زائر السماء الغريب في 2017.. ليس كائنا فضائيا
لا تزال جعبة الفضاء الخارجي مليئة بالأسرار التي تتطلب جهداً أكبر من البشر للبحث عنها وفك ألغازها للإجابة عن حزمة أسئلة تشغل العقول.
في عام 2017، مر جسم فضائي غامض في مجموعتنا الشمسية، ما أثار قلق علماء الفيزياء الفلكية حينها، حتى أن بعضهم ذهب إلى نسبه إلى كائنات فضائية.
لكن دراسة صدرت حديثاً قدمت تفسيراً يدحض هذه النظرية عن الزائر الغريب.
النيزك الذي رصده تلسكوب في هاواي كان يتحرّك بسرعة عالية للغاية، لدرجة أنه لا يمكن أن يأتي إلا من نظام نجمي آخر، في سابقة من نوعها.
الاكتشاف أثار اضطرابات في أوساط علماء الفلك، الذين كانوا يبحثون منذ فترة طويلة عن أجسام شبيهة بالمذنبات تدخل نظامنا الشمسي من الفضاء الشاسع.
لكن النيزك واسمه "أومواموا" لا يشبه المذنّبات المعتادة، إذ لم يكن لديه ذلك الغلاف المميز المتكون عادة من هالة هائلة من الغاز والغبار عند الاقتراب من الشمس.
واتسم الزائر الفضائي الغريب، الذي قارب عرضه 100 متر، بلمعانه والتغيّر الكبير في السطوع، ما يعطي انطباعاً بأنّه جسم معدني ينقلب على نفسه.
لكن ما أثار الاستغراب أكثر هو أنه بعدما دار حول الشمس، تسارعت حركة "أومواموا" وانحرف عن مساره، مدفوعاً بقوة غامضة طردته من النظام الشمسي.
ذهول يصيب العلماء
العلماء أصيبوا بالذهول، إذ وجدوا أنفسهم على مدى 4 أشهر أمام بيانات غير مكتملة ومتضاربة بظاهرها حاولوا تحليلها، ما أدى إلى طرح سلسلة كاملة من النظريات.
جينيفر بيرغنر، وهي عالمة كيمياء فلكية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، شاركت في الدراسة التي نُشرت نتائجها، الأربعاء، في مجلة "نيتشر"، تقول إن بعض الفرضيات التي طُرحت في هذا الموضوع "تجاوز الخيال".
هيدروجين محاصر
تشرح بيرغنر: مهما كان أصل "أومواموا"، فهو جسم غني بالمياه يشبه المذنّب. وخلال رحلته عبر الفضاء بين النجوم، تعرض هذا الجسم الفضائي للأشعة الكونية التي قذفت الماء مع إطلاق الهيدروجين الذي أصبح بدوره محاصراً في صلب هذا الجسم.
ومع اقتراب الجسم الفضائي من الشمس، أطلقت الحرارة بدورها الهيدروجين المحاصر، ما كان بمثابة "دافع" أرسل الجسم في مسار غير متوقع.
التفسير الأكثر عمومية
داريل سيليغمان من جامعة كورنيل، المشارك في إعداد الدراسة، يقول إن "الهيدروجين المحاصر هو ببساطة التفسير الأكثر عمومية".
وعلق عالم الفلك في وكالة الفضاء الأوروبية ماركو ميشيلي قائلا إن هذا العمل "يقدم بلا شك التفسير الأول، البسيط والواقعي، لخصوصيات هذا الجسم".
لكن الاستنتاجات لم تحظ بتأييد من الجميع، بدءاً من آفي لوب، المدير السابق لقسم علم الفلك في جامعة هارفارد، والذي يقول إن السيناريو الأكثر مصداقية هو أن "أومواموا" كانت مركبة خارج كوكب الأرض.
هذه الفرضية المثيرة للجدل دافع عنها عام 2021 في كتاب بعنوان "العلامة الأولى للحياة الذكية خارج كوكب الأرض".
وعما توصلت إليه الدراسة الجديدة في مجلة "نيتشر"، أوضح عالم الفيزياء الفلكية أن القول بأن المذنّب ليس له ذيل "يشبه القول بأن الفيل حمار وحشي بلا خطوط".
وذكّر أن المذنّب "تو آي/ بوريسوف"، الزائر الثاني من خارج النظام الشمسي الذي رُصد عام 2019، كان لديه ما يشبه كتل شعر طويلة من الغبار.
وتعليقاً على ذلك، قالت جينيفر بيرغنر إنه إذا كان "أومواموا" عديم الذيل، فمردّ ذلك على الأرجح إلى كونه أصغر بكثير من جميع المذنّبات التي لوحظت حتى الآن، بما فيها ذلك "تو اي/بوريسوف". وقد يتغير الوضع قريباً. فمن المتوقع أن تكتشف الملاحظات من تلسكوب "فيرا-سي. - روبن" في تشيلي، والتي ستبدأ في عام 2025، العديد من المذنّبات الجديدة داخل النظام الشمسي وخارجه.
وأضافت عالمة الكيمياء الفلكية أنه إذا أظهرت المذنّبات الأصغر علامات إطلاق الهيدروجين المحاصر، ولم يكن لديها ذيل، مثل "أومواموا"، فإن ذلك سيؤكد النظرية.
أما فيما يتعلق بإمكانية وجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض، فإن "كل شيء يعتمد على مستوى الإثبات المطلوب" لتأكيدها، وفق الباحثة.
وختمت بيرغنر قائلة "لن نعرف أبداً ما هو أومواموا - فقد ضيّعنا فرصتنا. لكن في الوقت الحالي، أعتقد أننا نقدّم تفسيراً مقنعاً عن ذلك لا يرتبط بوجود أجسام من خارج الكوكب".
aXA6IDMuMTM2LjI2LjE1NiA=
جزيرة ام اند امز