العلاقات السعودية – الروسية.. 9 عقود من التعاون
العلاقات السعودية – الروسية تعود إلى 9 عقود ماضية، اتسمت فيها العلاقات بالقوة والتبادل المشترك
يتوجه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى دولة روسيا الاتحادية، الخميس المقبل، في زيارة رسمية تلبية لدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بهدف بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين، بمجالات الاقتصاد والنفط والطاقة، والقضايا الإقليمية والدولية المشتركة.
وتعود العلاقات السعودية – الروسية إلى 9 عقود ماضية اتسمت فيها العلاقات بالقوة والتبادل المشترك، حيث تعد روسيا هي الدولة الأولى غير العربية التي اعترفت بمملكة نجد و الحجاز في فبراير/ شباط 1926 ، قبل أن تصبح اسمها المملكة العربية السعودية، وبدأت في توطيد العلاقات الدبلوماسية مع المملكة.
من العلاقات الدبلوماسية إلى الفضاء
وفي الـ17 من سبتمبر/ أيلول 1990 أعلن بشكل رسمي بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على أسس ومبادئ ثابتة تقوم على الشراكة والتعاون في كافة المجالات.
وخلال العقود الماضية توطدت العلاقات السعودية – الروسية، وتحديدا في حقبة التسعينيات، خاصة مع الزيارة الأولى لرئيس الحكومة الروسية فيكتور تشرنومبردين إلى العاصمة السعودية الرياض، واختتمت الزيارة بتوقيع اتفاقيات عديدة في قطاعات التجارة والاقتصاد والثقافة واستثمار الأموال والتقنية والعلوم التكنولوجية.
وطوال الفترة من 1994- 2000 ظل التعاون السعودي – الروسي قائما في كافة المجالات، لتستأنف العلاقات بقوة بزيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد وقتها، إلى موسكو في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، وخلال الزيارة الرسمية التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات المشتركة؛ بهدف تطوير التعاون بمجال النفط والغاز، فضلا عن استكمال بروتوكولات التعاون السابقة بمجال العلوم والتكنولوجيا.
وخلال الألفية الأولى حرصت السعودية وروسيا على تركيز التعاون بمجال الثقافة، حيث شاركت المملكة بالمعرض الدولي للكتاب الذي تنظمه موسكو، كوسيلة للدعم الثقافي والفكري بين الجانبين، ولم يتوقف التعاون عند هذه المجالات فحسب، بل امتدت العلاقات إلى التعاون بمجال الفضاء، حيث حملت الصواريخ الروسية في سبتمبر/ أيلول لعام 2000، 13 قمرا صناعيا سعوديا معتادا استخدامها في مجال الاتصالات إلى مدارات الفضاء الخارجي.
ونظرا لنجاح التجربة الأولى من التعاون بمجال الفضاء، حرصت المملكة على إنشاء نظام الملاحة الفضائية "غلوناس" في مايو/ آيار 2007 بالرياض كجولة أولى من المشروع السعودي – الروسي بمجال الفضاء.
وفي العام نفسه، وتحديدا في فبراير/ شباط 2007، قام الرئيس الروسي بوتين بزيارة للرياض بهدف توقيع اتفاقيات جديدة في مجال الاتصالات والتعاون المصرفي، وخلال هذه الزيارة الرسمية قام خادم الحرمين الشرفين وقتها الملك عبد الله بن عبد العزيز بتقليد يوتين قلادة الملك عبد العزيز، كنوع من أنواع التقدير لعمق العلاقات المشتركة، خاصة أن هذه القلادة تمنح لكبار قادة وزعماء دول العالم.
وبعد زيارة بوتين للرياض بنحو 10 أشهر، قام الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي ووزير الدفاع والطيران وقتها، بزيارة تبادلية لموسكو، كما توسع التعاون في المجال العسكري والأمني بزيارات متتالية للأمين العام لمجلس الأمن الوطني بالمملكة الأمير بندر بن سلطان في أعوام 2006- 2007- 2008.
