فلسطينية تواجه البطالة بالصابون الطبي
فدوى القرا تسعى إلى زيادة نسبة إنتاجها بالحصول على مشاريع تمويل إضافية، لتواصل تحقيق حلمها بإنشاء أول مصنع للصابون العلاجي في قطاع غزة
في محاولة للتغلب على أزمة البطالة في بلادها لجأت الشابة الفلسطينية فدوى القرا إلى صناعة الصابون الطبي في منزلها، لتكون أول خريجة من قسم العلوم الطبية والمخبرية في قطاع غزة تخوض هذا المعترك، لتثبت أن الإرادة أقوى من البطالة.
فكرة شخصية تشعل شرارة البداية
تقول فدوى القرا، 26 سنة، لـ"العين الإخبارية" "البداية كانت بعد تخرجي في جامعة الأقصى عام 2016، وبحثي عن عمل لكي أواصل مشوار حياتي، وأسدد ديونا تراكمت عليّ بسبب المصاريف وتكاليف الدراسة الجامعية، إلا أنني فشلت بإيجاد وظيفة لظروف البلد الصعبة، وندرة الوظائف الرسمية، وشح سوق العمل في القطاع الخاص، ففكرت أن أعيد تجارب ما تعلمته في دراستي لصناعة صابون علاجي يساعدني على الاستخدامات الشخصية".
وأضافت "بعد عدة محاولات نجحت في صناعة صابون طبي يعالج البشرة وأمراضها، ويجمّل الشعر، وبسماع زميلاتي عن نجاح التجربة طلبن مني أن أصنع لهن الصابون بشكل خاص، وحققت لهن طلبهن وتوسعت الفكرة لتصبح مشروعاً، وتم عرضه على جمعية المستقبل الشبابي وإنقاذ الطفل في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، وبعد فترة دراسة تمت الموافقة على تنفيذ المشروع".
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن بطالة الخريجين الشباب تجاوزت 55%، حيث بلغ معدل البطالة بين الخريجين (15-29 سنة) من حملة الدبلوم المتوسط فأعلى 55.8% خلال العام الحالي (37.8% للذكور و72.0% للإناث) مقارنة مع 41.5% في عام 2007 (31.7% للذكور و52.5% بين الإناث).
الإرادة أم الانتصارات
وتتابع الشابة الفلسطينية حديثها عن تجربتها فتقول: "بعد موافقة جمعية المستقبل الشبابي وإنقاذ الطفل على المشروع، الذي موله الألمان، بدأت بتوسيع نشاطي وصناعة الصابون العلاجي، وأدخلت عليه الكثير من زيوت الأعشاب الطبيعية لتحسين مستوى العلاج فيه، كزيت الكركديه وزيت الزيتون والنعناع والميرمية والكركم وزيت الخروع، كما طورت أدواتي في استخراج الصابون بالشكل الذي يزيد من الإنتاج، ويسرع من عملية التصليب، مع فتح صفحات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لترويج المنتج بكل مهنية، ودون وسيط بيني وبين الراغبين باقتناء الصابون الطبي".
وتوضح "كل هذا لم يتجاوز المكان الضيق الذي أصنع فيه الصابون، وهو مكان صغير ملحق بمنزلي، لأنني لم أدخل بعد الماكينات ولا أجهزة التصنيع الخاصة، بل عملي كله يدوي إلى الآن، ولا أشارك أحداً في صناعة الصابون، لأنني لا أستطيع أن أدفع أجرة عمال، والمردود لا يزال متواضعاً نسبة إلى الإنتاج والبيع".
أزمات معيقة على طريق الأحلام
ولا تخفي القرا المتاعب وانعكاس الأزمات التي يعيشها قطاع غزة على عملها، منها انقطاع الكهرباء الذي يحدد برنامج العمل، وهذا يعني لها أنها أسيرة مزاج شركة الكهرباء في قطاع غزة، كما أنها تعاني ارتفاع أسعار المواد التي تدخل في صناعة الصابون، ولا تجد في المواد المغشوشة بديلاً، لأنها لا تعتمد على الصناعة التجارية، بل تسعى إلى صناعة اسم ينتشر بنزاهة ومهنية عالية.
وتقول فدوى القرا "رغم زواجي بعد التخرج مباشرة، لم أبتعد في تحقيق حلمي والاستفادة من العلم الذي تحصلت عليه، ولم أكن كأغلب المتزوجات اللاتي ينسين دراستهن ويشغلن أنفسهن في البيوت، وقضاء معظم أوقات الفراغ أمام شاشات المحمول والتلفاز والأحاديث غير المجدية، لذا اخترت أن أسوي بين واجباتي المنزلية وتحقيق طموحي ومساعدة زوجي في تحمل أعباء الحياة الصعبة في قطاع غزة، ولذلك أجد نفسي في عملي وصناعتي للصابون العلاجي، وأطمح أن أكون مصدر فخر لابنتي الوحيدة التي أنجبتها قبل أشهر، وتتحمل بعض العنت بغيابي عنها".
وتسعى فدوى القرا إلى زيادة نسبة إنتاجها بالحصول على مشاريع تمويل إضافية، لتواصل تحقيق حلمها بإنشاء أول مصنع للصابون العلاجي في قطاع غزة لتشغيل الخريجات زميلاتها في المصنع، ومواجهة شبح البطالة الذي يحبط كل خريج ويقضي على أحلامه.