رومان بولانسكي.. قصة نجاة من الموت إلى الحياة
يحتفل المخرج والممثل البولندي رومان بولانسكي، بعيد ميلاده اليوم 18 أغسطس/آب 1933، حيث ولد في باريس لعائلة يهودية بولندية. كان والده، رسامًا ونحاتًا، ووالدته ربة منزل.
لم تكن طفولة بولانسكي طفولة هادئة ولطيفة كما ينبغي لأي طفل. فقد ولدت حياته في ظل سحب الحرب والاضطهاد، وكأن القدر خطط له مسارًا مليئًا بالآلام والمآسي.
قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بحوالي عامين، انتقلت عائلة بولانسكي إلى مدينة كراكوف في بولندا، ولم يمض وقت طويل حتى عايش رومان بداية "غزو بولندا" في سبتمبر/ أيلول 1939.
كان حينها في السادسة من عمره عندما بدأت القوات الألمانية والسوفيتية هجومهما المزدوج على الجمهورية البولندية، والذي عُرف ببداية الحرب العالمية الثانية. هذا الغزو لم يكن مجرد احتلال فقط؛ بل كان استهدافاً للمجتمع اليهودي البولندي، مما جعل عائلة بولانسكي تعيش في خوف دائم واضطهاد مستمر.
في عامه السابع، واجه بولانسكي واحدة من أبشع فصول حياته، حيث شهد بعينيه ترحيل والدته إلى معسكر "أوشفيتز بيركينو"، والذي كان واحدًا من أكثر معسكرات الاعتقال شهرةً ووحشيةً في تلك الفترة.
لم يكن ذلك مجرد ترحيل؛ بل كان وداعًا أخيرًا لوالدته، التي لم يرها مرة أخرى. بعد فترة وجيزة، وصله خبر وفاتها في هذا المعسكر الرهيب. لم يكن مصير والده أفضل، فقد رحل إلى معسكر "ماوتهاوزن" في النمسا، حيث عاش هو الآخر تجربة الاعتقال.
في خضم هذه الأحداث المرعبة، لم يكن أمام رومان سوى الهرب. بين الأزقة والحارات اليهودية في كراكوف، حاول بولانسكي الصغير الاختباء، وبمساعدة أسرة مسيحية بولندية، استطاع أن يتخفى بهوية طفل كاثوليكي. لكن حتى هذه الهوية الزائفة لم توفر له الأمان، فقد اكتشف أمره كاهن الرعية، مما اضطره للهروب مجددًا، والعيش في خوف دائم من أن يُكتشف.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، وبعد تحرير المعسكرات، استطاع والده النجاة والعودة إلى بولندا، حيث تم جمع شمله مع ابنه رومان. لم تكن تلك النهاية لنضالهما، فقد بدأت العائلة في إعادة بناء حياتها المحطمة، وتزوج والده للمرة الثانية بالسيدة واندا زاجتشيكوفسكا.
في بداية الخمسينات، انطلقت رحلة رومان بولانسكي في عالم السينما عندما التحق بمدرسة السينما الوطنية في مدينة لودز. في هذه المدرسة، وُلدت موهبته الفنية، وسرعان ما بدأ يحقق النجاح ويثبت نفسه في عالم السينما، متجاوزًا كل الصعوبات التي واجهها في طفولته.
ورغم ما يلاقيه بولانسكي من استنكار واسع من قِبل بعض النقاد والجمعيات النسوية بسبب اتهامات لاحقته، إلا أنه استطاع تحويل آلامه الشخصية وتجارب طفولته المرعبة إلى إبداع فني، جعل منه واحدًا من أهم المخرجين في تاريخ السينما.
وظلت تجاربه أثرها واضحًا في أعماله الفنية التي غالبًا ما تعكس الصراع الداخلي والمشاعر المعقدة، لتصبح أعماله مزيجًا من الواقع المرير والخيال الفني.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDMuMTQ0IA== جزيرة ام اند امز