الخطة القطرية المتخبطة باليمن التي تهدف إلى استيلاء الإخوان على السلطة راحت تصوب اليوم نحو العلاقات السعودية الإماراتية المتينة.
عندما أطلقت الاستخبارات القطرية مسرحيتها الهزلية بتقليص التمويل المالي المقدَّم لحزب الإصلاح الإخواني اليمني، في نوفمبر 2018، لم يخطر ببال نظام قطر الهش، أن تلك المسرحية، كانت إعلانا عن التمويل الحقيقي الذي يحصل عليه حزب الإصلاح من الدوحة، وحين نفت الخبر ثلاث قنوات؛ هي سهيل، ويمن شباب، وبلقيس الفضائية، كما نفته بعض الصحف والمواقع الإخبارية المحسوبة على الإصلاح وقطر، كان ذلك دليلا على تأكيد الخبر والتمويل القطري في ساعة واحدة.
إصلاح الشرعية وليس شرعنة حزب الإصلاح في اليمن لن يحدث إلا بقطع التمويل القطري المالي والإعلامي واللوجستي عن حزب الإخوان الإصلاحي، سواء بالتحدث معهم مرة أخرى، ليعودوا إلى حضن الوطن لا حضن الحمدين أو بالكف عن المواجهة مع الجنوبيين ودعوة الجميع إلى طاولة مفاوضات
بدأ تنفيذ الخطة القطرية الفاشلة، التي دمرت اليمن لاحقا، برسم سيناريو الاحتجاجات الشعبية اليمنية في عام 2011 وتمويل حزب التجمع اليمني للإصلاح لإثارة الصراعات وأعمال الشغب وإضعاف السلطات التشريعية وتفكيكها، وهو سيناريو جعل إيران، التي علمت ما تريده قطر حرفيا لوضع خطة أخرى لتقوية الحوثيين للانقضاض على اليمن وعلى مؤسساته الشرعية واستغلال الإحباط الشعبي وتقديم أنفسهم كـ"حركة وطنية"، تعمل على تصحيح مسار ثورة 2011، وهذا ما حدث فعلا، يوم 21 سبتمبر 2014 بانقلاب الحوثيين واستيلائهم على السلطة في اليمن.
قطر الإرهابية، خططت لإنجاز لقاء حزب الإصلاح الإخواني مع مليشيا الحوثي وروّجت الجزيرة ووصفت اللقاء بأنه "صفحة جديدة" بين الحزب والمليشيات، فأوقف الحزب ما يقارب 50 ألف مقاتل من الذهاب لقتال الحوثيين ومنعهم من التقدم صوب صنعاء، وحين كانت مليشيا الحوثي تحاصر عبدربه منصور هادي في منزله، بدأ الحوار بين الحزب والحوثيين في فندق موفنبيك بصنعاء، واستطاع الحزب الإرهابي، حسب الخطة القطرية، تمكين الحوثيين من دخول صنعاء دون قتال، واستقبلهم كفاتحين في ساحة التغيير باسم الحوار والسلام!
لذلك، فحين أعلنت قيادة التحالف العربي في مايو 2017 إنهاء مشاركة قطر في التحالف، وضحت دول التحالف بقيادة السعودية أنها قررت إنهاء هذه المشاركة بسبب ممارسات قطر التي تعزز الإرهاب، ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها "القاعدة" و"داعش" وتعاملها مع المليشيات الانقلابية في اليمن، ما يتناقض مع أهداف التحالف التي من أهمها محاربة الإرهاب، فقطعت السعودية والبحرين والإمارات ومصر العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، لدعمها الجماعات الإرهابية والترويج لأفكارها عبر وسائل الإعلام القطرية.
قطر، ومن خلال ذراعها الرئيسية في اليمن؛ حزب الإصلاح الإخواني، وحسب مراقبين، هي التي مكنت الحوثيين من السلطة وجعلت منهم قوة سياسية وعسكرية، وحين رفض القيادي محمد قحطان هذا التحالف القطري الإخواني الحوثي ولتبرير لقاء عبدالملك الحوثي مع محمد اليدومي رئيس الحزب، وصف حزب الإصلاح قحطان بأنه متمرد، وزجّ بـه في سجون سرية!
الخطة القطرية في اليمن مليئة بالتناقضات، فمع أنها تطلب من حزب الإصلاح الإخواني الادعاء بأنه مجرد حزب سياسي مدني وأنه لا يمتلك أسلحة ولا جيشا خاصا، إلا أن تصريحاته السابقة المزعومة بأنه من حارب الحوثيين ووقف بوجههم تفضح ذلك التناقض، فكيف يكون حزبا سياسيا ويدّعي أنه من قام بتحرير الجنوب؟ وكيف يسيطر اليوم على المؤسسات في عدن ويحتل قصر المعاشيق، وكيف تمكن حزب الإصلاح الإخواني من تفجير معسكر الجلاء في عدن واغتيال أبو اليمامة ورفاقه وليس لديهم أسلحة كما يدّعون؟
الخطة القطرية المتخبطة في اليمن، ومع أنها تهدف بالأساس إلى استيلاء حزب الإصلاح الإخواني على السلطة اليمنية، إلا أنها اليوم راحت تصوب نحو العلاقات السعودية الإماراتية المتينة، وتحاول زعزعتها، انتقاما من مقاطعة قطر وتقزيمها وتحجيمها في شرق سلوى، فحركت جحافل الإصلاح والقاعدة للمواجهة مع الجنوبيين عسكريا، لتضع الشرعية اليمنية التي يستولي الإصلاح على قراراها ويتحكم به على المحك، وليبدو أن قرار التحالف بالتراجع عن دعم الشرعية مأزق، ولتجبر الرئيس عبدربه منصور هادي على المواجهة مع الجنوبيين، الذين يطالبون بحماية إنجازاتهم مع التحالف العربي بتحرير الجنوب كاملا من براثن الحوثيين.
إصلاح الشرعية وليس شرعنة حزب الإصلاح في اليمن لن يحدث إلا بقطع التمويل القطري المالي والإعلامي واللوجستي عن حزب الإخوان الإصلاحي، سواء بالتحدث معهم مرة أخرى، ليعودوا إلى حضن الوطن لا حضن الحمدين أو بالكف عن المواجهة مع الجنوبيين ودعوة الجميع إلى طاولة مفاوضات وطرح استفتاء حول الجنوب العربي وإمكانية حصوله على حكم ذاتي، برعاية الأمم المتحدة كمرحلة أولية، ليصبح شريكا في الحرب على الحوثيين وإنقاذ اليمن، وليس عدوا كما يصفه الإصلاحيون الإخوانيون القطريون!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة