شيريل ساندبرغ.. رحلة نجاح المرأة التي غيرت وجه فيسبوك

عيّن مارك زوكربيرغ شيريل ساندبرغ رئيسةً للعمليات في فيسبوك عام 2008، في ظلّ النموّ السريع الذي شهدته الشبكة الاجتماعية وسعيها لجذب الاستثمارات.
وكان زوكربيرغ، يبلغ من العمر 23 عامًا فقط، بينما كانت ساندبرغ، التي كانت آنذاك 38 عامًا، تُعتبر "الشخصية الأبرز في الشركة".
ارتقت ساندبرغ، المديرة التنفيذية السابقة للمبيعات في غوغل ورئيسة موظفي وزارة الخزانة الأمريكية، لتصبح واحدةً من أكثر الشخصيات تأثيرًا في قطاع التكنولوجيا العالمي، وواحدةً من النساء القلائل اللواتي وصلن إلى قمة هذا القطاع.
كما حققت ثروةً طائلةً - فبعد بيع معظم حصتها في الشركة الأم لفيسبوك، ميتا، التي تمتلك أيضًا إنستغرام وواتساب، قدرت ثروتها حتى نهاية عام 2024 بنحو ملياري دولار (1.6 مليار جنيه استرليني).
وغادرت ساندبرغ، التي تبلغ من العمر 54 عامًا، منصبها في فيسبوك قبل عامين تقريبا، كما غادرت العام الماضي مجلس إدارة ميتا أيضًا.
وكتبت في منشور على فيسبوك، "أشعر أن هذا هو الوقت المناسب للتنحي"، حيث أن ميتا "في وضعٍ جيدٍ للمستقبل".
وكان رد زوكربيرغ، "شكرًا لكِ يا شيريل على مساهماتكِ الاستثنائية لشركتنا ومجتمعنا على مر السنين، لقد كان لتفانيكِ وتوجيهكِ دورٌ أساسيٌ في نجاحنا، وأنا ممتنٌ لالتزامكِ الراسخ تجاهي وتجاه ميتا على مر السنين".
نشأتها ودراستها
وُلِدت شيريل ساندبرغ في 28 أغسطس/آب عام 1969 بمدينة واشنطن العاصمة، ونشأت في ميامي بولاية فلوريدا.
كانت شيريل البكر بين ثلاثة أبناء، وعمل والدها، جويل ساندبرغ، طبيبًا في طب العيون، بينما كانت والدتها، أديلي ساندبرغ، تُدرّس اللغة الفرنسية.
ومنذ صغرها، أبدت شيريل شغفًا بالتعليم وحرصًا على التفوق الدراسي، الأمر الذي جعلها تتصدر صفوفها دائمًا.
وبعد إنهائها المرحلة الثانوية، التحقت بجامعة هارفارد، حيث تخصّصت في الاقتصاد تحت إشراف أستاذها الشهير لورانس سامرز.
وخلال دراستها، برزت قدراتها الأكاديمية، حتى نالت جائزة "جون إتش ويليامز" التي تُمنح لأفضل طالب في تخصص الاقتصاد، وتخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1991.
ولم تتوقف طموحات شيريل عند هذا الحد، بل واصلت دراستها في جامعة هارفارد، لتحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال (MBA) عام 1995.
وخلال فترة الماجستير، شاركت في العديد من الأنشطة الطلابية والمنظمات الجامعية، مما مكنها من بناء شبكة علاقات مهنية واسعة كان لها بالغ الأثر في مسيرتها المهنية.
وقد شكّلت سنوات دراستها في هارفارد محطة فارقة في حياتها، إذ اكتسبت خلالها مهارات قيادية وتحليلية واستراتيجية متقدمة، كانت بمثابة الركيزة التي انطلقت منها نحو مسيرتها المهنية الناجحة لاحقًا.
انطلاقتها المهنية قبل فيسبوك
بعد حصولها على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة هارفارد، بدأت شيريل ساندبرغ مسيرتها المهنية في البنك الدولي، حيث عملت مساعدة بحثية للبروفيسور لورانس سامرز، الذي كان يشغل آنذاك منصب المستشار الاقتصادي للبنك.
وخلال هذه الفترة، شاركت في عدد من المشاريع الصحية المهمة في الهند، من بينها جهود مكافحة الجذام والإيدز والعمى.
وقد أتاح لها هذا العمل اكتساب فهم عميق للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلدان النامية، إلى جانب تطوير مهاراتها في التحليل وصنع القرار الاستراتيجي.
وفي عام 2001، التحقت شيريل ساندبرغ بشركة غوغل، حيث تولّت منصب نائبة رئيس العمليات والمبيعات العالمية عبر الإنترنت. وأسهمت بشكل محوري في توسّع الشركة ونمو أعمالها، إذ تولّت مسؤولية إدارة المبيعات عبر الإنترنت والإعلانات، ما كان له أثر بالغ في زيادة إيرادات الشركة. كذلك، كان لها دور بارز في تأسيس "غوغل أورغ"، الذراع الخيرية لغوغل، الذي يعنى بدعم المبادرات الخيرية والمشاريع التكنولوجية على مستوى العالم.
وخلال فترة عملها في غوغل، أثبتت ساندبرغ كفاءتها القيادية وقدرتها على إدارة الفرق الكبيرة وتحقيق نتائج ملموسة. كما ساهمت في تطوير استراتيجيات مبتكرة للمبيعات والإعلانات، الأمر الذي ساعد الشركة على تحقيق نمو هائل في إيراداتها، إلى جانب تعزيز ثقافة الابتكار داخل المؤسسة، مما رسّخ مكانة غوغل كواحدة من كبرى الشركات التكنولوجية العالمية.
الانتقال لفيسبوك
في عام 2008، انضمّت شيريل ساندبرغ إلى شركة فيسبوك لتشغل منصب مديرة العمليات (COO)، وهو الدور الذي أسهم في ترسيخ مكانتها كإحدى الشخصيات البارزة في قطاع التكنولوجيا والأعمال.
آنذاك، كانت فيسبوك لا تزال شركة ناشئة نسبياً، تواجه تحديات ملحوظة في مسيرة النمو وتحقيق الاستدامة.
واستفادت شيريل من خبرتها الواسعة التي اكتسبتها خلال عملها في غوغل، حيث وضعت استراتيجيات فعّالة أسهمت في زيادة الإيرادات وتعزيز حضور فيسبوك على الساحة العالمية.
وبفضل قيادتها، شهدت الشركة نمواً استثنائياً وتوسعاً ملحوظاً في نفوذها.
وقد تولّت ساندبرغ مسؤولية تطوير سياسات الإعلانات وابتكار سبل جديدة لتعظيم الإيرادات، ما ساعد فيسبوك على ترسيخ مكانتها كشركة رائدة في مجالي التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي.
إضافة إلى ذلك، أدّت دوراً محورياً في تعزيز بيئة الابتكار داخل الشركة، وقيادتها باقتدار خلال فترات التحديات والمتغيرات الكبرى.