"مطلوب جاسوسات".. لماذا "تصطاد" المخابرات نساء "الحروب السرية"؟
هل فعلا بإمكان المرأة أن تكون جاسوسا أبرع من الرجل ما يجعلها عنصرا أساسيا بالحروب السرية لأجهزة المخابرات حول العالم؟
الدراسات والشهادات تؤكد أنها بالفعل الأبرع، وهذا راجع لعدة ميزات أبرزها قدرتها على الاندماج بالمجتمعات وتكوين علاقات وطيدة سريعة وعميقة.
وعموما، تتمتع المرأة بقدرتها على تقييم احتمالات الخطر في موقف ما، أو مع أشخاص بعينهم، إضافة لاهتمامها الكبير بالتفاصيل إضافة لكونها مستمعة ماهرة، وكل ذلك يؤمن لها قاعدة بيانات عالية الدقة.
ميزات أكدها مايكل شواير الذي تولى إدارة وحدة الاستخبارات الأمريكية المسؤولة آنذاك عن تتبع الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
شواير قال، في مقابلة معه قبل سنوات، إن النساء شكلن أغلبية في فريقه التحليلي؛ لقدرتهن على العمل بطريقة مميزة عما يقوم به الرجال في هذا المجال.
طرح يدعمه أيضا إيريك كلينسمان، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي آي)، بالقول إن للنساء دور تحليلي بارع في وحدات الجهاز بشكل عام وفريقه خصوصا.
ويعتبر كلينسمان أن النساء يملكن كل ما يتطلبه العمل التحليلي الاستخباراتي، سواء بشكل فطري أو مكتسب، فهن يملكن القدرة على استشعار ما يدور حولهن ويفهمنه بشكل موضوعي رغم ما يبدو ظاهريا أنه انطباعي أو عاطفي.
ويوضح أنهن لا يكتفين بالاستشعار بل يضعن حلولا بحسب المعطيات التي يحصلن عليها ويحللنها من جميع الزوايا وفي سرعة قياسية مقارنة مع الرجل، وهذا ما يفسر كون النساء يمثلن العنصر الغالب في فريقه التحليلي خلال المهام التي أداها للجيش.
وإجمالا، يشير كلينسمان إلى أن النساء يمثلن نسبة هامة جدا في أجهزة المخابرات حول العالم، ويتقلدن مناصب قيادية، وهذا ما يظهره التسلسل الهرمي في العديد من أجهزة المخابرات حول العالم.
ولفت إلى مدى الاهتمام الذي ترصده تلك الأجهزة من أجل الحصول على خدمات النساء في حروبها السرية، مشددا على أن المرأة تتميز بقدرة عجيبة على تحليل الأشخاص والمناطق وقمع الأنا مقابل الاهتمام بالعمل، وهي في كل هذا تبرع بشدة فيما تفعله.
من جانبها، رأت ليندسي موران، الأمريكية التي عملت في جهاز الاستخبارات (سي آي آي) لمدة 5 سنوات على رأس فريق لتدريب النساء للعمل لصالح الجهاز الاستخباراتي، أن المرأة تمتلك عدة مميزات تؤهلها للعمل في المخابرات.
وأشارت موران، في حديث إعلامي سابق، إلى أنه خلافا لما يروج عن أن التكوين الجسدي للمرأة هو ما يمنحها الأفضلية في العمل المخابراتي، وخصوصا حين يتعلق الأمر بالجاسوسية، إلا أن للنساء قدرات كبيرة في تقدير المواقف، وخلق الأعذار المناسبة، والتعامل مع المواقف الخطرة، بغريزة صائبة غالبا.
جنس ناعم في عالم خشن
قصصهن تتجاوز الخيال أحيانا، بعض محطاتها حقيقية فيما قد يدخل البعض الآخر ضمن العمل المخابراتي نفسه، لكن المؤكد هو أن جميع التفاصيل مثيرة بالقدر الكافي لتكون قصصا استثنائية.
الأسماء كثيرة عبر التاريخ، بينها ماهو حقيقي وبينها أسماء اختلقتها المخابرات أو وظفتها بطريقة أو أخرى، أو صنعت منها شخصيات وهمية لحماية أخرى حقيقية، من بينها هبة سليم، الجاسوسة المصرية الأشهر.
هبة كانت فتاة مصرية عادية قبل أن تسافر إلى فرنسا للدراسة، لكن هناك تعرفت على مجموعة من اليهود فأعجبت بقوة إسرائيل وقررت العمل لصالحها من داخل مصر.
وبالفعل، جندها الموساد، وسافرت إلى إسرائيل لتلقي التدريبات ثم عادت إلى مصر، وهناك بدأت العمل من أجل تجنيد المقدم فاروق الفقي، مهندس بالصاعقة المصرية كان يهيم بها حبا، وفي مقولة أخرى، كانت تجمعهما قصة حب طويلة.
انتهى الأمر بالفتاة هبة سليم وبالمهندس المصري إلى تقديم معلومات حساسة عن مواقع أسلحة مصرية، ومواقع بناء سرية خاصة بالجيش المصري.
لكن أمرهما انكشف لاحقا، حيث تأكدت القيادة المصرية حينها من وجود عميل لصالح إسرائيل في الجيش، وبعد التحقيقات صدرت الأوامر بإعدامهما.
ومن بوابة العشق أيضا، استطاعت كلير أن تحصل على معلومات حساسة من جون بروفومو، وزير الدفاع البريطاني في حكومة ماكميلان.
واستغلت العشيقة منصب الوزير لنقل معلومات سرية للمخابرات الروسية، وكانت على علاقة بالملحق الروسي لدى بريطانيا، وفق ما تذكره تقارير إعلامية.
وكانت تلك الفضيحة التي تسببت في استقالة بروفومو من منصبه، وسقطت على إثره الحكومة البريطانية، ودخلت كيلر السجن لكنها خرجت لاحقا لتستكمل حياتها في أحد أحياء لندن.
aXA6IDMuMTIuMTQ4LjE4MCA= جزيرة ام اند امز