
زيارات مهمة
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أول زيارة رسمية له للهند في الفترة من 10 إلى 12 فبراير/شباط 2016.
جاءت تلك الزيارة في أعقاب أول زيارة رسمية قام بها مودي لدولة الإمارات خلال أغسطس/آب 2015 والتي اتفق خلالها البلدان على ترقية علاقات الصداقة بينهما إلى شراكة استراتيجية شاملة.
وبالفعل، شهدت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الثانية للهند في يناير/كانون الثاني 2017 توقيع البلدين على اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية الشاملة".
وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لدولة الإمارات في أغسطس/آب 2019، قلده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "وسام زايد"، الذي يعد أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات لملوك ورؤساء وقادة الدول، تقديرا وتثمينا لدوره في دعم علاقات الصداقة التاريخية والتعاون الاستراتيجي المشترك الذي يجمع البلدين على الصعد كافة.
وخلال المباحثات التي عقدت بين الجانبين خلال الزيارة، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات التي تربط بلاده بالهند تقوم على التفاهم والمصالح والقيم المشتركة، وتستند إلى إرث تاريخي يمتد إلى مئات السنين، وإرادة سياسية يجسدها حرص قيادتي البلدين على دفع العلاقات بينهما إلى الأمام باستمرار، واستثمار كل ما يتوافر من إمكانيات التطور والنماء.
من جانبه، أكد رئيس وزراء الهند حرص بلاده على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي مع دولة الإمارات بما يضمن مصالح البلدين وشعبيهما الصديقين على مختلف الصعد.
وأشاد بالدور القيادي الذي يقوم به الشيخ محمد بن زايد في دفع الشراكة المتنامية بين الدولتين.
لغة الأرقام
تلك الاتفاقيات والزيارات والمباحثات انعكست على العلاقات الاقتصادية بين البلدين التي شهدت تطورات متلاحقة، حيث زاد حجم التبادل التجاري بين الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى 85 مليار دولار أمريكي في عام 2022، مما جعل دولة الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند للعام 2022-2023 وثاني أكبر وجهة تصدير للهند.
كما أن الهند هي ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات؛ وفي فبراير/شباط 2022، أصبحت الهند أول دولة توقع معها دولة الإمارات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، كما زاد حجم التبادل التجاري بنسبة 15% تقريباً منذ بدء سريان اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في 1 مايو/أيار 2022.
ويتوقع أن تؤدي اتفاقية الشراكة الاقتصادية إلى زيادة التجارة الثنائية غير النفطية إلى 100 مليار دولار سنوياً في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.
العلاقات التاريخية
وتربط الإمارات والهند علاقات تاريخية راسخة بدأت مع تأسيس الدولة عام 1971، فيما تم تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بافتتاح سفارة الإمارات في دلهي عام 1972، أعقبها افتتاح سفارة الهند في أبوظبي عام 1973.
وزادت قوة العلاقات منذ الزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الهند عام 1975.
وأجرى رئيس الهند الأسبق فخر الدين علي أحمد عام 1976 زيارة رسمية هي الأولى لرئيس هندي للإمارات، أعقبها زيارة لرئيسة وزراء الهند الراحلة أنديرا غاندي عام 1981.
لتتوالى بعدها زيارات متبادلة ساهمت في تعزيز أواصر التعاون، وهو ما تم تتويجه من خلال التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند في يناير/كانون الثاني 2017، ثم إطلاق الرؤية الإماراتية - الهندية المشتركة وتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في فبراير/شباط 2022.
وشهدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين نموا بوتيرة متسارعة، توج في يونيو/حزيران الماضي بافتتاح قنصلية جديدة لدولة الإمارات في حيدر آباد.
وتعد القنصلية الثالثة لدولة الإمارات في الهند بعد قنصليّتي مومباي وكيرلا، في إطار تعزيز العلاقات المتنامية بين البلدين.
ولا تقوم العلاقات بين الهند ودولة الإمارات على التعاون في المجالات الاقتصادية فحسب، وإنما تتجاوز ذلك إلى تقاسم وجهات النظر حول العديد من الملفات الساخنة في المنطقة والعالم.
وترى دولة الإمارات في الهند صديقا وشريكا استراتيجيا يشاركها في جهود إرساء دعائم الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي عبر قيام البلدين بالتنسيق وتبادل وجهات النظر في أبرز القضايا والتطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjIwMyA= جزيرة ام اند امز