توقيف "العمادي" بعيون قطريين: تشكيك ودفاع
حملة تشكيك واسعة في الاتهامات الموجهة لوزير المالية القطري علي شريف العمادي، تشدد على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
والخميس، أمر النائب العام القطري بالقبض على العمادي، وسؤاله عما أثير بالتقارير من جرائم متعلقة بالوظيفة العامة، تمثلت بالإضرار بالمال العام، واستغلال الوظيفة، وإساءة استعمال السلطة، قبل أن يقوم أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بإعفائه من منصبه مساء اليوم نفسه.
وفي ردود أفعال شعبية، انقسم القطريون بين مؤيد لاعتقال العمادي باعتبار أنه لا أحد فوق القانون، ومدافع عنه بوصفه "وزيرا نزيها"، ومشكك في دوافع اعتقاله.
دفاع وتشكيك
وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد الكبيسي، وهو أكاديمي وكاتب صحفي قطري يتابعه 215 ألف شخص: "اليوم حملت الأخبار صدمة قوية .. من معرفتي القديمة بالأخ علي شريف العمادي وزير المالية، من المستحيل أن أصدق أنه في يوم من الأيام أخل بمتطلبات وظيفته أو أضر بالمال العام".
وتابع في تغريدة أخرى عبر تويتر:"عرفت السيد علي شريف العمادي من بداية تسعينيات القرن الماضي عندما كان موظفاً بإدارة الرقابة المصرفية في مصرف قطر المركزي، وفي نهاية التسعينيات انتقل إلى بنك قطر الوطني، وفي 2013 تم تعيينه وزيراً للمالية".
وأردف: "عرفته من خلال مسيرته بأنه شخص متفان في العمل فهو أول من يأتي للعمل وآخر شخص يخرج من العمل لا يرضى بتهاون الموظفين في تنفيذ ما يوكل لهم من مهام".
بدورها، قال حساب باسم مريم العبيدي: "كلنا فخورين بأننا عملنا مع علي شريف العمادي.. وزير مخلص ومجتهد في عمله".
في السياق نفسه، قال المحامي القطري حمد فضل اليافعي: "المادة 39 من الدستور القطري.. المتهم بريء حتى تثبت إدانته أمام القضاء في محاكمة يتوفر له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع".
مغرد يحمل اسم " S E C L U D E D"، شكك بدوره في دوافع اعتقال العمادي، قائلا "علي شريف العمادي أعرفه وأعرف أهله، أبوه مليونير من زمان وعندهم تجارة وهو شخصيا ما عليه قاصر، كان مدير عام بنك وليس محتاج ريال واحد من الحرام، إلا إذا السالفة كانت إدارية بسبب بعض القرارات أصدرها.. الله أعلم".
تفاصيل جديدة
وقالت وكالة الأنباء القطرية، الخميس، إن النائب العام أمر بالقبض على وزير المالية علي شريف العمادي، وسؤاله عما أثير بالتقارير من جرائم متعلقة بالوظيفة العامة، تمثلت بالإضرار بالمال العام، واستغلال الوظيفة، وإساءة استعمال السلطة.
وأضافت أن "النائب العام أمر بفتح تحقيقات موسعة في الجرائم المثارة بالأوراق المقدمة".
ومساء اليوم نفسه، أصدر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر أمرا بإعفاء العمادي من منصبه، وأن يُعهد إلى علي بن أحمد الكواري، وزير التجارة والصناعة، بالإضافة إلى مهام منصبه، القيام بأعمال وزير المالية.
وكشف وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، فجر الجمعة، أن التحقيق مع وزير المالية القطري له علاقة بالوظيفة العامة ولا علاقة له بالشركات التي يديرها.
وقال محمد بن عبدالرحمن إنه "لا أحد فوق القانون في قطر"، وكشف أن "التحقيق مع وزير المالية ما زال قائما".
وحاول آل ثاني التقليل من تداعيات القرار على قطاع المال والأعمال في قطر خصوصا أن العمادي كان يدير ويشغل عضوية عدد من أهم الشركات والمؤسسات الاقتصادية في قطر.
وقال: "دولة قطر تحترم سيادة القانون والقانون فوق الجميع، ولا أحد فوق القانون ودولة قطر دولة مؤسسات، ما تم له علاقة مباشرة بالوظيفة العامة ووظيفة وزير المالية، إنما الشركات الأخرى فهي تتبع أنظمة حوكمة واضحة، وهناك مراجعة دورية لها والعمل مستمر ولا يتأثر بغياب أي شخص".
ولفت إلى أن "مؤسسات ضخمة مثل جهاز قطر للاستثمار ( العمادي عضوا به) لن تتأثر بأي حدث".
توقيت مثير
وأثار أمر التوقيف المفاجئ بحق العمادي كثيرا من التساؤلات، خاصة أن وسائل الإعلام المحلية احتفت به مؤخرا.
وزاد من الغموض أن الوزير الملاحق ظل يحتفظ بمنصبه كوزير للمالية منذ 8 سنوات، وهو ما يعني أن هناك ثقة في أدائه ونزاهته.
كما أن الوزير صدر أمر اعتقاله في وقت ما زال يمارس فيه مهام منصبه -قبل أن يتم إعفاؤه لاحقا- ولم يسبق أمر القبض عليه إيقاف عن العمل أو إقالة أو إحالته للتحقيق، مثلما تجري الأمور في ملفات الشبهات المالية.
والمتتبع لسيرة العمادي والمناصب التي يتولاها، يكتشف أنه أحد أهم أعمدة الاقتصاد في قطر، والاتهامات الموجهة له تعني بالتبعية وجود قائمة اعتقالات أخرى مرتقبة.
وعين علي شريف العمادي وزيراً للمالية في يونيو/حزيران 2013.
وإضافة لوزارة المالية، يتولى المسؤول منصب رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية القطرية، ومنصب رئيس مجلس إدارة بنك قطر الوطني.
وفي ٤ نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عُين نائباً لرئيس مجلس إدارة المجلس الوطني للسياحة. كما أنه عضو بالمجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار.
وبين العامين 2005 و2013، شغل العمادي منصب الرئيس التنفيذي لبنك قطر الوطني.
والعمادي يحمل شهادة البكالوريوس في العلوم المالية من جامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن أبرز مسؤولياته كوزير مالية: وضع أهداف واقتراحات للسياسة المالية بما يتماشى مع متطلبات التنمية الوطنية، وإعداد ميزانية الدولة والعمل على تطبيقها، وإعداد قوانين متعلقة بالصرف المالي والإنفاق العام.
وكانت وسائل الإعلام القطرية احتفت مطلع العام الجاري بإعلان مجلة "ذا بانكر-The Banker"؛ كبرى المجلات الدولية المتخصصة في الاقتصاد، حصول العمادي على جائـزة ولقب "وزير مالية العام عن منطقة الشرق الأوسط".
واعتبرت الصحف القطرية أن في هذه الجائزة "اعتراف دولي كبير بقدرة قطر على اتخاذ القرارات الاقتصادية الصحيحة".