قطريون يطالبون بحقوقهم قبل كأس العالم.. ماذا عنا؟

"كل شيء يدور حول حقوق العمال، لكن ما الذي يجعلكم تعتقدون أن القطريين لديهم حقوق؟".. بهذه الكلمات عبر أحد القطريين عن غضبه من السلطات ببلاده.
جاء ذلك في تقرير لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية تحدثت خلاله عن معاناة المواطنين القطريين وافتقارهم للعديد من الحقوق في وقت كان التركيز الدولي منصبا على مشاكل العمال المهاجرين.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن 11 عاما مرت منذ الإعلان عن أن قطر هي البلد الذي سيستضيف كأس العالم 2022، ومنذ هذا اليوم – 2 ديسمبر/كانون الأول لعام 2010 – أصبحت الدوحة محل تدقيق مستمر.
وأضافت "الإندبندنت": "قطر تشوهت سمعتها عالميا بسبب سجلها في حقوق الإنسان، وأصبحت تقريبًا نموذجا لإساءة معاملة العمال المهاجرين بسبب معاملتها مع أولئك الذي يجهزون البلاد لاستقبال البطولة العام المقبل".
وتابعت: "أصبحت مسألة حقوق الإنسان في قطر معروفة جيدًا؛ عمال يتلقون رواتب ضعيفة أو لا يتلقون رواتبهم على الإطلاق، أو غير قادرين على تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد بدون إذن صاحب العمل، سحب جوازات سفرهم بشكل غير قانوني، العمل لساعات طويلة في حرارة لا تحتمل وبعيدا عن المنزل، العيش في مساكن سيئة، وصولًا إلى أولئك الذين دفعوا ثمنا غاليا وخسروا حياتهم بينما تشهد البلاد التحول الأكبر على الإطلاق من أي دولة استضافت كأس العالم".
وأوضحت أن قطر تجاوبت مع غالبية الانتقادات العالمية، وأجرت إصلاحات جوهرية، من بينها تعيين حد أدنى للأجور، وإلغاء نظام الكفالة المثير للجدل.
ولفت إلى أنه "بالرغم من أن مناقشة مسألة حقوق الإنسان، أو الافتقار إليها، ركزت إلى حد كبير على جانب واحد، وهو العمال الأجانب".
ونقلت "الإندبندنت"، التي غيرت أسماء جميع المواطنين المشاركين بتعليقاتهم في التقرير، عن شخص سمته أحمد، الذي سأل بغضب: "كل شيء يدور حول حقوق العمال، لكن ما الذي يجعلكم تعتقدون أن القطريين لديهم حقوق؟".
أحمد ليس وحده من أعرب عن الإحباط بشأن المناقشات محدودة المنظور. وقالت نورا، من السكان المحليين: "على مدار عدة سنوات، كان الناس يعبرون عن آرائهم وكل ما يفعلونه هو إسكاتنا. هناك تركيز على أمور أخرى، مثل كأس العالم، لكن ماذا عن حقوقنا؟".
وقالت "الإندبندنت" إن بعض الأفراد الشجعان تحدثوا عن مخاوف السكان المحليين قبل فوز قطر بحق استضافة كأس العالم، وتناولتها جماعات حقوقية دولية بشكل متقطع، من بينهم منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش. وقد سلطوا الضوء على المخاوف المتعلقة بحقوق النساء والافتقار لحرية التعبير، من بين أمور أخرى.
وأوضحت أنه "كانت هناك عدة قضايا كبيرة تثير مخاوف حقوقية، من بينها قضية نوف المعاضيد (23 عاما)، التي هربت من قطر وطلبت اللجوء في المملكة المتحدة نهاية عام 2019، بعدما قالت إنها تعرضت لانتهاكات".
وأضافت: "عادت إلى الديار في وقت سابق من هذا العام بعد تأكيدات على سلامتها، لكنها اختفت فور عودتها إلى الدوحة. وتعتقد المجموعات الحقوقية أنها محتجزة".
وتواصلت "الإندبندنت" مع الحكومة القطرية بخصوص القضايا الواردة بالتقرير، لكنها لم تتلق جوابا.
وأشارت إلى أنه "في حين ينصب التركيز إلى حد كبير على العمال المهاجرين، قال أولئك الذين دافعوا عن إقامة كأس العالم في الشرق الأوسط لأول مرة أنها ساعدت في تحقيق تغيير لم يكن ممكنا بطريقة أخرى. والأمر غير المتوقع هو أن القطريين الساخطين يستخدمون البطولة القريبة الآن للمطالبة بأوضاع أفضل لأنفسهم".
وقالت عايشة، مواطنة قطرية: "إن كأس العالم قوة دافعة لتشجيع الناس على التكلم، والتعبير عن مخاوفهم. رأينا كم يمكن للضغط الدولي أن يجعل مؤسسات بعينها في الدولة تتحرك وتتخذ إجراء للعمل على بعض المشاكل".
وذكرت الصحيفة البريطانية أن "هذا لا يشمل فقط الإعراب عن المخاوف بشأن قاعدة الوصاية الخانقة التي يمكن أن تمنع النساء من السفر أو العمل في الخارج دون موافقة الذكور، بل يشمل عددا لا يحصى من القضايا، من حقوق المرأة عموما، والقدرة على ارتداء الملابس وفقا للاختيار وليس العرف، والمخاوف بشأن المعاشات التقاعدية، وتمويل خدمات مثل الصحة، أو حتى الزواج من جنسيات مختلفة".
وبينت أن "تأثير شبكات التواصل الاجتماعي ساعد في إعلاء أصوات الكثيرين في قطر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بحقوق النساء".
وأضافت عايشة: "كان الناس صريحين جدا، ويواصلون التواجد عبر الشبكات الاجتماعية. إنها منصتهم الوحيدة، بوابتهم الوحيدة".
وسلطت نورا الضوء على رغبة الشابات في ارتداء ملابس مختلفة، "إذ ترتدي النساء في قطر تبعا للتقاليد عباءات سوداء طويلة الأكمام، بالرغم من رغبة العديد منهن في أن يكن أكثر إبداعا".
وقالت: "تحب القطريات ارتداء العباءات الملونة، لكن الناس لديهم مشكلة مع ذلك".
أما هيا، التي تنتمي للعائلة المالكة في قطر، قالت: "ما زلنا ملكا للرجال بموجب القانون. لم تصبح النساء راشدات في قطر أبدًا، دائما تحت رعاية الرجل".
وأضافت: "أحب أميرنا، لكن هل يقوم بعمل جيد للنساء؟ لا. لماذا؟ لأنه يدرك أن ذلك سيؤدي إلى حرب أهلية. لا يزال كثير من الرجال كارهين للنساء هنا".
وقالت الصحيفة إن "الدعوة للتغيير تجلب الأخطار، وينظر المحافظون القطريون إلى أولئك المطالبين بالإصلاح بريبة؛ فهم مسؤولون عن إضعاف الهوية الإسلامية التقليدية للبلاد لتناسب المجتمع الدولي".
وقالت روثنا بيجوم، الباحثة بحقوق النساء في هيومن رايتس ووتش، إن هناك "نوعا من الاتفاق الضمني" بين الأسرة الحاكمة والمجتمع، مضيفة: "سلمت السلطات السيطرة بشكل أساسي إلى الرجال للتحكم بنسائهم، ما يعني أن الدولة تتأكد من أن القوانين والسياسات لا تسمح للمرأة باتخاذ القرارات بمفردها".
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjI3IA== جزيرة ام اند امز