سلاح روسي سري يغير قواعد الاشتباك مع مسيّرات أوكرانيا

في حرب تزداد تعقيدًا يوماً بعد الآخر، لجأت موسكو إلى واحدة من أقدم حيل التاريخ العسكري، وهي استخدام الطقس كسلاح.
فبين المطر والضباب، وجدت القوات الروسية، بحسب مجلة «ذا ناشيونال إنترست»، وسيلة فعّالة لمواجهة الطائرات المسيّرة الأوكرانية التي غيّرت موازين القتال في ساحات المعارك.
فمع كل صوت طنينٍ خافت، يدرك الجنود أن هناك عينًا إلكترونية تترصدهم من الأعلى. ورغم الجهود المكثفة لتطوير أنظمة الدفاع الإلكترونية والأسلحة المضادة للطائرات المسيّرة، يستخدم الطرفان المئات منها يوميًا في مهام الاستطلاع، والاستهداف، وتدمير البنى التحتية، ما جعل من المستحيل تقريبًا إخفاء التحركات الميدانية عن أعين العدو.
لكن روسيا لجأت إلى تكتيك بسيط بقدر ما هو قديم — الاحتماء بالطقس. فوفقًا لتقرير حديث أصدره معهد دراسات الحرب الأمريكي (ISW)، "تبدو القوات الروسية وكأنها تنفذ هجمات ميكانيكية واسعة في ظروف جوية ممطرة وضبابية، مما يعيق عمل الطائرات الأوكرانية المسيّرة ويقلّل من فعاليتها في المراقبة والاستهداف".
ويشير التقرير إلى أن هذه الاستراتيجية ليست جديدة على الجيش الروسي، الذي يمتلك خبرة طويلة في استخدام الخداع العسكري أو ما يُعرف في العقيدة الروسية بمصطلح ماسكيروفكا (Maskirovka)، أي "فن إخفاء النوايا وتحويل الانتباه عن التحركات الحقيقية".
وأشار التقرير إلى أن الأوكرانيين أتقنوا استخدام المسيّرات في رصد تجمعات الدبابات والمركبات الروسية واستهدافها بدقة عالية، ولهذا السبب، تحشد موسكو قبل أي هجوم واسع قواتها الميكانيكية - من دبابات وناقلات جند ومدافع ميدانية وشاحنات تكتيكية - تحت غطاء الطقس السيئ الذي يحدّ من قدرة الطائرات على الرصد.
ولوحظ في الأسابيع الأخيرة أن العديد من الهجمات الروسية الكبرى تزامنت مع موجات من الأمطار الغزيرة والضباب الكثيف، ما يمنح القوات المهاجمة عنصر المفاجأة ويقلّل من خطر الضربات الجوية الأوكرانية.
عمليات "الأسلحة المشتركة"
إلى جانب توظيف الظروف الجوية، تحاول موسكو إعادة إحياء عقيدة "الأسلحة المشتركة"، وهي استراتيجية تهدف إلى دمج عناصر مختلفة من القوة العسكرية - مثل المشاة، والمدفعية، وسلاح المدرعات، والطائرات، والطائرات المسيّرة - في هجوم متكامل ومتزامن لتحقيق اختراق سريع في خطوط الدفاع الأوكرانية.
ويشير تقرير معهد دراسات الحرب إلى أن القوات الروسية "ربما تعود إلى تنفيذ الهجمات الميكانيكية في المناطق التي تواجه فيها قوات المشاة صعوبة في التقدم". فالجيش الأوكراني، الذي يخوض حربًا دفاعية، أنشأ تحصينات قوية تمتد على طول الجبهات، مما جعل الهجمات التقليدية التي تعتمد على المشاة وحدهم غير مجدية.
ومن أجل تجاوز هذه المعضلة، يحاول الجيش الروسي تنفيذ هجمات محدودة بالأسلحة المشتركة، لا سيما في منطقة دونباس، حيث يسعى لتحقيق خرق ميداني مهما كان محدودًا. ويُعتقد أن بعض هذه العمليات تُنفذ قرب بلدة شاخوفه، بعد أن قدّرت القيادة الروسية أن الدفاعات الأوكرانية هناك قد استُنزفت نتيجة أسابيع من المعارك المتواصلة.
ورغم اعتماد موسكو على مزيجٍ من الخداع، والطقس، والتكتيكات العسكرية الحديثة، إلا أن التقدم على الأرض ما زال بطيئًا ومكلفًا في حرب باتت تُختصر بمعادلة بسيطة: التكنولوجيا في مواجهة الصبر، والمطر في مواجهة العيون الإلكترونية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODYg جزيرة ام اند امز