"مبادئ الخمسين".. رؤية إماراتية للسلام والازدهار
رؤية شاملة ومتكاملة ترسم المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي للإمارات تضمنتها وثيقة مبادئ تحدّد توجهاتها للخمسين سنة المقبلة.
وثيقة "مبادئ الخمسين" التي تضم 10 مبادئ تم الكشف عنها قبل نحو شهر، وأصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، اليوم السبت، قرارا بشأن اعتمادها.
ونص القرار على توجيه جميع الوزارات والجهات والأجهزة الحكومية الاتحادية والمحلية في الدولة للالتزام بالمبادئ والاسترشاد بها في كافة توجهاتها وقراراتها، والعمل على تنفيذها عبر خططها واستراتيجياتها.
وتعد المبادئ العشرة بمثابة خارطة طريق استراتيجية لتحقيق الريادة الإماراتية بمختلف المجالات خلال الخمسين عاما القادمة، وصولا لتحقيق هدفها في "مئوية الإمارات 2071" بأن تكون الإمارات أفضل دولة في العالم، وأكثرها تقدماً.
وبموجب قرار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات الذي حمل رقم 15 لسنة 2021 بشأن اعتماد المبادئ العشرة لدولة الإمارات العربية المتحدة للخمسين عاما القادمة، فإن المبادئ العشرة أضحت مرجعاً لجميع مؤسسات الدولة.
وعلى جميع الجهات استلهامها والاسترشاد بها في القرارات والخطط والإستراتيجيات والتوجهات، لتسريع تحقيق أهدافها في تعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير علاقات إقليمية ودولية لتحقيق مصالح الدولة العليا ودعم أسس السلام والاستقرار في العالم.
توافق وتكامل
يزيد من فرص نجاح تطبيق المبادئ وتحقيق أهدافها سريعا ما تتميز به من سمات فريدة، وتعزيزها بمنهجية جديدة للعمل الحكومي الاتحادي تقوم على خمس محددات رئيسية.
وبعد نحو 3 أسابيع من الكشف عن المبادئ العشرة التي تتضمنها وثيقة المبادئ (قبل اعتمادها رسميا اليوم)، في 5 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الإمارات في 25 من الشهر نفسه تشكيل حكومة جديدة بمنهجية عمل جديدة ستركز على الأولويات الواردة في وثيقة مبادئ الخمسين .
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إن "الحكومة الجديدة ستعمل بالمنهجية الجديدة.. وستركز على الأولويات التي اعتمدها رئيس الدولة ضمن مبادئ الخمسين".
وتتسم المبادئ بالتكامل والشمولية والترابط والتداخل، حيث تتضمن جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والإنسانية والإغاثية، وتتكامل وتتداخل معا لتدعم بعضها البعض.
وكما ورد في المبادئ، فإن "هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد، وهدف الاقتصاد هو توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد"، والعمل على تعزيز روح الفريق، ومبدأ المسؤولية المشتركة، وتعزيز روح الانتماء والولاء.
وحسب المبادئ، فإن "ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات هي مهمة وطنية للمؤسسات كافة"، وفي مبدأ آخر، فإن "المؤسسات الوطنية مطالبة بتوحيد الجهود، والاستفادة المشتركة من الإمكانيات".
ونص المحدد الرابع للمنهجية الجديدة للحكومة على مبدأ المسؤولية المشتركة، حيث جاء فيه أن "الانتقال من المسؤولية المنفردة للوزارات إلى المسؤولية المشتركة لفرق العمل الميدانية، وسيتم توقيع عقود أداء مع هذه الفرق لتنفيذ المشاريع ومتابعتها من مجلس الوزراء."
أما المحدد الخامس فنص على أهمية تحقيق التكامل والتنسيق بين الجميع، وجاء فيه أنه "سيتم وضع سلم الحوافز والترقيات بناءً على أداء الفرق التنفيذية وقدرتها على إنجاز المشاريع التحولية المعتمدة من مجلس الوزراء وتحقيق التكامل والتنسيق فيما بينها."
أيضا تتسم تلك المبادئ بالبناء على إنجازات الماضي والعمل على تطوير الحاضر والتخطيط للنهوض بالمستقبل.
المبادئ العشرة تعكس جميعها روح الاتحاد وقيمه السامية؛ قيم التسامح والتعايش والخير والعطاء الإنساني التي شكلت ركائز أساسية في مسيرة دولة الإمارات، كما ستعبر عن تطلعاتها للمستقبل وطموحها الكبير لتحقيق الريادة العالمية.
هذه القيم هي التي ستحافظ على ديمومة التنمية للخمسين عاماً المقبلة، تستند أيضا على تنمية رأس المال البشري، فالإنسان هو الذي يصنع المشاريع، ولن يستطيع الإنسان تحقيق منجزات في دولة ليست لديها منظومة قيم إنسانية راسخة تحفظها وتحميها.
وفي هذا الصدد، أكد المبدأ الرابع أن "المحرك الرئيسي المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري"، تماما مثلما نص المحدد الثالث للمنهجية الجديدة للحكومة على الاعتماد على الكوادر الوطنية، حيث جاء فيه أنه "سيتم تحديد أولويات قطاعية يتبعها تحديد مشاريع تحولية واضحة.. وسيتم تشكيل فرق عمل وزارية لتنفيذ هذه المشاريع، والاعتماد على كوادرنا الوطنية ممن لديهم فهم عميق للميدان وآليات التغيير في تحديد الأولويات الحكومية الجديدة."
