فيلم «بين الرمال».. رحلة إبداع قاسية تتوج بـ«النخلة الذهبية»
فاز فيلم "بين الرمال" للمخرج محمد العطاوي بجائزة النخلة الذهبية لأفضل فيلم طويل في مهرجان أفلام السعودية 2024.
يُقدّم "بين الرمال" تجربةً سينمائيةً فريدةً تُلامس المشاعر وتُحفّز التفكير، فرحلة "سنام" ليست مجرّد سعيٍ للوصول إلى وجهةٍ مُحددةٍ، بل هي رحلةٌ لاكتشاف الذات والنضج، رحلةٌ تُعيد تعريف مفهوم الأبوة وتُقدّم لنا نموذجًا يُلهم الجميع.
أبطال فيلم "بين الرمال"
يحمل فيلم "بين الرمال" توقيع المخرج السعودي محمد العطاوي، ويشارك في بطولته نخبة من أبرز المواهب الفنية السعودية مثل: الممثل رائد الشمري، وأضواء فهد، وفاطمة الشريف، وعبدالله الودعاني، والفيلم من تأليف وإخراج مجموعة من الشباب السعوديين.
ويعد الفيلم أول عمل فني سعودي يتناول أحداثا حقيقية، كما أنه حصل على دعم لوجستي كامل من قطاع الإنتاج الإعلامي في "نيوم" وتم اختيار وتمويل الفيلم من هيئة الأفلام السعودية بعد فوزه في مسابقة "ضوء لدعم الأفلام" التي تنظمها الهيئة.
قصة فيلم "بين الرمال"
يعتمد فيلم "بين الرمال" على أحداث حقيقية تحمل روح الحكاية السعودية الأصيلة، ويقدم مفهوم الأبوة باعتبارها ليست مجرد علاقة مع شخص آخر، ولكن رحلة لاكتشاف الذات والنضج.
وتدور حكاية الفيلم في عام ١٩٢٧ بالسعودية، حول تاجر تبغ يدعى (سنام) يفترق عن قافلته لسلك طريق أسرع، لكن سرعان ما تتحول رحلته إلى محاولة للنجاة من قطاع الطرق، ويجد نفسه في مواجهة العديد من المشكلات القاسية.
ومن خلال مشاهدة الشريط السينمائي يتبين قدرة النجوم على التوحد مع الشخصيات التي يرتدون ملابسها وبراعتهم في إيصال فكرة الفيلم بأداء تمثيلي رفيع.
يُقدّم فيلم "بين الرمال" حكايةً أصيلةً تتخطى حدود الدراما المُعتادة، ليغوص في أعماق مفهوم الأبوة من منظورٍ فريدٍ ومُبتكر. ففي خضمّ رغبة "سنام" الملحة بالعودة إلى قريته قبل موعد ولادة مولوده الأول، تنكشف لنا رحلةٌ مُثيرةٌ لاكتشاف الذات والنضج.
الأبوة: رحلةٌ لاكتشاف الذات
لا تقتصر الأبوة في "بين الرمال" على كونها علاقةً بيولوجيةً بحتةً، أو مجرد مسؤوليةٍ تجاه شخصٍ آخر، بل تتجلى كرحلةٍ نفسيةٍ واجتماعيةٍ ودينيةٍ تُغيّر بطل الفيلم بشكلٍ جذريّ.
يُصبح انتظار "سنام" للأبوة بمثابة محاكاةٍ واقعيةٍ لما يمكن أن يواجهه أيّ أبٍ مُستقبليّ، مُقدّماً لنا نموذجًا يُلهم الجميع.
يُجسّد إخراج "محمد العطاوي" براعةً فنيةً تُضفي على الفيلم أبعادًا مُتعددةً. فالكاميرا تتماهى مع الشخصيات، وتُبرز التوازن الدقيق بين الإنسان والصحراء، معزّزةً مشاعر التناقض بين الطمأنينة والقلق، الأمان والخوف، الحياة والموت، الانتظار والوصول.
وتُجسّد إحدى شخصيات الفيلم هذا التناقض بقولها: "الأمان مثل الماء الكل يبيه لكن ما تلقاه في الصحراء".
يلعب الحوار دورًا مهما في "بين الرمال"، حيث يُضفي على الشخصيات عمقًا وواقعيةً. فكلّ كلمةٍ تُقال تُحمل معنىً مُبطّنًا يُثري تجربة المشاهد.
وتُجسّد إحدى الشخصيات قسوة رحلة "سنام" بقولها: "الطريق إللي تحكي عنه.. حتى الأفاعي فيه تموت".
وفي تصريحات صحفية سابقة تحدث محمد العطاوي عن هذه التجربة قائلا: "تاريخ المملكة العربية السعودية وثقافتها يتميزان بثروة لا تقدّر بثمن، مغمورة تحت الرمال، وأنه من خلال هذا الفيلم يسعى إلى إبراز هذا الكنز، وفق رؤية خاصة تصور الصحراء على أنها نابضة بالحياة".
وكان المهرجان الذي تنظمه جمعية السينما بالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) قد انطلق في الثاني من مايو/ أيار بمشاركة أكثر من 70 فيلماً.