انهيار النفط واشتعال الغاز.. ماذا يحدث في أسواق الطاقة؟
سقطت أسعار النفط فجأة وفقد خام برنت أكثر من 10 دولارات للبرميل في أثناء التعاملات اليوم الثلاثاء، بينما اشتعلت أسعار الغاز.
إذ غطت المخاوف حيال ركود اقتصادي عالمي محتمل يقلص الطلب على الخام على القلق من تعطل في الإمدادات.
وتراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 10.77 دولار، أو 9.5 بالمئة، إلى 102.73 دولار للبرميل بحلول الساعة 1543 بتوقيت جرينتش.
وانخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 9.30 دولار، أو 8.6 بالمئة، إلى 99.13 دولار للبرميل.
يأتي ذلك في ظل تحذيرات وكالة الطاقة الدولية بتعرض القارة الأوروبية لنقص شديد في إمدادات الغاز.
بجانب أن بنك سيتي جروب قد حذر في تقرير حديث من احتمالية سقوط أسعار النفط إلى مستويات بين 65 دولارا إلى 45 دولارا للبرميل بنهاية العام، إذا حدث ركود في الطلب في ظل ارتفاعات الأسعار واشتعال التضخم الذي قد يكود إلى حالة من الركود.
أسعار الغاز تشتعل
كذلك قفزت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء إلى أعلى مستوياتها في أربعة أشهر، بالتزامن مع إغلاق ثلاثة حقول نفط وغاز في النرويج بسبب إضراب العمال.
وفي المقابل انخفضت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا في ظل تعطل خط الغاز الرئيسي نورد ستريم 1 إلى يمد ألمانيا وأوروبا بالغاز وسط أنباء باستمرار تعثر الإمدادات للقيام بأعمال صيانة.
ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في هولندا تسليم يوليو بنسبة 4% إلى 168.75 يورو لكل ميجاوات، بعدما وصلت إلى 175 يورو لكل ميجاوات في التعاملات المبكرة، وهو أعلى مستوياتها منذ مطلع مارس.
سيتي جروب تتوقع سقوطا عنيفا
وفي مذكرة حديثة حذر بنك سيتي جروب المصرفية الأمريكية، من احتمال انهيار أسعار النفط العالمية وتراجعها إلى 65 دولارًا للبرميل بنهاية العام الحالي، ثم إلى 45 دولارًا للبرميل في العام المقبل، إذا انهار الطلب على الطاقة بسبب الركود الاقتصادي.
وقال المحللان في سيتي جروب فرانسيسكو مارتوكسيا وإيد مورس، إن هذه التوقعات تستند إلى عدم حدوث أي تدخلات من جانب تجمع أوبك بلس للدول المصدرة للنفط وتراجع الاستثمار في قطاع النفط.
وكانت أسعار النفط سجلت ارتفاعات كبيرة خلال العام الحالي بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير الماضي، في حين تحاول بنوك الاستثمار وضع تصوراتها للعام المقبل في ضوء زيادة أسعار الفائدة وتزايد مخاطر الركود الاقتصادي.
ويقارن تقرير سيتي جروب بين الأوضاع الراهنة وأزمة للطاقة التي ضربت العالم في سبعينيات القرن الماضي والتي أعقبها ركود اقتصادي أدى إلى انهيار أسعار النفط.
قرار من أرامكو
وقررت أرامكو رفع سعر البيع الرسمي إلى آسيا لخامها العربي الخفيف للشهر الثاني على التوالي، إلى 9.30 دولارا للبرميل فوق متوسط عمان / دبي لشهر أغسطس/آب، بارتفاع 2.80 دولارًا عن يوليو الجاري.
وحددت السعودية سعر البيع الرسمي لشحنات الخام العربي الخفيف لشهر أغسطس إلى أوروبا، بارتفاع 1 دولار، عند علاوة قدرها 5.30 دولار للبرميل فوق خام برنت.
وقررت تثبيت سعر البيع الرسمي للشحنات إلى الولايات المتحدة، عند علاوة قدرها 5.65 دولار للبرميل فوق مؤشر أرغوس.
جي بي مورجان له رأي مختلف
قال محللون في جيه بي مورجان تشيس إن سعر برميل النفط قد يتضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف إذا قررت روسيا خفض إنتاجها وسط ارتفاع قياسي في أسعار الغاز.
ويبلغ السعر الحالي لبرميل النفط حوالي 110 دولارات، لكن هذا قد يرتفع إلى 380 دولار للبرميل إذا عملت روسيا على خفض الإنتاج، حسبما كتب تحليل جي بي مورجان في مذكرة حديثة.
وكتب المحللون فيما وصفوه بأنه أسوأ سيناريو "من المحتمل أن تنتقم الحكومة من خلال خفض الإنتاج كوسيلة لإلحاق الأذى بالغرب".
فيتول تحذر من مخاطر الطلب
وحذرت أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط في العالم من أن الارتفاع العالمي في تكلفة الوقود يلقي بظلال سلبية على الطلب، وقال مايك مولر، رئيس قسم آسيا في فيتول غروب إن المستهلكين تضرروا من ارتفاع أسعار البنزين والديزل والمنتجات النفطية الأخرى.
وأضاف رئيس قسم آسيا في فيتول، أن هناك أدلة واضحة للغاية على وجود ضغوط اقتصادية ناجمة عن ارتفاع الأسعار، وهو ما يشير إليه البعض على أنه سيدمر الطلب، ليس على النفط فقط، بل أيضاً على الغاز الطبيعي المسال.
كارثة في أوروبا
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية انخفاض تدفقات الغاز من روسيا إلى أوروبا بنسبة 40% في عام 2022، مع ارتفاع واردات الغاز الطبيعي المسال، وترى أيضًا انخفاض الطلب على الوقود في أوروبا 9% هذا العام إلى ما دون مستويات 2020.
وتوقعت الوكالة ضعف الطلب العالمي على الغاز الطبيعي خلال الثلاث سنوات القادمة، مع التأثير السلبي لارتفاع الأسعار والتهديد بمزيد من التخفيضات في الإمدادات الروسية على الاستهلاك.
وقالت الوكالة إن استهلاك الغاز قد يتراجع 0.5% هذا العام، نتيجة انخفاض النشاط الاقتصادي في آسيا والانخفاض الحاد في الطلب الأوروبي على الغاز.
وقالت الوكالة إن الأسعار القياسية الحالية واضطرابات الإمدادات تدمر سمعة الغاز الطبيعي كمصدر موثوق به وذي أسعار معقولة للطاقة.
إضراب في النرويجي وأزمة ليبية
ومن المتوقع أن يؤدي إضراب العمال في النرويج الذي بدأ اليوم إلى خفض إنتاج النفط والغاز بمقدار 89 ألف برميل من النفط المكافئ يوميًا، يأتي ذلك بالتزامن مع تعثر الإمدادات الليبية في ظل الاضطرابات التي تشهدها البلاد.
بينما سيرتفع الانخفاض غدًا، إذ سينخفض إنتاج النفط بمقدار 130 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من الأربعاء، وهو ما يمثل حوالي 6.5% من إنتاج النرويج.
يأتي ذلك تزامنًا مع انخفاض الشحنات الروسية المتجهة إلى آسيا بنسبة 15% للأسبوع الرابع على التوالي، لتصل أدنى مستوياتها منذ 15 أبريل/نيسان حيث بلغت حتى مطلع يوليو/تموز 3.46 مليون برميل يوميًا.