السعودية والإمارات.. شراكة استراتيجية تزداد قوة
تجمع السعودية والإمارات أخوة تاريخية وشراكة استراتيجية ومصير واحد، أقوى من أي مؤامرة تستهدفها أو تشكك في قوتها.
علاقات عبّر عن متانتها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، خلال زيارته للمملكة في 5 مايو/أيار الماضي، مؤكدا أنها تمضي "بقوة وإرادة صادقة في إطار من الأخوة والثقة والمصير المشترك".
وأعقب زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمملكة العربية السعودية، زيارات متبادلة واجتماعات مكثفة على مدار الأيام الماضية، -توثيقا للشراكة والتعاون المتزايد بين البلدين.
ولا يكاد يمر في تاريخ تلك العلاقات، إلا وتشهد تطورا ونموا على الصعيدين الرسمي والشعبي.
فقبل أيام اختتمت القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي مشاركتها في التمرين الجوي المشترك والمختلط "طويق 2"، والذي استمر لمدة أسبوعين في المملكة العربية السعودية .
وواصلت مسيرة التعاون المتنامية بين البلدين طريقها، حيث عقد قبل أيام الاجتماع الأول للجنة المال والاستثمار التابعة لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، عبر تقنيات الاتصال المرئي، بهدف متابعة سير عمل المبادرات الاستراتيجية المعتمدة في مجموعة من المحاور الرئيسية شاملة مجالات الخدمات والأسواق المالية، ودعم ريادة الأعمال، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والسياحة والتراث الوطني، وآليات تنفيذها وفق الخطط المعتمدة.
وقبل نحو شهر تم توقيع مشروع اتفاقية تأسيس جمعية الصداقة البرلمانية بين البلدين ترسيخا وتتويجا لعلاقات الأخوة والشراكة الاستراتيجية المتجذرة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتأكيدا على المصالح المشتركة والمتنامية بين البلدين الشقيقين وشعبيهما.
لجنة صداقة برلمانية
وفي نهاية مايو / آيار الماضي، وقع صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، والشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي في الرياض، على مشروع اتفاقية تأسيس جمعية الصداقة البرلمانية بين المجلسين.
وتأتي هذه الجمعية ترسيخا وتتويجا لعلاقات الأخوة والشراكة الاستراتيجية المتجذرة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتأكيدا على المصالح المشتركة والمتنامية بين البلدين الشقيقين وشعبيهما.
وتعد "جمعية الصداقة البرلمانية الإماراتية السعودية" أول جمعية صداقة ينشئها المجلس الوطني الاتحادي منذ تأسيسه قبل قرابة خمسة عقود مع مؤسسة برلمانية على مستوى العالم، وذلك ترسيخا لعلاقات التعاون بين البلدين لا سيما في مجال تطوير العلاقات البرلمانية، وتعبيرا عن الرغبة المتبادلة في تطوير أسس التفاهم، والحوار، وتنمية العلاقات الثنائية بينهما.
وأكد غباش أن إنشاء جمعية الصداقة بين المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الشورى السعودي، يأتي تعزيزا للعلاقات الثنائية المتميزة واستكمالا لأوجه التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين في الأصعدة والمجالات كافة بما يحقق المزيد من أوجه التعاون والتكامل البرلماني بين البلدين الشقيقين.
وتهدف الجمعية إلى دعم أواصر الصداقة، والتفاهم، والتعاون، وتعزيز أسس التعاون المشترك في مجالات العمل البرلماني، وتبادل الرأي والمشورة في مجال الدبلوماسية البرلمانية لاسيما في المنتديات والمحافل الدولية والإقليمية المشتركة، وتوثيق أطر العلاقات الثنائية.
زيارات متبادلة
وتأتي زيارة غباش للمملكة ضمن سلسلة زيارات متبادلة مكثفة على مدار الفترة الماضية توثيقا للعلاقات المتنامية بين البلدين، كان أبرزها زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى جدة 5 مايو/أيار الماضي.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الزيارة مباحثات مع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، تناولت العلاقات الأخوية المتجذرة التي تربط البلدين وشعبيهما الشقيقين وجوانب التعاون الاستراتيجي الشامل والتنسيق المشترك بينهما، لما فيه مصلحة البلدين المتبادلة، إضافة إلى مجمل القضايا والتطورات العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء أن "العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية قوية وراسخة، وتقوم على المحبة وأواصر القربى والإيمان بوحدة المصير المشترك".
