«فلسطين أكشن» تختبر بريطانيا.. استقالة بصمت واحتجاج بصوت مكبوت

بين الحظر والاحتجاج، تعيش بريطانيا لحظة اختبار «سياسي» و«أخلاقي»، بعدما تحولت حركة «فلسطين أكشن» من «جماعة ضغط» إلى «منظمة محظورة»، تُعامل كـ«كيانات إرهابية كبرى».
فبينما اعتقلت الشرطة 55 شخصاً خلال مظاهرة أمام البرلمان، جاءت الاستقالة الرمزية للمؤثرة الحكومية نيكولا ثورب كـ«صفعة مُحرجة» لحكومة ترى في الحظر صمام أمان، بينما يراها معارضوها «خنقاً» للضمير العام، بحسب صحيفة «التلغراف».
وفي الوقت الذي تتهم فيه وزارة الداخلية «فلسطين أكشن» بالتحريض، يراها مؤيدوها «الصوت الأكثر جذرية ضد التواطؤ البريطاني في حرب غزة».
فما القصة؟
في قرار تزامن مع اعتقالات شنتها الشرطة البريطانية، قطعت الممثلة السابقة في مسلسل «كورونيشن ستريت» وإحدى المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي نيكولا ثورب، علاقاتها بوزارة الداخلية، بعد حظر حركة «فلسطين أكشن».
وكانت وزارة الداخلية تستفيد من خدمات ثورب وتأثيرها الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للسياسات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات.
إلا أنه في منشور على «إنستغرام»، قالت ثورب إنها لم تعد قادرة على «الترويج والعلاقات العامة» لوزارة الداخلية، مدعية أن الوزارة الحكومية «متواطئة في أفظع أعمال العنف ضد النساء والفتيات الصغيرات في غزة، بينما حظرت منظمة فلسطين أكشن ».
وقطعت ثورب علاقاتها مع الحكومة بعد طلب منها القيام بمزيد من الترويج على وسائل التواصل الاجتماعي لاستراتيجيتها لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، التي تقودها جيس فيليبس، وزيرة الداخلية.
وأضافت: «جاء هذا الطلب بعد وقت قصير من إعلان وزيرة الداخلية إيفات كوبر أنها ستحظر حركة فلسطين باعتبارها منظمة إرهابية، وهذا جعلني أفكر حقا في مشاعري تجاه هذه الحكومة على وجه الخصوص».
اعتقالات
ويوم السبت، قالت شرطة العاصمة البريطانية لندن إنها اعتقلت 55 شخصا خلال مسيرة نظمتها حركة "فلسطين أكشن" المحظورة أمام مبنى البرلمان.
وذكرت الشرطة في منشور على منصة «إكس» أن الحشد تجمع في ساحة البرلمان وأخذ يلوح بلافتات تدعم الحركة التي حُظرت هذا الشهر بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وكان بعض المحتجزين يرتدون الكوفية الفلسطينية.
وفي العام الماضي، لعبت ثورب دورًا في إعلان سياسة جديدة لمكافحة الملاحقة تسمى «الحق في المعرفة»، والتي تسمح للضحايا بمعرفة هوية الملاحق.
وتعرضت لملاحقة عبر الإنترنت من قبل رجل حُكم عليه لاحقًا بالسجن لمدة 30 شهرًا وأمر تقييدي مدى الحياة، لكن الشرطة أخبرتها أنها لا تستطيع الكشف عن هويته.
وواصلت ثورب انتقاد الحكومة بسبب مراقبتها للمحتجين المؤيدين للفلسطينيين في المملكة المتحدة.
ونشرت مؤخرًا مقطع فيديو لضابط شرطة مسلح يهدد باعتقال متظاهر يحمل علمًا فلسطينيًا، وكتبت: «هذه بريطانيا إيفيت كوبر». ووصفت الحادثة بأنها «لا تُصدق»، وتساءلت: «أين دعاة حرية التعبير الآن؟»>
ورفضت ثورب أيضًا دعوة لحضور مؤتمر حزب العمال في سبتمبر/أيلول الماضي، كجزء من لجنة حول العنف ضد المرأة والفتيات التي نظمتها الجمعية الوطنية لمنع القسوة على النساء.
وقالت ردا على الطلب: «لقد أوقفت عملي مع حكومة حزب العمال الحالية ولن أعزز بعد الآن أيًا من الأعمال التي يقومون بها لمعالجة العنف ضد النساء والفتيات».
