ألعاب الفيديو للأطفال.. كثيرها إدمان وقليلها علاج نفسي
خبراء يؤكدون أن ألعاب الفيديو تُصبح داءً عند الإفراط في استخدامها، بينما تكون علاجاً عند استخدامها في الحدود المقبولة
بينما تصنف تقارير حديثة إدمان ألعاب الفيديو بأنه مرض ينبغي علاجه، فإن هناك تجارب تُشرف عليها بعض المراكز الأمريكية المعنية برعاية أصحاب الهمم تنظر إليها باعتبارها علاجا نفسيا مهما.
وأدرجت منظمة الصحة العالمية العام الماضي "الاضطراب الناجم عن ألعاب الفيديو" على قائمتها للمشاكل الصحية، وهو قرار من المنتظر أن تصادق عليه الحكومات في مايو/أيار المقبل، وهو الأمر الذي يخشى معه التأثير على سمعة هذه الصناعة التي تستخدم كعلاج نفسي فعال لبعض الفئات.
ورغم ما يبدو أنه تعارض بين اتجاه يتعامل مع ألعاب الفيديو باعتبارها مرض واتجاه يصنفها كعلاج، فإن الدكتور منير عبدالمقصود، استشاري الطب النفسي بوزارة الصحة المصرية، يزيل هذه اللبس قائلاً لـ"العين الإخبارية": "هي داء عندما يتم الإفراط في استخدامها، بينما تكون علاجاً عندما يتم استخدامها في الحدود المقبولة".
وأضاف: "حدود الاستخدام المقبولة تخضع لتقييم أولياء أمور الأطفال، الذين ينبغي بدايةً أن يحسنوا اختيار اللعبة التي سيمارسها أبناؤهم ويضعوا حدوداً للاستخدام، بحيث لا تتعدى الساعة يومياً، وبخلاف ذلك فإن هذه الألعاب يمكن أن تكون ضارة على الصحة النفسية للطفل".
كما حذر من ألعاب تزيد من عدوانية الطفل، مثل الألعاب المبنية على العنف والقتل، ولكن في المقابل هناك ألعاب مفيدة، مثل المسابقات وكرة القدم والتلوين وتعلم الحروف.
وضرب عبدالمقصود مثلاً بلعبة "بابجي" التي دفعت طالباً إلى قتل مدرسته، قائلًا: "هذه اللعبة نموذج للألعاب الضارة، ومع ذلك كان يمكن التقليل من ضررها بمراقبة وقت استخدامها، والالتزام بشروط الاستخدام، وهي مخصصة لمن هم أكبر من 16 عاماً".
وأشار إلى تجربة للعلاج النفسي في بريطانيا استخدمت ألعاب الفيديو القائمة على المنافسة، حيث يتم تنظيم منافسات بين الأطفال المرضى والأصحاء لمساعدة المرضى المتعاملين مع مركز "Keech children’s hospice" وهو متخصص في رعاية الأطفل من ذوي الهمم، ومساعدتهم في تجاوز الأزمات النفسية.
وقال: "هذه المنافسات تشعر الطفل المريض بأنه طفل عادي، فإذا كان غير قادر على لعب كرة القدم مع الأصدقاء، لكنه يستطيع ممارسة لعبة الفيفا، ويتاح له التنافس مع أقرانه من الأصحاء".
وأياً كان نوع الاستخدام والهدف منه، شدد عبدالمقصود، على ضرورة عدم زيادة وقت التعرض للألعاب حتى لا يُصاب ذلك الطفل بنوع آخر من الأمراض النفسية، وهو الانطواء والانعزال عن الآخرين، إضافة لبعض الأمراض العضوية مثل تأثر قوته العضلية والحركية لاعتماده على تحريك أصابعه فقط، وزيادة فرصة الإصابة بالسمنة بسبب تراكم الدهون في الجسم، وتعرض الطفل لاضطرابات النمو والإدراك بسبب عدم حصوله على قسط كاف من النوم.
لم يختلف الدكتور خالد حلمي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية المصرية، مع الرأي السابق حول إمكانية توظيف ألعاب الفيديو في بعض الجوانب المفيدة، لكنه حذر من بُعد اجتماعي خطير له علاقة ببعض الألعاب العنيفة التي يجب إبعاد أبنائنا عنه.
وقال: "بعض هذه الألعاب تسبب خللاً في منظومة القيم في المجتمع، فالقاتل في هذه الألعاب هو الرابح، ولا يحاسب أو يسجن، وهذا يبني بعض القيم الخاطئة عند الطفل، التي قد يكون لها تأثير على سلوكه المستقبلي".
وأضاف حلمي: "للأسف ساعدت هذه الألعاب على ضعف العلاقات بين الأخوة داخل البيت الواحد، وتفضيل الطفل التعامل مع أصدقاء افتراضيين عن التواصل مع أخوته وأصدقائه، وهذا يؤدي إلى نشأه تنقصها التجارب، فيصبح عندما يكبر شخصية هشة، لأنه لم يحصل على المناعة الاجتماعية".
ولم يُبد شريف عبدالباقي، رئيس الاتحاد المصري للألعاب للإكترونية اعتراضاً على المخاطر النفسية والاجتماعية لألعاب الفيديو التي أوردها الخبراء، قائلًا لـ"العين الإخبارية": "ألعاب الفيديو مثلها مثل الطعام، عندما نتناوله في الحدود المسموح بها فهو مفيد، وعندما نفرط في تناوله يصبح مضراً".
وأضاف: "توجه الاتحاد حالياً هو تعظيم الإيجابيات بتنظيم منافسات تعتمد على ألعاب ذهنية وألعاب أخرى تعتمد على الواقع الافتراضي، وتتضمن قيام اللاعب بمجهود بدني للفوز".
وعن الألعاب العنيفة التي تسببت في حالة من الجدل مثل لعبة "بابجي" قال: "حادثة واحدة قيل إنها وقعت بسبب تلك اللعبة ليس مبرراً لنقول إنها السبب، فلابد من إجراء دراسة علمية حول هذه اللعبة التي يمارسها في مصر وحدها حوالي 10 ملايين شخص، حتى نقول إنها ضارة، وهذا ما نقوم به حالياً بالتعاون مع أقسام علم النفس الرياضي بكليات التربية الرياضية".