وشدد على أن "متانة العلاقات التي تجمعهما تمثل العمق التاريخي وصمام أمان للبلدين والعرب جميعاً، فهما نموذج للاستقرار والأمان والنماء والازدهار في المنطقة".
وبيّن أن "العلاقات الأخوية تزداد روابطها رسوخاً وعمقاً، إدراكاً من قيادتي البلدين لطبيعة المرحلة وظروفها والتحديات التي تشهدها المنطقة والعالم، والتي تتطلب التعاون وتوحيد المواقف وتكثيف الجهود المشتركة للتعامل معها لما فيه خير البلدين وشعبيهما وشعوب المنطقة".
جاءت تلك الزيارة بعد أيام من زيارة قام بها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى أبوظبي مطلع مايو/أيار الماضي، والتقى خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
تعاون عسكري
وقبيل أيام، اختتمت القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي في 16يونيو/ حزيران الماضي مشاركتها في التمرين الجوي المشترك والمختلط "طويق 2 " والذي استمر لمدة أسبوعين في المملكة العربية السعودية.
وشهد التمرين في مرحلته الختامية عدة طلعات جوية وتمارين تطبيقية نفذت بكل كفاءة واحترافية، وقد حقق التمرين أهدافه من خلال رفع أعلى درجات الاستعداد وتحقيق التوافق والتكامل العملياتي ورفع الجاهزية العملياتية والتدريبية لعمليات الإسقاط الجوي التكتيكي ورفع روح التنافس بين المشاركين، كما تميز أداء المشاركين في التمرين بالمستوى المتقدم في تنفيذ كافة مراحل التمرين بكل دقة وإتقان.
يأتي هذا التمرين بعد أيام من زيارة الفريق أول فياض بن حامد الرويلي رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية الإمارات، مايو/ آيار الماضي، والتقى خلال زيارته كلا من محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع، والفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتي.
وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية الثنائية التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها بما يعزز المصالح المشتركة للبلدين، وسعيهما لتطوير التعاون في كافة المجالات خاصة في المجال العسكري والدفاعي.
واستعرض الجانبان خلال اللقاء جهود البلدين الشقيقين في التعاون والتنسيق لمواجهة تداعيات جائحة فيروس "كوفيد-19" وسبل تعزيز العمل الدولي الجماعي من أجل المضي قدماً في مرحلة التعافي من الجائحة على مختلف الأصعدة، وتبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتعكس الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين في وقت قريب وقصير، الحرص المتبادل بين الجانبين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بينهما.
شراكة متنامية
وعلى صعيد العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين، عقد في 13 يونيو/ حزيران الماضي الاجتماع الأول للجنة المال والاستثمار التابعة لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، والذي عقد عبر تقنيات الاتصال المرئي، بهدف متابعة سير عمل المبادرات الاستراتيجية المعتمدة في مجموعة من المحاور الرئيسية شاملة مجالات الخدمات والأسواق المالية، ودعم ريادة الأعمال، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والسياحة والتراث الوطني، وآليات تنفيذها وفق الخطط المعتمدة.
تأتي هذه الاجتماعات في إطار تنفيذ توجيهات القيادة في البلدين الشقيقين، ومتابعة سير عمل المبادرات والمشاريع وضمان تنفيذها وفقاً للخطط المعتمدة، ووضع حلول للتحديات التي قد تواجه وتعرقل سير عمل المشاريع، ورفع التقارير الدورية "كل 3 شهور" إلى اللجنة التنفيذية عن سير عمل المبادرات والمشاريع التي تعمل على تنفيذها لجنة المال والاستثمار.
