ليس المال وحده.. لماذا يتجه نجوم العالم للعب في الدوري السعودي؟
يفضل نجوم كرة القدم العالمية مؤخراً الانتقال للعب في المملكة العربية السعودية، ويبدو المال عنصرا أساسيا وملحا في هذا الاختيار.
لكن تبقى هناك أسباب أخرى، لأن إذا كان البعض يبحث عن المال، فإن هناك كثيرين لا يعتبرونه المعيار الأول والأوحد، والدليل رفض الأرجنتيني ليونيل ميسي عرضاً من الهلال بقيمة مليار يورو في موسمين وتفضيل الدوري الأمريكي.
بالإضافة إلى أن هناك من يرفضون العيش في أجواء المملكة العربية السعودية الحارة، وهذا ما أشيع عن أنتونيلا روكوزو زوجة البرغوث، رغم نفي الادعاء لاحقاً من قبل فهد حميد الدين، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة.
هل هناك حقاً أسباب أخرى للعب في السعودية؟
السبب الأول قد يكون دينياً، والدليل على ذلك تصريحات كريم بنزيما، الجزائري الأصل والمولود في فرنسا، والذي عرف كنجم عالمي مع ريال مدريد في رحلة دامت 14 عاماً من 2009 إلى 2023.
يقول بنزيما عن خطوة الانتقال من ريال مدريد إلى الاتحاد السعودي: "إنه المكان الذي أريد أن أكون فيه، من المهم بالنسبة لي أن أعيش في بلد مسلم، هناك الناس تحبني بالفعل، سيتيح لي هذا عيش حياة جديدة.. لا أطيق الانتظار للعيش هناك".
ويدرك كريم بنزيما بالطبع الفارق في العيش بين جدة أو الرياض ومدريد، حيث أن تغيير الثقافة قد يكون عنصراً مؤثراً، لكن رهانه كان على ثقافة الدين، الذي يتشارك فيه مع الشعب السعودي.
هناك أسباب أخرى أيضاً، منها انخفاض مستوى الضغط الإعلامي والجماهيري والصحفي على اللاعبين على عكس أجواء أوروبا المحرقة للأعصاب والمستنزفة للطاقات، بالإضافة لضغط المباريات.
وينظم الاتحادان الدولي والأوروبي لكرة القدم "فيفا" و"يويفا" في الفترة الأخيرة العديد من الأحداث الكروية الإضافية على لاعبين مليئة جداول مبارياتهم بالكثير، ما جعلهم غير قادرين على التحمل، فهناك دوري الأمم الأوروبية وكأس عالم للأندية بنظام جديد.
وفي الإطار ذاته، سيزيد عدد فرق كأس العالم في النسخة المقبلة إلى 48 منتخباً بدلاً من 32، ما يعني زيادة عدد المباريات.
وفي تلك الحالات يجد نجوم كرة القدم أنفسهم في حاجة لتجارب أقل تنافسية وحدة وضغطاً من منافسات كالدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا.
بالطبع الجانب المالي، من العناصر المؤثرة ولكن كيف؟ يمكن في غضون عام أو اثنين انخفاض قيمة ومكانة وأهمية اللاعبين بطريقة تتسبب في خفض رواتبهم بصورة فجة أو تفكيرهم في الاعتزال، حين يتحولون من نجوم صف أول لبدلاء.
وهناك أمثلة كثيرة على هذا الأمر، مثل إدين هازارد في ريال مدريد وقبله فيليبي كوتينيو في برشلونة، وهذه الحالات يتبعها انخفاض في قيمة الرواتب.
على الجانب الآخر، تتيح المملكة فرصة الانتقال للعب هناك برواتب تفوق بشكل خيالي ما يتحصل عليه اللاعبون في أوروبا، ودون قانون اللعب المالي النظيف الذي يحجم الأندية في القارة العجوز.
هناك سبب آخر ينطبق على البرتغالي كريستيانو رونالدو، أول نجم عالمي ينضم إلى الدوري السعودي في الجيل الحالي، والذي رحل عن مانشستر يونايتد بالتراضي ثم تحول للعالمي في صفقة انتقال حر.
عانى رونالدو رغم تاريخه الكبير وأرقامه القياسية التي لا تحصى وإنجازاته الفردية والجماعية، مما وصفه بعدم الاحترام والتقدير داخل مانشستر يونايتد، ثم وجد نادي العاصمة السعودية يفتح له أبوابه براتب تاريخي 200 مليون يورو في الموسم الواحد، ويستقبله كالأبطال ويقدم له ما حرمه ناديه السابق ومدربه الهولندي إريك تين هاغ.
وكما أسلفنا، فلن يكون في تجربة النصر ضغط شبيه لما رآه "الدون" في أولد ترافورد، ولن يتم إجلاسه بديلاً في محاولة إعادة بناء الفريق، وهو أمر يضايق البرتغالي حتى لو كان آخرين يتقبلونه في مرحلة ما من أعمارهم.
بالإضافة إلى عنصر آخر مهم، هو أن الأندية الأوروبية نفسها من نوعية برشلونة وتشيلسي تسعى إلى إيجاد أموال، إما بسبب الديون وإما من أجل اللعب المالي النظيف أو سقف الرواتب، فتقدم لهم أندية المملكة عروضاً سخية لضم لاعبيهم.
وتراهن أندية أوروبا في المقابل على قدرتها على استغلال الأموال التي ستحصل عليها من الأندية السعودية في تقوية صفوفها بفضل ما تمتلك من كشافين ومدربين أصحاب رؤى ثاقبة في اختيار المواهب الجديدة.