«محادثات النووي» في نيويورك.. إيران تعقب والوكالة الذرية تتحرك

إيران تؤكد أن المشاورات بشأن العقوبات ستستمر مع الأطراف المعنية، وذلك بعد مباحثات جمعتها مع «الترويكا الأوروبية» في نيويورك.
جاء ذلك في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية رسمية، الثلاثاء، عن وزير الخارجية عباس عراقجي، وفق وكالة رويترز.
وقال عراقجي في بيان أعقب اجتماعه مع نظرائه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في نيويورك، إن إيران ستواصل المشاورات بشأن العقوبات مع جميع الأطراف المعنية.
بدوره، قال المرشد الإيراني علي خامنئي الثلاثاء إن إيران "لن تستسلم" لضغوط غربية تمارس عليها للتخلي عن تخصيب اليورانيوم، وهي نقطة خلافية كبرى مع دول عدة تتقدمها الولايات المتحدة.
وجاء في خطاب متلفز لخامنئي "في العقود الماضية والتي طوّرنا خلالها أنشطتنا النووية في إيران، تعرض بلدنا لضغوط كبيرة".
وتابع "يقول الجانب الأمريكي: عليكم ألّا تخصّبوا على الإطلاق"، مضيفا "لم ولن نستسلم للضغوط في قضية تخصيب اليورانيوم. وفي أي قضية أخرى أيضا، لم ولن نستسلم للضغوط".
وقال خامنئي الثلاثاء "من المستحيل التفاوض مع محاور كهذا (...) إن أي تفاوض مع الولايات المتحدة بشأن النووي (...) محكوم بالفشل".
ولفت إلى أن التفاوض مع الولايات المتحدة "ليس فقط لا يعود بالفائدة، بل يتسبب أيضا بأضرار كبيرة في الظروف الحالية والتي يمكن وصف بعضها بأنها غير قابلة للإصلاح".
وأشار الى أن واشنطن حددت "سلفا نتيجة هذه المفاوضات، وهي: وقف التخصيب النووي في إيران. هذا ليس تفاوضا، بل إملاء".
فيما أعلن رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن فريقا من المفتشين في طريقه إلى إيران ليكون مستعدا في حال توصلت طهران والقوى الأوروبية إلى اتفاق هذا الأسبوع لتجنب إعادة فرض العقوبات الدولية.
وفي حديثه لرويترز على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال غروسي إنه يجري محادثات "مكثفة" مع إيران والقوى الأوروبية والولايات المتحدة لإيجاد حل.
وأضاف "أمامنا بضع ساعات، وربما أيام، لنرى ما إذا كان بالإمكان تحقيق شيء ما، وهذا هو الجهد الذي نبذله جميعا".
وتجري دول أوروبية مباحثات مع إيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، سعيا للتوصل إلى تفاهم بشأن برنامج طهران النووي، قبل أيام من إعادة فرض عقوبات دولية.
وبدأ وزراء خارجية دول الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، إضافة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اجتماعا مع نظيرهم الإيراني عند الساعة 14,00 ت غ لمواصلة المباحثات المكثفة التي بدأت قبل أشهر بشأن ملف طهران النووي.
مهلة
أمام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مهلة حتى منتصف ليل السبت للتوصل إلى توافق مع نظرائه الألماني يوهان فاديفول والبريطانية إيفيت كوبر والفرنسي جان نويل بارو والأوروبية كايا كالاس، يحول دون إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي كانت معلّقة بموجب اتفاق أُبرم عام 2015.
وأقر مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي إعادة فرض هذه العقوبات، بعدما فعّلت الدول الأوروبية "آلية الزناد" المنصوص عليها في الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه في العام 2018، وأعادت فرض عقوبات على طهران.
وقال الوزير الألماني للصحفيين "يجب ألا تحصل إيران على سلاح نووي أبدا، ولهذا السبب نجتمع مجددا اليوم".
وأضاف "مع ذلك... فرص التوصل إلى حل دبلوماسي قبل فرض العقوبات ضئيلة جدا".
والأسبوع الماضي، تبادل الإيرانيون والأوروبيون الاتهام بالتسبب بفشل الجهود الدبلوماسية بعدما وافق مجلس الأمن على إعادة فرض العقوبات، والتي يُفترض أن تدخل حيز التنفيذ الأحد، ما لم يتم اتخاذ قرار لتمديد تخفيف العقوبات الذي تمّ بموجب اتفاق 2015.
ولطالما شكّل البرنامج النووي ملفا شائكا في علاقات إيران مع الدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة وإسرائيل، العدو اللدود لطهران.
وتشتبه الدول الغربية وإسرائيل بأن إيران تسعى إلى امتلاك قنبلة ذرية، وهو ما تنفيه طهران مؤكدة حقها في مواصلة برنامجها النووي لأغراض مدنية.
وعلّقت إيران مشاركتها في مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، عقب الحرب التي بدأتها إسرائيل في يونيو/ حزيران الماضي واستهدفت خلالها منشآت نووية عسكرية ومواقع مدنية. وتدخلت واشنطن في هذه الحرب عبر قصف ثلاث منشآت نووية إيرانية.
شروط وتنسيق
وضع الأوروبيون ثلاثة شروط لتمديد فترة تخفيف العقوبات وهي استئناف المفاوضات المباشرة وغير المشروطة، ووصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل إلى المواقع النووية، والحصول على معلومات دقيقة عن مواقع المواد المُخصّبة.
من جانبها، تتهم طهران الأوروبيين بممارسة ضغوط سياسية تؤثر سلبا على المناقشات، وتقول إنها طرحت على الطاولة مقترحا "متوازنا" لم يتم الكشف عن تفاصيله.
في غضون ذلك، يظل دور الولايات المتحدة أساسي في القضية رغم انسحابها من الاتفاق أثناء الولاية الأولى لدونالد ترامب.
وأبرمت الدول الأوروبية الثلاث إلى جانب الولايات المتحدة والصين وروسيا عام 2015 مع إيران الاتفاق المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" والذي نص على فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني وضمان سلميته، مقابل رفع العقوبات الدولية عن طهران.
وسحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 وفرض عقوبات على طهران ضمن سياسة "الضغوط القصوى" التي اعتمدها حيالها.
وردا على ذلك، تراجعت طهران عن بعض التزاماتها، لا سيما في ما يتعلق بمستويات تخصيب اليورانيوم.
والأسبوع الماضي، عرض وزراء خارجية الترويكا الأوروبية مجدّدا على نظيرهم الإيراني تمديد العمل بقرار مجلس الأمن 2231 لتمديد فترة رفع العقوبات ستة أشهر وتيسير التوصّل إلى اتفاق جديد في الأثناء، حتّى لو كان بصيغة مؤقتة.