ردا على الاعترافات بفلسطين.. خيارات نتنياهو لـ«دفن» حل الدولتين

أمام الضغوط الدولية المتصاعدة، يحاول نتنياهو تشكيل الواقع على الأرض عبر خيارات قد تدفن حل الدولتين.
هكذا ترى صحيفة "التليغراف" البريطانية في تقرير طالعته "العين الإخبارية"، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لطالما اتُهم بمحاولة إفشال قيام دولة فلسطينية، لكنه أخفى خطوته الأساسية في العملية والمتمثلة في ضم الضفة الغربية.
إلا أن وزراء يمينيين متشددين في ائتلافه، الذين يعتمد عليهم نتنياهو سياسيا، لا يرغبون في الانتظار، وهم غاضبون من بريطانيا وفرنسا ودول أخرى أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية، وقد دعوا إلى الضم الشامل الفوري للأراضي المحتلة.
ويقطن في الضفة الغربية ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون تحت الإدارة العسكرية الإسرائيلية، وحوالي 500 ألف مستوطن تعتبر مستوطناتهم غير قانونية وفق القانون الدولي.
بينما تمارس السلطة الفلسطينية سيطرة محدودة في بعض المناطق.
وتقول الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة، إنه في ظل الضغوط المتزايدة، يدرس نتنياهو ثلاث خيارات رئيسية لضم الضفة الغربية، تتمثل في:
خطة سموتريتش
في وقت سابق من الشهر الجاري، اقترح بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، أن تضم بلاده أكثر من 82% من الأراضي التي احتلتها منذ عام 1967، وذلك بهدف "إلغاء فكرة الدولة الفلسطينية نهائيا".
ويؤيد وزير الأمن الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير خطة ضم الضفة الغربية التي لا تمثل الفكر السائد في إسرائيل، وفقا ليوسي كوبرفاسر، رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن والعميد السابق في الجيش الإسرائيلي الذي قال لـ"التلغراف" إن خطة سموتريتش "ليست خيارا".
ضم "المنطقة ج"
بدلا من ذلك، قد ترد إسرائيل على الاعتراف بفلسطين بضم حوالي 60% من الضفة الغربية التي هي تحت السيطرة الإسرائيلية المدنية والعسكرية، والمعروفة بالمنطقة "ج".
وتدرس إسرائيل أيضا تداعيات خطوة محدودة لضم أجزاء من غور الأردن، وهو جزء من الأرض بين الأردن والضفة الغربية، وذلك وفقا لما ذكرته مصادر لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية والتي أشارت إلى أن هذا الخيار طُرح مع مسؤولين أمريكيين.
لكن كوبرفاسر استبعد هذا الخيار، نظرا لموافقة إسرائيل على التخلي عن مثل هذه الخطة في عام 2020 لتوقيع اتفاقيات تطبيع مع عدة دول عربية.
ضم المستوطنات
ثمة خيار ثالث أكثر محدودية يتمثل في ضم المستوطنات القريبة من الخط الأخضر، الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية.
وأشار مصدر مطلع لصحيفة "التليغراف" إلى وجود خيار رابع محتمل قيد المناقشة يتمثل في تحويل المنطقة (ب) والتي تُمثل حوالي 22% من الأراضي الخاضعة حاليا للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة العسكرية الإسرائيلية إلى المنطقة (ج)، مما يفاقم تفكيك السيطرة المحدودة أصلا للسلطة الفلسطينية.
وفي حين قد يرضي الضم الجزئي المطالبات داخل ائتلاف نتنياهو، إلا أن حلفاء إسرائيل في الخارج حذروا دائما من هذا السيناريو الذي يهدد برد فعل دولي عنيف، الأمر الذي سيمزق علاقات إسرائيل مع العالم العربي ويعمق عزلتها المتزايدة على الساحة العالمية بحسب "التليغراف".
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد أصدرت تحذيرا شديد اللهجة بعدما كشف سموتريتش عن خطته، حيث أكدت أن أي خطوة أخرى نحو الضم ستتجاوز "خطا أحمر"، وستعرّض اتفاقيات "إبراهيم" للخطر، و"ستُنهي السعي نحو التكامل الإقليمي".
ومع ذلك، سيركز نتنياهو في المقام الأول على موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث أكد مصدر مطلع على المناقشات لـ"التلغراف" أنه لن تكون هناك أي خطوات أحادية الجانب نحو الضم دون موافقة واشنطن.
وأكد متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أن رد نتنياهو على الاعتراف بفلسطين سينتظر حتى عودته من الولايات المتحدة حيث من المتوقع أن يلتقي مع ترامب في البيت الأبيض يوم الإثنين المقبل.
ولطالما عارضت الحكومات الأمريكية ضم الضفة الغربية، وسعت إلى إقامة دولة فلسطينية من خلال حل الدولتين ومع ذلك، أبدى ترامب موقفا أكثر مرونة مع اختياره المؤيد القوي للتوسع الاستيطاني مايك هاكابي لمنصب السفير الأمريكي لدى إسرائيل.
وفي ولايته الأولى، اعترف ترامب أيضا بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ودعم مطالبتها بالسيادة على مرتفعات الجولان المحتلة، مخالفا ذلك موقف المجتمع الدولي.
وقال مصدر إسرائيلي مطلع على المناقشات إن "الولايات المتحدة قلقة بشأن ما قد يُلحقه الضم باتفاقيات إبراهيم".
مع وضع كل هذا في الاعتبار، يعتقد البروفيسور يوسي ميكلبيرج، الزميل الاستشاري الأول في برنامج الشرق الأوسط في تشاتام هاوس، أن الحكومة الإسرائيلية ستُمضي قدما بحذر.
وقال لـ"التلغراف": "لن يكون هناك رد فعل متسرع من حكومة نتنياهو، والجزء الأكثر عقلانية منها هو تقييم الوضع ومعرفة كيف وصلت إسرائيل إلى هذه اللحظة قبل أن يتحرك أي شخص".
ورغم أنه اعتبر أن ضم أجزاء من الضفة الغربية "سيناريو ضعيف الاحتمال"، إلا أنه لفت إلى أنه لا يزال بإمكان نتنياهو السعي لتحقيقه.
أخيرا، قد يكون الرد الأكثر ترجيحا والأقل خطورة- بحسب المصدر- هو مناورة دبلوماسية عقابية من جانب إسرائيل، بما في ذلك إغلاق قنصليات الدول في القدس وطرد الدبلوماسيين.
وقال مصدران مطلعان لصحيفة التلغراف إن الهدف الرئيسي هو القنصلية الفرنسية، حيث قادت باريس التحركات الجماعية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.