«المتمردة» التي صنعت كامالا .. ماذا نعرف عن والدة هاريس؟
هذا الخريف، أصبحت الدكتورة شيامالا جوبالان هاريس الشخصية الأكثر شهرة في الحملة الانتخابية لكامالا هاريس.
وفي خطاباتها، غالبًا ما اعتمدت نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على ذكرى والدتها التي توفيت بالسرطان في 2009 والتي وصفتها بأنها الشخصية صاحبة التأثير الأعظم عليها و"المرأة السمراء ذات اللهجة" التي غادرت الهند في عمر الـ19 ورفضت التقاليد.
وفي رواية ابنتها، تمردت الدكتورة جوبالان هاريس على الأعراف الهندية فتزوجت من رجل جامايكي واستقرت في الولايات المتحدة بعيدا عن العائلة، لكن التمرد الحقيقي لجوبالان هاريس كان ضد الأعراف الأمريكية فرفضت أن تسكت ضحكتها، أو تبتلع آراءها أو تبقي طلابها على مسافة وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
ونسجت هاريس من ماضي والدتها قصة نجاح لا تحدث إلا في أمريكا، لكنها غالبا ما كانت تتغاضى عن مواقف جوبالان الأكثر تحديًا تجاه العنصرية وكراهية النساء في بلدها الذي اختارته، وهو ما يظهر ليس فقط في معاركها من أجل حقوق السود وإنهاء حرب فيتنام، لكن أيضًا في مختبر سرطان الثدي الذي قادته، كركن صغير من مؤسسة علمية بيضاء وذكورية وغير مرحبة بأشخاص مثلها.
بدأ تمرد شيمالا جوبالان في وقت مبكر في مدرستها الثانوية بالهند، في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين حين تمردت على الفصل بين الطلاب الذكور والإناث داخل مقاعد الدراسة حيث كانت تتحدث دون خجل إلى زملائها الذكور وفقا لزميل دراستها، آر. راجارامان.
وفي سن الـ19 كانت جوبالان الابنة الكبرى لدبلوماسي من عائلة براهمية تاميلية متميزة قد اتخذت قرارها بالسفر، فأخبرت والدها أنها قُبلت في برنامج الدراسات العليا في علم التغذية في بيركلي وهو الأمر الذي كان بمثابة هروب من التعليم الذي وجدته في كلية ليدي إروين في نيودلهي لدراسة الطبخ ورعاية الأطفال والتغذية.
وبفضل منحة دراسية بقيمة 1600 دولار، سافرت إلى بيركلي في عام 1958، وكانت لا تزال بحاجة إلى 9 دورات دراسية للاستفادة من المنحة وذلك وفقًا لسجلات ملف الهجرة الخاص بها.
كانت جوبالان بمفردها فلم يكن لعائلتها أي اتصالات في بيركلي لوم تكن الولايات المتحدة قد أنهت بعد نظام الحصص التمييزي الذي كان يقيد عدد المهاجرين من خارج أوروبا الغربية.
وقالت صديقتها القديمة جوديث تورجيون "كانت جوبالان وحيدة، وقالت إن الأمر صعب. لكنها واصلت المضي قدمًا".
وفي أجواء السياسة الراديكالية في بيركلي، وجدت جوبالان أصدقاء مقربين، كثير منهم من أصول أفريقية وانضمت إلى مجموعة ساعد أعضاؤها في تأسيس حزب الفهود السود.
كانت مجتهدة دائمًا، وتشارك في المناقشات حول أوجه الشبه بين الحركات المناهضة للاستعمار والنضال ضد العنصرية الأمريكية لكن كونها تنتمي إلى طبقة عليا ترك أصدقاءها في حيرة لكنهم قالوا إن تربيتها منحتها الثقة التي ساعدتها على التنقل بين العوالم.
كان من المتوقع أن تعود جوبالان إلى الهند من أجل زواج مرتب لكنها التقت في 1962، بدونالد هاريس، وهو جامايكي يسعى للحصول على الدكتوراه في الاقتصاد وانضم إلى مجموعتها حيث تزوجا في العام التالي
وبعد إنجاب ابنتها كامالا في 1964 انتقلت جوبالان مع زوجها إلى إلينوي ثم ويسكونسن حيث حصل على منصب دائم في حين حصلت هي على وظيفة بحثية بمستوى أدنى ووفقا لمذكرات نائبة الرئيس كانت "الرومانسية" تحرك والدتها لكنهما "انفصلا بعد أن أصبحا مثل الماء والزيت" وهو أمر كان شاقا على المرأة التي تحدت عائلتها من أجل الزواج.
وبعدما أصبحت أمًا عزباء مع ابنتين وتعمل في مهنة يهيمن عليها الرجال، أصبحت جوبالان أكثر انسجامًا مع ما تصفه لأصدقائها بالتمييز الجنسي الصارخ حتى أنها كانت تتحدث عن مرض المناعة الذاتية الذي أصيبت به لاحقا باعتباره "رجلا".
وبعد انفصالها عن زوجها، قررت جوبالان في 1969 الاستقرار ليس في منطقة للمهاجرين الآسيويين بل في حي ويست بيركلي للمهاجرين من أصول أفريقية حيث عانت من الضغوط المالية.
وعن اختيارها لويست بيركلي قالت جوبالان لمراسل في 2007 "لا يوجد فرق بين أن تكون من الهند أو من أصل أفريقي، لأن هذا البلد عنصري على أساس اللون".
كانت جوبالان تعتقد أن أفضل تدريب على كيفية "المناورة" في الولايات المتحدة هو تربية الفتيات بين الجيران من أصل أفريقي لكنها كانت تهتم أيضا بالهوية الهندية لابنتيها كما اهتمت بأخذهما للمختبر لمعرفة قيمة العمل.
ومع تركيز جهودها لفهم سرطان الثدي، فشلت أوراقها في كسب المزيد من الدعم من قبل الباحثين كما خسرت منصبا في جامعة بيركلي لصالح رجل أبيض.
سعت جوبالان لمقاضاة الجامعة قبل أن تنتقل إلى مستشفى تابع لجامعة ماكجيل في مونتريال، حيث حصلت على مساحة مختبر خاصة بها وقال الدكتور مايكل بولاك، إنها كانت تتمرد على الشكليات والحواجز بين الطلاب والأساتذة.
وأضاف "كان مختبرها أكثر مساواة" وكأن الأستاذ الكبير يتحدث إلى أصغر الطلاب". "بالنسبة لها، لم يكن هذا تمرينًا أكاديميًا في برج عاجي."
"أطفال" المختبر
في حرصها على المزيد من الاستقلال، اعتمدت الدكتورة جوبالان هاريس على واحدة من النساء القليلات غير البيض اللاتي يتمتعن بالسلطة في مجالها: الدكتورة بيسيل، باحثة سرطان الثدي، التي هاجرت من إيران وكانت تشرف على قسم في مختبر لورانس بيركلي الوطني.
في بحثها عن عالمات مهملات، وظفت الدكتورة بيسيل الدكتورة جوبالان هاريس، التي كانت تحول تركيزها إلى مستقبلات البروجسترون الأقل دراسة.
وبعد عودتها إلى بيركلي كانت جوبالان رئيسة متطلبة ومهووسة بجعل دراساتها أكثر صلابة لكن قوتها كانت مصحوبة بالمودة فتشير إلى طلابها باعتبارهم "أطفالها".
وفي ميلها إلى إزعاج أصحاب السلطة، رأى البعض فرقًا بين جوبالان وكامالا التي كانت تتحرك لتولي زمام الأمور في المؤسسات التي تعمل بها، بدءًا من مكتب المدعي العام في سان فرانسيسكو.
ورغم مرضها بالمناعة الذاتية ثم سرطان القولون لم تتوقف عن العمل، وقال زملاؤها إنها بعد النقطة التي كان من المفترض أن يمنعها فيها الألم من المشي، جاءت إلى العمل حتى أنها تقاعدت رسميًا لتحرير أموال الراتب لإنفاقها على احتياجات البحث بدلاً من ذلك.