مناورة قبل الانتخابات.. هل يصطاد نتنياهو ولاية جديد بـ«سهم العفو»؟
فجّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مفاجأة عندما تقدم بطلب للعفو عنه، في خطوة يراها كُثر، محاولة للفوز بالانتخابات في 2026.
نتنياهو بات أول رئيس للوزراء في إسرائيل تجري محاكمته وهو في منصبه. وبعد أن طاردته اتهامات بالفساد لسنوات، اضطر نتنياهو للمثول أمام المحكمة أسبوعيا في قضايا منفصلة.
وينفي رئيس الوزراء الإسرائيلي تورطه في أي من التهم الموجهة إليه بل يصفها بأنها جزء من مؤامرة سياسية تستهدفه.
والأحد الماضي، قدم نتنياهو طلبا بالعفو عنه للرئيس إسحق هرتسوغ الذي لم يعلن قراره بعد بشأنه.
وقال الكاتب ناحوم برنيع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن "طلب العفو الذي قدّمه محامو نتنياهو ليس خطوة قانونية بل خطوة سياسية بحتة"، وفق ما نقلته "فرانس برس".
وبتقديمه طلب العفو، يفتح نتنياهو باب مفاوضات يقودها الرئيس الإسرائيلي، وقد تًنهي محاكمته عبر إبرام صفقة.
ورأى برنيع، أن نتنياهو سيستغل الأمر أيا كانت النتيجة، لصالحه.
وأضاف في مقاله "إذا منحه هرتسوغ عفوا شاملا، فسيُعفى من المحاكمة.. وسيستغل ذلك لصالحه في الانتخابات.. وإذا فشلت المفاوضات، سيستغل نتنياهو الأمر ويمارس دور الضحية إلى حين الفوز في الانتخابات".
"أداة سياسية"
وأمضى نتنياهو البالغ من العمر 76 عاما أكثر من 18 عاما في رئاسة الوزراء لثلاث فترات منذ عام 1996.
وفي إسرائيل، يجب إجراء الانتخابات المقبلة في موعد أقصاه أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2026، وقد أكد نتنياهو عزمه الترشح لولاية جديدة.
ويمكن لنتنياهو أن يقرر إجراء انتخابات مبكرة، أو يُضطر لذلك في حال خسر ائتلافه الهش غالبيته.
ويواجه رئيس الوزراء موجة غضب واسعة داخل إسرائيل، إذ يرى نحو ثلثي الإسرائيليين أن عليه الإقرار بمسؤوليته عن الإخفاقات الأمنية إبان هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
لكن استطلاعات الرأي تُظهر أنه في حال أجريت الانتخابات اليوم، فإن حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه سيفوز، وهو ما سيجعله في موقع قوي لتشكيل الحكومة المقبلة.
وتقول الخبيرة القانونية دوريت كُسكاس، إن طلب العفو هو "أداة سياسية" بيد نتنياهو.
وتضيف لوكالة "فرانس برس"، أنه يريد "محو تبعات إخفاقاته حتى يتمكن من مواصلة مسيرته السياسية بدلا من أن يُحاسب".
أما الكاتب السياسي آري شافيت من صحيفة يديعوت أحرونوت فيتوقع أن يقوم نتنياهو بإبرام صفقة يحصل من خلالها على "عفو مقابل وقف كامل للإصلاح القضائي" الذي تسبب في العام 2023 بتعميق الانقسام بين الإسرائيليين.
وطرح نتنياهو حينها إجراء إصلاحات قضائية واسعة أشعلت احتجاجات ضخمة لم تتوقف إلا بعد اندلاع الحرب، إذ يرى معارضوها أنها ستتسبب في إضعاف القضاء.
دعم ترامب
ويتلقى نتنياهو دعما مهما يتمثل بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الذي سبق أن وجه رسالة الشهر الماضي لنظيره هرتسوغ طالبه فيها بمنح نتنياهو العفو.
وقال نتنياهو في رسالته التي أرفقها بطلب العفو إن إنهاء محاكمته سيضع حدا للانقسامات داخل إسرائيل.
وفي الوقت الذي يرفض فيه معارضو فكرة العفو من دون اعتزال نتنياهو الحياة السياسية، قال هرتسوغ إن القضية "تثير الكثير من الجدل"، لكنه أكد الإثنين الماضي أن "مصلحة الدولة" ستكون فوق كل اعتبار عند النظر في الأمر.
وتقول المحللة السياسية ميريام شيرمر، إن حصول نتنياهو على العفو "لن يخفف الانقسامات إلا إذا سمح فعليا بظهور ائتلاف وسطي واسع ... بعد سنوات من الجمود السياسي".
وغالبا ما يفضي نظام التمثيل النسبي في إسرائيل إلى تشكيل ائتلافات من أحزاب متعارضة، الأمر الذي يتسبب بإفراز حكومات غير مستقرة.
وبحسب شيرمر، ولضمان تشكيل ائتلاف وسطي واسع، فإن على المعارضة أن تكف عن "شيطنة نتنياهو"، وعليه هو أن يوافق على الحكم مع أحزاب من غير حلفائه اليمينين المتطرفين أو الأحزاب الحريدية المتدينة.
ورأت المحللة السياسية أن على رئيس الوزراء تشكيل "لجنة حقيقية تبحث في الإخفاقات الأمنية والسياسية التي أدت إلى هجوم حماس" وهو ما يعارضه رغم التأييد الواسع لهذه الخطوة داخل إسرائيل.
وأضافت أن نتنياهو "لن يواجه أي مشكلة في التخلي عن الإصلاح القضائي مقابل ولاية أخيرة" يأمل أن "تُتوج بنجاحات دبلوماسية".