«ليو الرابع عشر».. ماذا يكشف الاسم عن خطط البابا الجديد المستقبلية؟

في حدث تاريخي شهدته ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، أعلن مجمع الكرادلة مساء الخميس عن انتخاب الكاردينال الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست (69 عامًا) ليصبح الحبر الأعظم الجديد للكنيسة الكاثوليكية،
بعد انتخاب أول أمريكي لقيادة الكنيسة الكاثوليكية.. من هو البابا ليو الرابع عشر ؟
حمل الكاردينال بريفوست اسم البابا ليو الرابع عشر. بذلك، وأصبح أول أمريكي يتولى هذا المنصب في تاريخ الكنيسة الذي يمتد لأكثر من ألفي عام، بعد أن أمضى سنوات طويلة في العمل التبشيري في البيرو، يشغل حاليًا منصب رئيس دائرة الأساقفة في الفاتيكان، وهو أحد أبرز المواقع ذات النفوذ في الكنيسة. واختياره يأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث تخوض الكنيسة الكاثوليكية مرحلة من التحولات، وسط تحديات داخلية وخارجية معقدة.
أطلّ البابا الجديد على الجماهير من شرفة كنيسة القديس بطرس بكلمات مقتضبة ومباشرة قائلاً: «السلام معكم جميعاً»، في أول خطاب علني له بعد إعلان "Habemus Papam" – "لدينا بابا"، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة في حياة الكنيسة.
دلالات اسم "ليو"
اختيار الاسم البابوي يُعد أحد أول المؤشرات الرمزية لتوجهات البابا الجديد، ويحمل دلالات تاريخية عميقة. فقد ارتبط اسم "ليو" بالقوة والحزم، خاصة في الفترات التي شهدت أزمات أو تحولات داخل الكنيسة.
البابا ليو الثالث عشر، الذي تولّى القيادة من عام 1878 حتى 1903، عُرف بمواقفه المؤثرة في قضايا العمل والعدالة الاجتماعية. أما البابا ليو الأول، المعروف بلقب "العظيم"، فقد تولى البابوية من عام 440 إلى 461، وكان من أبرز الشخصيات التي واجهت التهديدات العسكرية والفكرية لعقيدة الكنيسة في تلك الحقبة.
الكاهن الكاثوليكي والمدوّن إد توملينسون علّق على الاسم قائلاً إن "اختيار اسم ليو يشير إلى شخصية قادرة على المواجهة في أوقات الصراع"، مشيرًا إلى أن البابا الجديد قد يتبنى مواقف مشابهة للاتجاه الإصلاحي الذي اتسمت به فترة البابا فرنسيس.
كيف تُختار الأسماء البابوية؟
في القرون الأولى، كان البابوات يحتفظون بأسمائهم الأصلية. لكن منذ القرن السادس، بدأ التقليد بتبني اسم جديد عند انتخاب البابا. وكانت البداية عندما غيّر البابا مرقوريوس اسمه إلى يوحنا الثاني نظرًا لأن اسمه الأصلي يرتبط بإله وثني.
خلال العصور الوسطى، بدأ البابوات يختارون أسماء خلفائهم أو من منحهم رتبة الكاردينال، كتعبير عن الامتداد والتكامل. أما في القرنين الأخيرين، فبدأت الأسماء تعكس توجهات عقائدية أو إصلاحية.
المؤرخ الكنسي روبيرتو ريغولي من جامعة الغريغوريانا البابوية في روما، أشار إلى أن "الاسم الذي يختاره البابا يعكس الأفق الذي ينوي السير نحوه"، وهو ما يعكس جدية وتأثير هذا القرار الرمزي.
أسماء لها أبعاد مختلفة
فرانسيس:
الاسم الذي اختاره البابا السابق فرنسيس في 2013، مستلهمًا من القديس فرنسيس الأسيزي، رمز التواضع ورعاية الفقراء والطبيعة. الاسم حمل إشارات إلى انفتاح الكنيسة على المهمشين والسلام وقضايا البيئة.
بندكت:
استخدمه الكاردينال جوزف راتسينغر عند انتخابه في 2005، إشارة إلى البابا بندكت الخامس عشر الذي قاد الكنيسة في الحرب العالمية الأولى، والقديس بندكت مؤسس الرهبنة الغربية. الاسم عبّر عن محاولة لإعادة إحياء الإيمان المسيحي في أوروبا.
يوحنا بولس:
أول اسم مركب في تاريخ البابوية، اختاره الكاردينال ألبينو لوتشياني عام 1978 تكريمًا للباباوين يوحنا الثالث والعشرين وبولس السادس، وعبّر عن التزام بمتابعة إصلاحات المجمع الفاتيكاني الثاني. خليفته البولندي كارول فويتيوا تبنّى الاسم نفسه وأضاف إليه ثقلًا تاريخيًا كبيرًا.
بيوس:
استخدم كثيرًا في القرن العشرين من قبل باباوات اعتُبروا محافظين، مثل بيوس التاسع وبيوس العاشر والثاني عشر، وارتبط غالبًا بمواقف تقليدية صارمة أثارت انقسامًا داخل الكنيسة.
يوحنا:
اختير 23 مرة، آخرها من قبل يوحنا الثالث والعشرين في 1958، والذي فاجأ العالم بإطلاقه المجمع الفاتيكاني الثاني، رغم كونه شخصية لم يُتوقع منها الكثير عند انتخابه.
البابوية الأمريكية الأولى
رغم تعدد الجنسيات التي تبوأت الكرسي الرسولي في التاريخ، لم يسبق لأي أمريكي أن اعتلى هذا المنصب، ما يجعل انتخاب الكاردينال بريفوست حدثًا لافتًا يعكس التغير في تركيبة الكلية الانتخابية للكرادلة، والتوسع في حضور الكنيسة عالميًا.
العديد من المراقبين رأوا في هذا الانتخاب استمرارًا لما بدأه البابا فرنسيس من كسر التقاليد المركزية ومنح صوت أكبر للكنائس المحلية في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا.
وبينما تتجه الأنظار إلى الفاتيكان في انتظار التعيينات الأولى للبابا الجديد وخطبه القادمة، يبقى اسم "ليو الرابع عشر" بحد ذاته مؤشرًا أوليًا على رغبة واضحة في إظهار الحزم والتوازن في مرحلة لا تخلو من التحديات العقائدية والاجتماعية التي تواجه الكنيسة المعاصرة.
aXA6IDMuMTQ1LjE4MC4xOCA= جزيرة ام اند امز