قصر "البنايات الحمراء".. ديكور سينمائي ساحر في المغرب
القصر يضم مخزنا للحبوب ومسجدا ومقبرتين للمسلمين وأخرى لليهود، على ما تفيد منظمة اليونسكو التي أدرجته على قائمتها للتراث العالمي للبشرية
أصالة معمارية لمبانٍ منتصبة فيما يشبه قلعة حصينة جعلت من قصر "آيت بنحدو" التاريخي جنوبي شرق المغرب، ديكوراً طبيعياً ساحراً لتصوير الكثير من الأفلام والمسلسلات العالمية، لعل أشهرها مسلسل "Game of Thrones" (صراع العروش).
تتراءى بنايات القصر الطينية الحمراء كأنها صوامع أو أبراج معلقة على ظهر المرتفع الصخري المطل على وادٍ جاف، يحميها سور فيه مدخلان أحدهما مرتبط بقنطرة والآخر يفضي إلى ضفة الوادي.
يقود هذا المدخل صعوداً عبر ممرات ضيقة ملتوية إلى ساحة وسط القصر كان يتجمع فيها السكان قبل أن يهجره غالبيتهم.
وتطلق تسمية "القصور" في جنوب شرق المغرب على المساكن الجماعية الطينية المسيجة بأسوار، وفق طراز هندسي فريد من نوعه يعد "آيت بنحدو" أشهرها.
ويقع القصر الذي يرجح أن تعود أقدم المباني داخله إلى القرن السابع عشر، بحسب منظمة اليونسكو، شرق جبال الأطلس الكبير على طريق شكلت لقرون ممراً للقوافل التجارية بين أفريقيا جنوب الصحراء والمغرب.
وفضلاً عن البيوت المتلاصقة خلف أسواره، يضم القصر مخزناً للحبوب ومسجداً ومقبرتين للمسلمين وأخرى لليهود، على ما تفيد منظمة اليونسكو التي أدرجته على قائمتها للتراث العالمي للبشرية.
ولم يحتج منتجو المسلسل "صراع العروش" لإدخال الكثير من التغييرات على معالم القصر، كي يتحول إلى مدينة "يونكاي" الأسطورية، التي غزتها الأميرة دينريس تارجاريان إحدى شخصياته الرئيسية.
ومع أن الكثير من بيوته تحولت إلى دكاكين تعرض منتجات الصناعة التقليدية، لكنه حافظ على هندسته الفريدة والجذابة ليحتضن تصوير أعمال يغلب عليها الطابع التاريخي أو الأسطوري مثل Lawrence of Arabia (لورنس العرب) وGladiator (المقاتل) وThe mummy (المومياء).
ويوضح حمادي (61 عاماً) أن هذه الأعمال ساهمت في شهرة المنطقة مفتخراً بأدائه دور كومبارس في الكثير منها.
ويشير إلى صورته بلباس مصارع روماني مع المخرج الأمريكي ريدلي سكوت أثناء تصوير فيلم Gladiator معلقة ببهو بيته الذي يقصده السياح.
ويطل هذا البيت مثل غالبية مساكن القصر عبر شرفات على الهضبة المقابلة في الضفة الأخرى للوادي، إلى حيث انتقل معظم السكان للإقامة في بيوت أسمنتية.
وعلى جدار شرفة بيت على ارتفاع أعلى، يعرض المرشد السياحي أحمد (29 عاماً) ورفاقه من شباب القصر صوراً مماثلة، بعضها من كواليس تصوير مشاهد مسلسل "صراع العروش".
ويطمح أن تجد هذه الصور طريقها للعرض في متحف خاص بالأعمال السينمائية التي احتضنها القصر، مشيراً إلى أن "أول فيلم صور هنا يعود للأربعينيات، لدينا تراث سينمائي عريق نأمل في استغلاله في جذب السياح".
ويأسف الشاب المتحمس لعدم انعكاس شهرة "صراع العروش" على السياحة في المنطقة، بينما استقطب المسلسل مشاهدين عبر العالم منذ بث أول مواسمه في عام 2011 لدرجة أنه شكّل ظاهرة اجتماعية.
ويضيف: "يسألني بعضهم إن كان هذا المكان الذي صورت فيه مشاهد من المسلسل، لا شيء يدل على ذلك!".