من ألاسكا إلى شنغهاي.. بوتين «يرسخ حضوره» على الساحة الدولية

لم تكن قمة ألاسكا مجرد لقاء بين زعيمي بلدين خاضا صراعا مريرا لعدة أعوام، بل بمثابة بداية عودة كبيرة لـ"الضيف" على الساحة العالمية.
وبعد اللقاء بأسابيع، التقى قادة أوراسيا بحماس الزعيم الروسي فلاديمير بوتين في قمة شنغهاي هذا الأسبوع، إذ إن ألاسكا ساعدت على ما يبدو، في تخفيف ما دأبت تقارير غربية على وصفه بـ"عزلة" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا.
وللمقارنة، رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أنه عندما حضر فلاديمير بوتين القمة السنوية لمنظمة أوراسيا السياسية والأمنية الرئيسية قبل ثلاثة أعوام، أعرب زعيم الصين عن قلقه إزاء هجوم روسيا على أوكرانيا، فيما أعلن رئيس وزراء الهند بوضوح أن ”عصر اليوم ليس عصر الحرب“.
والآن، تغير كل شيء. ولم يكن ذلك أكثر وضوحًا من الأيام الأخيرة من مدينة تيانجين الصينية، حيث اجتمع قادة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي تجمع أمني أوروبي آسيوي، إلى جانب رؤساء دول أخرى.
وألقى بوتين باللوم علنًا على الغرب في الحرب في أوكرانيا. ومد يده بفرح إلى رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي وانفجر ضاحكًا عندما انضم الاثنان إلى اجتماع مع الزعيم الصيني شي جين بينغ.
كما قابل قادة إيران ونيبال وطاجيكستان وتركيا وفيتنام، بوتين بحفاوة في اجتماعات خاصة استمرت حتى بعد منتصف الليل، وفق نيويورك تايمز.
وكأن الحرب لم تعد موجودة
في هذا السياق، قالت ماريا ريبنيكوفا، أستاذة الاتصالات العالمية بجامعة جورجيا الحكومية، والتي تدرس الصين وروسيا: ”بدا الأمر وكأن الحرب قد تم قبولها بطريقة ما، وكأن الأمور عادت إلى طبيعتها، وكأن الحرب لم تكن موجودة أبدًا“.
فيما قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، في بيان، إنه ”من المفاجئ“، أن البيان الختامي للقمة لم يذكر ”أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية“، على الرغم من إشارته إلى ”عدد من الحروب والهجمات الإرهابية والأحداث الأخرى في العالم“.
ووفق نيويورك تايمز، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو "الفيل في الغرفة"، الذي ساعد في إنهاء عزل بوتين، سواء من خلال الترحيب به على الأراضي الأمريكية لأول مرة منذ عقد من الزمان، أو من خلال أزماته الأخيرة مع البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، مما دفعهم إلى التقرب من بوتين.
وتدهورت علاقة ترامب بمودي بعد أن قاومت نيودلهي ضغوط واشنطن كي تنسب الفضل إلى الزعيم الأمريكي في إنهاء الصراع العسكري مع باكستان.
ورد ترامب بفرض رسوم جمركية على الهند.
وبدا أن الرسالة التي أراد مودي إيصالها، بعد أن أمضى 50 دقيقة في التحدث مع بوتين في سيارته الخاصة وعانقه بحرارة أمام الجمهور خلال قمة شنغهاي، هي أن الهند لديها خيارات أخرى.
دبلوماسية ماهرة
ومنذ الأيام الأولى للصراع في أوكرانيا، ركزت روسيا على علاقاتها الدبلوماسية مع دول خارج الغرب، لا سيما الصين والهند وتركيا، التي تشكل شريان الحياة لاقتصاد موسكو في زمن الحرب.
وقال مايكل كيماج، مدير معهد كينان في واشنطن، الذي يركز على أوراسيا: ”لم تقتصر مسألة روسيا على تحملها ثلاث سنوات ونصف من الحرب الصعبة، وكونها لا تزال صامدة وتواصل المضي قدمًا، بل إن دبلوماسيتها كانت ماهرة للغاية“.
وتابع: ”لقد بنت روسيا شبكة من العلاقات التي تهم الاقتصاد الروسي، وتقلل من تأثير الحرب عما كان يمكن أن يكون عليه“.
كما أن حروب التجارة "المدمرة" والسياسة الخارجية "المتقلبة" التي ينتهجها ترامب قد خلقت فرصة، حيث يقدم بوتين وشي أنفسهما للدول الأخرى، كشريكين محتملين أكثر استقرارًا، وفق "نيويورك تايمز".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز