حج 2020 ينتظر نتائج "معركة كورونا"

تصريحات وزير الحج والعمرة السعودي، الدكتور محمد صالح بن طاهر بنتن، أثارت تكهنات بشأن احتمالية إلغاء موسم الحج هذا العام.
مستقبل غامض يكتنف مصير موسم الحج المقبل، في انتظار ما ستسفر عنه تطورات مواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19).
ودعا وزير الحج والعمرة السعودي، الدكتور محمد صالح بن طاهر بنتن، مساء الثلاثاء، دول العالم إلى التريث في إبرام عقود الحج لهذا العام، حتى تتضح الرؤية للوباء وآثاره الحالية والمستقبلية وذلك من منطلق مسؤولية المملكة تجاه الصحة العامة للعالم.
تصريحات أثارت تكهنات بشأن احتمالية إلغاء موسم الحج في حال استمرار تفشّي الوباء، وتعذّر احتواءه كليًا حول العالم قبل نهاية يوليو/تموز المقبل، الذي يُصادف بدء الشعائر المقدّسة لأداء الحج، حفاظاً على أرواح ملايين المسلمين الراغبين في أداء الحج، ومنعاً لانتشار الوباء في مختلف أصقاع الأرض.
ويظل القرار النهائي الذي سيحدد مصير موسم الحج المقبل، في انتظار ما تسفر عنه ليس جهود المملكة فحسب في محاربة الفيروس، بل جهود العالم أجمع.
وأعلنت وزارة الصحة السعودية، الخميس، تسجيل 165 إصابة جديدة بفيروس كورونا؛ ما يرفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 1885.
وفي حال اتخذت المملكة قراراً بإلغاء موسم الحج هذا العام، فلن تكون هذه المرة الأولى، فسبق أن توقف موسم الحج 40 مرة عبر التاريخ لأسباب مختلفة من ضمنها تفشي أوبئة واضطرابات سياسية.
كما علقت السعودية بالفعل، قبل نحو شهر، أداء العمرة حتى إشعار آخر، ضمن إجراءات احترازية للحد من انتشار كورونا في المملكة والعالم.
الوضع في مكة
وقال وزير الحج والعمرة السعودي في لقاء مع قناة "الإخبارية" إنَّ المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مهتمة بسلامة جميع المعتمرين والزوار الموجودين في فنادق العزل الصحي.
وأشار إلى التنسيق مع وزارة الصحة في جولة تفقدية على الفنادق التي استُخدمت للعزل الصحي لمتابعة الخدمات المُقدمة للمعتمرين الموجودين في مكة المكرمة، مشيراً إلى أن المملكة تقدم الرعاية لـ1200 معتمر لم يستطيعوا العودة إلى بلدانهم.
وكشف أنه وبناء على الأوضاع الحالية تتم حاليًا إعادة المبالغ لمن حصل على تأشيرات العمرة ولم يعتمر بسبب التعليق المؤقت احترازيًا.
قرارات الرحمة
وكانت السعودية اتخذت حزمة إجراءات احترازية للحد من انتشار فيروس كورونا؛ شملت على وجه الخصوص الحرمين الشريفين، حفاظاً عليهما وعلى أرواح زائريهما، وانطلاقاً من مسؤوليتها الدينية والروحية للحفاظ على الصحة العامة للعالم أجمع.
وفي 27 فبراير/شباط، قررت السعودية تعليق الدخول إلى أراضيها لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتاً، ومنع دخول أصحاب التأشيرات السياحية للقادمين من الدول التي يشكل انتشار فيروس كورونا الجديد منها خطراً.
وفي 4 مارس/آذار، قررت السعودية تعليق العمرة مؤقتاً للسعوديين والمقيمين في المملكة انطلاقاً من حرصها على دعم الجهود العالمية والمنظمات الدولية وبالأخص منظمة الصحة العالمية لوقف انتشار فيروس كورونا ومحاصرته والقضاء عليه.
وفي 19 من الشهر نفسه، صرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، هاني بن حسني حيدر، بأن الرئاسة والجهات الأمنية والصحية قررت تعليق التواجد والصلوات في الساحات الخارجية للمسجد الحرام والمسجد النبوي بدءًا من الجمعة 20 مارس/آذار.
وأكد أن الرئاسة وبالتعاون مع الجهات الأمنية والصحية تقوم بالعديد من الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار العدوى، وتهيئة الحرمين الشريفين لأداء الصلاة في بيئة آمنة صحة مطمئنة.
وشدد على أن وعي وتعاون قاصدي الحرمين الشريفين سيسهم في نجاح التدابير الاحترازية المؤقتة، داعياً الجميع للتعاون مع المسؤولين والاستجابة للتعليمات والإجراءات الضرورية.
وفي 25 مارس/آذار، وافق العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على 5 إجراءات احترازية جديدة للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد من بينها منع الدخول والخروج من مدن: الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وفق الحدود التي تضعها الجهة المعنية.
تأييد كبير
تعليق السعودية الدخول إلى أراضيها لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتاً، لتوفير أقصى درجات الحماية وسلامة المواطنين والمقيمين والوافدين، وضيوف الرحمن وصفتها وسائل إعلام بإجراءات الرحمة.
وأشادت بقرار المملكة دار الإفتاء المصرية وأكدت توافقه مع أحكام الشريعة الإسلامية الهدف منه الحفاظ على أرواح وسلامة المعتمرين وضيوف الرحمن، ورأته رابطة العالم الإسلامي واجباً شرعياً تشهد له نصوص الشريعة، وقال الأزهر الشريف إن المملكة تطبق ما أمر به الله على دفع الضرر، وإن موقفها مشروع ومأجور.
توقف الحج 40 مرة
ومنذ إعلان تعليق العمرة، تثار الكثير من التساؤلات عن إمكانية تعطيل الحج هذا العام، في حالِ استمرار تفشّي الفيروس، وتعذّر احتواؤه كليًا قبل موعد فريضة الحج، التي يؤديها نحو 2.5 مليون مسلم سنوياً من مختلف أصقاع الأرض.
وفي حال اتخذت المملكة قراراً بتعطيل موسم الحج المقبل، فلن تكون المرة الأولى، إذ أشارت "دارة الملك عبدالعزيز" إلى توقف موسم الحج 40 مرة، عبر التاريخ، بسبب انتشار الأمراض والأوبئة، والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الأمني، والغلاء الشديد والاضطراب الاقتصادي، إلى جانب فساد الطرق من قبل اللصوص والقُطّاع.
و"دارة الملك عبدالعزيز" هي مؤسسة متخصصة في خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية والعالم العربي مقرها الرياض.
وكانت المرة الأولى لتعطيل فريضة الحج بسبب "القرامطة"، الذين كانوا يعتقدون أن شعائر الحج من الجاهلية ومن قبيل عبادة الأصنام، إذ دعا زعيم القرامطة "أبوطاهر القرمطي" على باب الكعبة في 8 من ذي الحجة عام 317هـ، سيوف أتباعه بأن تحصد حجاج بيت الله قتلًا ونهبًا وسفكًا وبإشرافه على تلك المجزرة.
وقلع القرامطة الحجر الأسود من مكانه وحملوه معهم إلى مدينة "هجر" (القطيف حاليًا)، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وتعطّل الحج آنذاك 10 أعوام، حيث لم يقف أحدًا بعرفة، ولم تؤد المناسك، وذلك لأول مرة، منذ أن فُرضتْ الشعيرة.
الحادثة الأخرى كانت سنة 251هـ، والتي تُعرف بـ"مذبحة صعيد عرفة"، وأُبطِل الحج حينها، بعد أن هاجم إسماعيل بن يوسف العلوي ومن معه؛ جموع الحجاج فقتلوا منهم أعدادًا كبيرة.
أيضا توقّف سنة 357هـ، بسبب انتشار ما يُسمّى بـ"داء الماشري" في مكة المكرمة، وبسببه مات الحجاج، وماتت جمالهم في الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة سِوى القليل.
ومن أبرز المواسم التي توقف فيها الحج أيضا، في سنة 1213هـ، إذ توقفت رحلات الحج في أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق.
وسنة 1246هـ، انتشر وباء قادم من الهند وقتل ثلاث أرباع الحجاج، وفي سنة 1837م تفشّت الأوبئة بالحج واستمرت حتى 1892م.
وأشارت "دارة الملك عبدالعزيز" إلى أن "الأوبئة في تاريخ الحرم المكي كانت كثيرة لشدة الازدحام وكثرة الزوار من حول العالم، ولم تتوفّر في العصور القديمة قبل العهد السعودي خدمات مراقبة ومتابعة أمراض الحجاج، ولم تفرض السلطات حجرًا صحيًا على من يُشتبه أنهم يحملون أمراضًا معدية، ولم تتوفّر أي خدمات للتعقيم، فحصدت الأوبئة أعدادًا كبيرةً من الحجاج".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA==
جزيرة ام اند امز