التعاون الحكومي المشترك
ومع استمرار التعاون في الجوانب الاقتصادية، انطلق مجلس الأعمال الروسي السعودي بمدينة الرياض، تعزيزا للتعاون التجاري الصناعي بمشاركة مجلس الأعمال الروسي العربي، الذي استهدف إقامة المعرض الروسي الأول بشعار "روسيا والمملكة العربية السعودية – آفاق مستقبلية جديدة للتعاون التجاري – الاقتصادي"، الذي نظم من جديد في دورته الثانية عام 2010.
وفي عام تأسيس المعرض، عقدت لجنة حكومية مشتركة بين البلدين، تأكيدا على قوة العلاقة والثقة المتبادلة بين الحكومتين، لينعقد اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة بالرياض في فترات 2002- 2005- 2010.
وكنتيجة للتعاون المشترك، وصل حجم التبادل التجاري بين الطرفين ما بين 2003- 2008 نحو 488.7 مليون دولار أمريكي.
وكان لمجال الطاقة نصيب كبير من قيمة التعاون المشترك بين البلدين، حيث تطور بالاتفاقيات بين الشركات الروسية العاملة بمجال التنقيب عن النفط، والحكومة السعودية، وكان حقل "غوار" النفطي أكبر الحقول النفطية السعودية بمثابة نواة هذا التعاون بمجال الطاقة.
ومع مرور الوقت شرعت روسيا في افتتاح مكاتب لإنشاء شبكات وطنية لنقل وتوزيع الغاز بين الرياض وموسكو واستكمال عملية الأبحاث والتنقيب خلال أعوام 2004- 2005 – 2006.
وفي الوقت نفسه، وقعت مذكرة تفاهم بين عدة مصارف روسية والصندوق السعودي للتنمية، لتبادل رجال الأعمال الروسيين والسعوديين الزيارات؛ بهدف توطيد العلاقات في مجال استثمار الأموال، خاصة مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في نهاية 2008.
ومنذ عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، حرصت المملكة على إعداد زيارات لـ "ولي ولي العهد السعودي وقتها" الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لموسكو، من أجل بحث الأزمات السياسية بالمنطقة، وتحديدا القضيتان اليمنية والسورية خلال شهري يونيو/حزيران – أكتوبر/تشرين الأول لعام 2015.
التعاون الثقافي والعلمي
وعملت المملكة على توفير الخدمة للحجاج الروس الذين تزايدت أعدادهم بالأراضي المقدسة، حيث عملت على التنسيق مع المنظمات الإسلامية واللجنة الروسية للحج المسؤولة عن معاونة الحجاج الروس، وخلال 2006 وصلت أعداد الحجاج الروس لـ18 ألف شخص، بينما في نهاية 2007 وصلت الأعداد إلى 26.5 ألف حاج روسي.
كما اهتم الجانبان بعقد مؤتمرات مشتركة لمناقشة تحديات العولمة، ووضع الرؤية الاستراتيجية لمناقشة العلاقة الروسية بالعالم الإسلامي، من خلال الاجتماع الرابع لمجموعة "روسيا – والعالم الإسلامي" في الفترة من 27- 29 أكتوبر/تشرين الأول لعام 2008، بجانب دعوة المملكة لموسكو لحضور الدورة الـ25 لمهرجان الثقافة الوطني السعودي في 2009.
كما شهد المجال العلمي نوعا من أنواع التواصل القوي؛ بداية من تأسيس المدارس السعودية بموسكو منذ التسعينيات، وتوقيع مذاكرات التفاهم والتعاون بين المؤسسات الثقافية والإعلامية بين البلدين، وإقامة برامج مشتركة بين الطلبة الروس والسعوديين؛ بهدف التبادل الثقافي والعلمي.
aXA6IDEzLjU4LjIwMC4xNiA=
جزيرة ام اند امز