وتشمل أهم المبادرات التابعة للجنة المال والاستثمار مبادرة تسهيل انسياب الحركة في المنافذ، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والمملكة العربية السعودية في السوق المشتركة، وإصدار واستخدام عملة إلكترونية افتراضية بشكل تجريبي، ووضع آلية لتمكين فروع بنوك البلدين من تعزيز أعمالها، فضلاً عن التنسيق بشأن أعمال التكنولوجيا المالية الحديثة وتبادل الخبرات.
وفي 7 يونيو / حزيران الماضي، انطلقت أعمال الملتقى السعودي الإماراتي للتدريب التقني والمهني الذي عقد على مدار يومين عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد ويأتي ضمن مبادرة "برنامج مشترك للتدريب التقني والمهني" المنبثق من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
ويأتي انعقاد الملتقى بهدف تطوير العلاقات بين الجهات الأكاديمية للتدريب التقني والمهني في البلدين الشقيقين وتبادل الخبرات والتجارب المتخصصة واستشراف الرؤى المستقبلية للتحول الرقمي الذي يعمل على مواصلة عمليات التعليم خاصة خلال مرحلة كورونا بما يمكن المتعلمين والقائمين على عملية التعليم من تسخير التكنولوجيا الحديثة بما يضمن استمرار العملية التعليمية وتطويرها بعيداً عن طرق التعليم التقليدية.
وكان مجلس الإسكان السعودي-الإماراتي، إحدى مبادرات مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، قد عقد اجتماعه الرابع 22 مايو/أيار الماضي.
وناقش الاجتماع الذي عقد افتراضيا عبر تقنية الاتصال المرئي أهم المبادرات والمستجدات وأبرز المنجزات المتعلقة بقطاع الإسكان بما يحقق تطلعات القيادة الرشيدة ويخدم المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.
نقلة نوعية
شهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية منذ تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم توقيع الاتفاق على إنشائه في مايو/أيار 2016، بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ومضت مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يسهم في تحقيق الخير والرفاهية لشعبي البلدين، ومواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبخطى واثقة، تمضي الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والإمارات إلى آفاق أرحب، حتى أضحت العلاقات بينهما نموذجاً يحتذى في العلاقات الدولية.
شراكة تتوثق وتعاون يتزايد بدعم من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبإشراف ومتابعة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي.
وتتبنى الدولتان مواقف مشتركة إزاء القضايا العربية والخليجية والإقليمية والدولية، حيث تعملان على تعزيز العمل العربي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ومكافحة الإرهاب.
إلى جانب تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتصدي للتدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وتعملان على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.
وامتدادا للعلاقات التاريخية الاستراتيجية بين السعودية والإمارات، شكّل البلدان نموذجا في مواجهة التحديات وصل إلى حد الشهادة التي امتزجت فيها دماء أبناء البلدين دعما للشرعية في اليمن، في إطار تحالف يستهدف دحر الإرهاب ومواجهة التطرف.
وتمثل العلاقة السعودية الإماراتية صمام أمان ليس للبلدين فحسب، بل للمنظومة الإقليمية برمتها، كونهما يجسدان قيم الاستقرار والتنمية، كما يمثلان منطق العقلانية السياسية ومفهوم الدولة الحديثة، في احترام القيم والتشريعات الدولية.
وأسهمت العلاقات الثنائية بين البلدين في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم، خاصة أن تاريخهما يمتلئ بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية أو لدعم الدول العربية، حيث تحملا العبء الأكبر في التصدي لكل أشكال التدخلات الإقليمية في الشأن العربي ومحاولات زعزعة أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلا عن دورهما البارز في جهود مكافحة الإرهاب والتطرف والتي تحظى بتقدير المجتمع الدولي أجمع.
وتمضي العلاقات بين الإمارات والسعودية في طريقها لتحقيق نموذج تكامل عربي استثنائي، بتوجيهات وجهود قادة البلدين، محوره التعاون والتكاتف على كافة الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مستنداً إلى الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة، ومدعوماً برؤى وطموحات قيادات البلدين، وسط إدراك مشترك أن الدولتين يجمعهما مصير واحد ورؤية متكاملة مشتركة، وأن التعاون بينهما يصب في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والرفاهية لشعبيهما.