وتابعت: «في حين أنني أؤيد بالتأكيد الجهود والسياسات المحلية الموضوعة للحد من العنف ضد النساء والفتيات في المملكة المتحدة، فإن استمرارهم في توريد تراخيص الأسلحة لإسرائيل إلى جانب موقفهم كحليف للجيش الإسرائيلي هو أمر منافق للغاية (..) إنها بحاجة إلى التوقف عن الإشارة إلى الفضيلة».
الداخلية ترد
وقال كريس فيلب، وزير الداخلية في حكومة الظل، إن ثورب يجب أن «jتوقف عن التلميح إلى الفضيلة»، مضيفًا: «حركة فلسطين أكشن هي جماعة عنيفة تريد تحقيق أهدافها السياسية من خلال الإكراه والتدمير الجنائي (..) لقد خربوا طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، التي يعتمد عليها بلدنا للدفاع عنا، وحطموا ممتلكات، بل وهاجموا شرطيًا بمطرقة ثقيلة. كل هذا مرفوض تمامًا».
وتابع: «في هذا البلد، نحسم القضايا بالنقاش والانتخابات، لا بالعنف والترهيب. يجب على كل من يؤمن بالديمقراطية والعملية السياسية السلمية إدانة أساليب حركة فلسطين. على هذا المؤثر أن يتوقف عن الترويج للفضيلة على إنستغرام، وأن يفضح أساليب حركة فلسطين العنيفة». ورفضت وزارة الداخلية التعليق.
ومنذ جائحة كورونا، لجأت الدوائر الحكومية بشكل متزايد إلى استخدام مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي، سواءً أكانوا مدفوعي الأجر أم لا، للترويج لمجالات سياسية معينة لجمهور قد لا تصله وسائل الإعلام التقليدية. وعلمت صحيفة «التليغراف» أن جميع أعمال ثورب مع وزارة الداخلية كانت تطوعية.
وفي عام 2020، دفعت الحكومة المحافظة السابقة أموالاً للمؤثرين الذين ظهروا في برنامج Love Island، وهو برنامج تلفزيون الواقع، للترويج لإطلاق خدمة الاختبار والتتبع التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وفي شهر مارس/آذار من هذا العام، نشرت دائرة الاتصالات الحكومية (GCS) سياسة العناية الواجبة بالمؤثرين، والتي تحدد كيف ينبغي لموظفي الخدمة المدنية التحقق من المؤثرين قبل أن يطلبوا منهم المشاركة في الحملات.
ماذا نعرف عن «فلسطين أكشن»؟
- حركة «فلسطين أكشن» من بين الجماعات التي دأبت على استهداف شركات الدفاع وغيرها من الشركات البريطانية التي ترتبط بعلاقات مع إسرائيل منذ بدء الصراع في غزة.
- ألقت الشرطة القبض على عشرات من أنصارها خلال مسيرات في أنحاء بريطانيا منذ فرض الحظر.
- 2 يوليو/تموز الجاري.. وافق البريطاني على حظرها باعتبارها منظمة إرهابية
- تصف الحركة نفسها بأنها حركة ضغط مباشر لا تستبعد استخدام الأساليب التخريبية.
- دأبت الحركة على استهداف شركات في بريطانيا مرتبطة بإسرائيل منها شركة الدفاع الإسرائيلية إلبيت سيستمز التي وصفتها بأنها «هدفها الرئيسي».
- اتهمت حكومة حزب العمال البريطانية الحركة بالتسبب في أضرار بملايين الجنيهات الإسترلينية من خلال عملية بمصنع تاليس في 2022 وموقع لشركة إلبيت العام الماضي وقاعدة سلاح الجو الملكي في جنوب إنجلترا الشهر الماضي، وهو ما كان الدافع وراء قرار حظرها.
- وصفت حظرها بأنه غير مبرر و«إساءة استخدام للسلطة»
آثار الحظر:
- من شأن الحظر تصنيف الحركة رسميا منظمة إرهابية على قدم المساواة مع تنظيمي داعش أو القاعدة بموجب القانون البريطاني
- دعم أي من هذه الجماعات أو الانتماء لها يعد جريمة.
- وتم التصويت على الجماعات الثلاث معا، مما يعني أنه يجب حظرها جميعا أو عدم حظر أي منها.
- وبالإضافة إلى حركة فلسطين أكشن، يشمل أمر الحظر الذي أقره البرلمان البريطاني جماعة مانياكس ميردر كالت التي تنتمي لتيار النازية الجديدة، والحركة الإمبراطورية الروسية، وهي جماعة عنصرية بيضاء تسعى إلى إنشاء دولة إمبراطورية روسية جديدة.
- ويمنح القانون البريطاني لوزير الداخلية صلاحية حظر أي جماعة إذا كان يُعتقد أنها ترتكب الإرهاب أو تشجعه أو "متورطة فيه بأي شكل آخر".