أيضا كان لافتا أن 6 من 10 مبادئ تحدّد توجهات الإمارات للخمسين سنة المقبلة، ركزت على سياستها الخارجية، عبر قيم تتوجها عاصمة للإنسانية وواحة للسلام.
تضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية، من بينها 6 مبادئ (الثالث والخامس والسادس والثامن والتاسع والعاشر ) تحدد بشكل مباشر معالم وتوجهات والتزامات وقيم ومهام السياسة الخارجية لدولة الإمارات خلال الخمسين عاما القادمة، وهو أمر يعكس مدى الاهتمام بريادة الإمارات عالميا وترسيخ مكانتها الإقليمية والدولية خلال الفترة القادمة.
القيم التي تضمنتها المبادئ الستة استندت على مبادئ السياسة الخارجية التي وضعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بشأن الالتزام بتعزيز الحوار والدبلوماسية وتحقيق السلم والأمن الدوليين والالتزام بدعم المبادرات التنموية والإنسانية وتعزيز العلاقات مع الدول في جميع أنحاء العالم، وتسير عليها القيادة الإماراتية التي تعمل دون كلل أو ملل على نشر السلام وتعزيز الأمن والسلم في مختلف أرجاء العالم.
أهداف سامية
الأولويات والأهداف التي تضمنتها المبادئ تدعم جميعها أيضا تحقيق الريادة العالمية، استنادا إلى تعزيز روح الاتحاد الذي يعد أعظم إنجازات دولة الإمارات، لذلك جاء هدف "تقوية الاتحاد" كأول مبدأ، بل وفي صياغة خاصة تعكس القيمة والأهمية التي يحملها هذا الهدف.
وجاء في المبدأ الأول أن "الأولوية الرئيسية الكبرى ستبقى تقوية الاتحاد"، وهذا الهدف الرئيسي ترتبط به بقية الأهداف والأولويات والتزامات الأخرى وهي كما وردت في المبادئ:
- بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم
- بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية
- توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد
- ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات
- ترسيخ الإمارات كعاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في المجالات العلمية والتقنية والرقمية
- ترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي
- العمل على بناء مؤسسات عابرة للقارات تحت مظلة دولة الإمارات
- تطوير التعليم واستقطاب المواهب
- تطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية مع المحيط الجغرافي يعتبر أحد أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة
أما أبرز الالتزامات التي تضمنتها تلك المبادئ فهي:
- الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية.
- ستبقى الإمارات داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية.
- الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هو الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات.
- السعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية.
عاصمة الإنسانية
أيضا تضمنت مبادئ وثيقة الخمسين قيما ومبادئ تجسد سياسة الإمارات الراسخة في مساعدة ودعم الشعوب ونجدة الملهوف والمستغيث في وطن عنوانه الإنسانية من أبرزها أن:
- المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً.
- لا ترتبط مساعدات الإمارات الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة.
- الاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات.
وفيما يلي نص المبادئ العشرة:
المبدأ الأول: الأولوية الرئيسية الكبرى ستبقى تقوية الاتحاد، من مؤسسات وتشريعات وصلاحيات وميزانيات وتطوير كافة مناطق الدولة كافة، عمرانياً وتنموياً واقتصادياً.
المبدأ الثاني: التركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، التنمية الاقتصادية للدولة هي المصلحة الوطنية الأعلى، وجميع مؤسسات الدولة في كافة تخصصاتها وعبر مستوياتها الاتحادية والمحلية ستكون مسؤوليتها بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الخمسين عاماً السابقة.
المبدأ الثالث: السياسة الخارجية لدولة الإمارات هي أداة لخدمة الأهداف الوطنية العليا، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية. هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد، وهدف الاقتصاد هو توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد.
المبدأ الرابع: المحرك الرئيسي المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري.
تطوير التعليم واستقطاب المواهب، والحفاظ على أصحاب التخصصات، والبناء المستمر للمهارات هو الرهان للحفاظ على تفوق دولة الإمارات.
المبدأ الخامس: حسن الجوار أساس للاستقرار. المحيط الجغرافي والشعبي والثقافي الذي تعيش ضمنه الدولة يعتبر خط الدفاع الأول عن أمنها وسلامتها ومستقبل التنمية فيها. وتطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية مع هذا المحيط يعتبر أحد أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة.
المبدأ السادس: ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات هي مهمة وطنية للمؤسسات كافة. دولة الإمارات هي وجهة اقتصادية واحدة، ووجهة سياحية واحدة، ووجهة صناعية واحدة، ووجهة استثمارية واحدة، ووجهة ثقافية واحدة، ومؤسساتنا الوطنية مطالبة بتوحيد الجهود، والاستفادة المشتركة من الإمكانيات، والعمل على بناء مؤسسات عابرة للقارات تحت مظلة دولة الإمارات.
المبدأ السابع: التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية، وترسيخها كعاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة القادمة للمستقبل.
المبدأ الثامن: منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية.
وستبقى الدولة داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية.
المبدأ التاسع: المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً. ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة.
والاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات.
المبدأ العاشر: الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هو الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والسعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية.