نجوم سينما يربكون افتتاح «كان».. رسالة ضد «الإبادة» في غزة

قبل ساعات فقط من انطلاق الدورة الـ78 لمهرجان «كان» السينمائي، فجّر أكثر من 380 من أبرز نجوم السينما العالمية مفاجأة مدوّية برسالة مفتوحة بشأن غزة.
النجوم نددوا فيها بـ«الصمت الدولي» إزاء ما وصفوه بـ«الإبادة الجماعية» التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة على يد الجيش الإسرائيلي.
الرسالة، التي نُشرت الثلاثاء في صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية، تزامنت بعناية شديدة مع لحظة انطلاق المهرجان الأشهر عالميًا، لتطرح تساؤلات صاخبة حول جدوى الاحتفاء بالفن والخيال في زمن المجازر والدمار.
«نحن لا نحتفل»
«نحن الفنانين الثقافيين والممثّلين، لا يمكننا أن نبقى صامتين بينما تقع إبادة جماعية في غزة»... بهذه الكلمات المباشرة توجّهت الرسالة إلى الرأي العام السينمائي والثقافي، موقّعة من أسماء بارزة مثل بيدرو ألمودوفار، سوزان ساراندون، ريتشارد غير، المخرج السويدي روبن أوستلوند، الكندي ديفيد كروننبرغ، والإسباني خافيير بارديم.
وفيما كانت السجادة الحمراء تُفرش في شوارع مدينة كان الساحلية، كانت أصوات من داخل المنظومة السينمائية نفسها تخرج عن الصمت، مطالبة بأن «تحمل السينما صوت الضحايا بدل أن تكتفي بعرض القصص الخيالية».
الرسالة لم تكن بيانًا مجردًا، بل حملت في طياتها لمسة إنسانية موجعة حين استحضرت ذكرى المصوّرة الصحفية فاطمة حسونة، بطلة أحد الأفلام الوثائقية المقرر عرضها خلال المهرجان، والتي قتلت في قصف إسرائيلي منتصف نيسان/أبريل، إلى جانب عشرة من أقاربها، بينهم شقيقتها الحامل، في الغارة ذاتها.
هذا التفصيل المأسوي أكسب الرسالة طابعًا ملحًا، معيدًا ربط المهرجان بواقع شديد القسوة يبعد آلاف الكيلومترات عن صالات العرض لكنه يفرض نفسه على ضمير الفن.
ضغوط
المجموعة التي تقف خلف المبادرة أكدت لوكالة فرانس برس أن جولييت بينوش، رئيسة لجنة تحكيم هذه الدورة، كانت من بين الموقّعين على الرسالة في بدايتها، لكن اسمها غاب لاحقًا عن القائمة التي كشفت عنها «ليبيراسيون»، وهو ما يعكس على الأرجح وجود ضغوط أو تردّد داخل بعض الدوائر السينمائية.
الرسالة لم تغفل الإشارة إلى موقف المؤسسات الفنية الكبرى، حيث أعرب الفنانون عن خيبة أملهم من «افتقار أكاديمية الأوسكار إلى الدعم» عندما تعرّض المخرج الفلسطيني حمدان بلال للاعتداء من مستوطنين إسرائيليين، بعد أيام قليلة من فوزه بجائزة أوسكار عن فيلمه «لا أرض أخرى»، معتبرين أن مثل هذا التجاهل «مدعاة للخجل».
السينما في مواجهة الصمت
وفقًا للرسالة، فإن السينما مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن «تُسجّل شهادة ضد الجرائم»، لا أن تكتفي بالمشاهدة من بعيد. ويتزامن ذلك مع أرقام مأساوية؛ إذ تشير وزارة الصحة في غزة إلى أن ما لا يقل عن 52,862 فلسطينيًا قتلوا منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، معظمهم من المدنيين، في مقابل 1218 قتيلًا في الجانب الإسرائيلي وفق الإحصاءات الرسمية.
ورغم نفي إسرائيل للاتهامات المتكررة لها بارتكاب إبادة جماعية، فإن منظمات دولية مثل «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» أكدت أن أفعالها في غزة ترتقي إلى هذا التصنيف.
هل تستطيع السينما كسر الجدار؟
عشية انطلاق مهرجان «كان»، بدا المشهد منقسمًا: أضواء وصخب على ضفاف الريفييرا، وصوت قادم من الجنوب المحاصر يطالب بأن لا يُترك وحده في مواجهة العدم.
وطرح الفنانون في رسالتهم سؤالًا أخلاقيًا: هل تملك السينما أن تكون أداة مقاومة في وجه الظلم؟ أم أنها باتت متواطئة مع عالم لا يريد أن يرى؟ وفي وقت تتقدّم فيه الكاميرات نحو نجمات الأزياء وأسماء المسابقات، قد تكون الرسالة قد نجحت في كسر الجدار ولو للحظات.
aXA6IDMuMTM1LjIxMi4xNzMg جزيرة ام اند امز