"روح الاتحاد".. الإمارات في صورة وشعار
جمعتهم الأماني فكانوا لوطنهم مشاعل نور تضيء الدرب بتجربة وحدة شكلت شاهدا خالدا على إنجاز عظيم وعطاء لا ينضب.
آباء مؤسسون لدولة الإمارات شكلوا روح الاتحاد، ومن سيرتهم تستخلص الأجيال العبر وتواصل تحمل المسؤولية في وطن ينظر إلى مستقبله بأمجاد ماضيه وعيون تاريخ ثري وحاضر حافل بالإنجازات.
وتحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر كل عام، باليوم الوطني وذكرى قيام الاتحاد، والذي يوافق هذا العام ذكراه الـ50، تحت شعار "روح الاتحاد".
وأحدث هذا الاتحاد نمواً شاملاً وارتقى بالدولة إلى مصاف الدول المتقدمة عالمياً، وجعلها وجهة دولية للعديد من المشاريع الحضارية والعلمية، وذلك بفضل حكمة الآباء المؤسسين لكيان الدولة وعلى رأسهم قائد الوحدة وباني نهضة الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله.
وخلدت الإمارات الصورة التاريخية لميلادها وتأسيسها، والتي تضم الآباء المؤسسين للاتحاد، عبر جعلها أيقونة دائمة للاحتفال باليوم الوطني.
وطن في صورة
تساؤلات تدور حول قصة تلك الصورة من قام بتصويرها، وكيف تحولت لشعار خالد لأهم أعياد الإمارات والعرب، لتستعرض قصة وطن وتلخص مسيرة دولة.
تم استلهام شعار "روح الاتحاد" من يوم تأسيس الاتحاد في الثاني من ديسمبر/ كانون أول 1971، وركزت العناصر التصميمية للشعار على إبراز اللقاء التاريخي للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع إخوته حكام الإمارات ورفع علم الدولة شامخا إيذانا بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتعود الصورة الأصلية لحكام الإمارات وهم يقفون بشموخ تحت راية علم دولة الإمارات الذي رفرف خفاقاً في سماء الاتحاد للمرة الأولى باليوم المشهود، معلنا قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد تم التقاط الصورة بعد الاجتماع الذي تم خلاله الاتفاق على تأسيس الاتحاد، وتم في أعقابه إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، لتتوحد بذلك رؤى الآباء المؤسسين: الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، حاكم رأس الخيمة، والشيخ خالد بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، والشيخ محمد الشرقي حاكم الفجيرة، والشيخ أحمد المعلا حاكم أم القيوين، والشيخ راشد بن حميد النعيمي، حاكم عجمان.
وخلال الاجتماع، تم وضع خريطة عمل متكاملة لتأسيس دولة الإمارات، وجرى التوقيع على وثيقة التأسيس، ومن هناك كانت البداية نحو تحقيق الحلم وولادة دولة جديدة.
وصدر عن هذا الاجتماع البلاغ التاريخي الذي جاء فيه: "يزف المجلس الأعلى هذه البشرى السعيدة إلى شعب الإمارات العربية المتحدة وكل الدول العربية الشقيقة، والدول الصديقة، والعالم أجمع، معلناً قيام دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة، وجزءاً من الوطن العربي الكبير".
وانتخب حاكم أبو ظبي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من قبل الحكام ليكون أوّل رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتم انتخاب المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً للرئيس، وهو منصب استمرّ فيه حتى وفاته عام 1990.
وراء الكاميرا
التقط تلك الصورة المصور الهندي، راميش شوكلا، الذي لم يكن يدري آنذاك أن الصورة التي التقطها ستصبح أيقونة لعيد الاتحاد في الإمارات.
شوكلا الذي يقيم في الإمارات منذ عام 1956، لم يتوقع أن تتحول إحدى صوره إلى أيقونة لشعار "روح الاتحاد" الخاص باحتفالات اليوم الوطني الإماراتي، لكن ذلك حدث عندما كان في الوقت والمكان المناسبين لحظة إعلان دولة الاتحاد والتقط صورته التذكارية النادرة لحكام الإمارات أمام سارية علم الدولة بعد توقيع اتفاقية الاتحاد وقيام الدولة في "دار الاتحاد" بدبي عام 1971.
وأعرب راميش في لقاء سابق مع "العين الإخبارية"، عن فخره بتوثيق لقطات مهمة من تاريخ هذه البلاد.
وقال: "وصلت إلى الإمارات على متن قارب. وبصحبتي 7 بكرات من الأفلام وكاميرا أهداني إياها والدي. أنا فخور جدا لأني وثقت بهذه الكاميرا لقطات مهمة من تاريخ هذه البلاد".
قيم ودلالات
تزامناً مع احتفال الدولة باليوم الوطني الـ40 عام 2011، أطلق شعار "روح الاتحاد" مستلهما من تلك الصورة التاريخية، شعار يحمل صورة القادة المؤسسين وتدون عليه كلمتان تختصران مفهوم الوحدة والاتحاد في أسمى تجلياتها، إنها "روح الاتحاد".
ولكن عدلت الصورة في الشعار لتضم صورة الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم إمارة رأس الخيمة، حيث لم يكن حاضرا في تلك اللحظة إلى جانب إخوانه حكام الإمارات، وذلك لضمان اكتمال معاني الوحدة التي تجسدها احتفالات الدولة باليوم الوطني.
وكانت رأس الخيمة قد انضمت إلى الاتحاد في 10 فبراير/ شباط 1972، فأصبح الاتحاد متكاملاً باشتماله على الإمارات السبع.
وتم اعتماد "روح الاتحاد" ليكون الشعار الرسمي للاحتفالات في اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتم تعميمه ليكون شعاراً رسمياً لكافة الفعاليات في كل إمارات الدولة.
وروح الاتحاد مستمدة من رؤية وإرث المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي غرس روح الاتحاد وعزز في النفوس القيم الوطنية، وأعطى بلا حدود، وألهم الجميع لمواصلة تحقيق الإنجازات والارتقاء بدولة الإمارات.
وأكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، أن اختيار روح الاتحاد شعارا لاحتفالات اليوم الوطني تعبير صادق عن أصالة التجربة التي جسدت بصدق واقع ابن الإمارات في أصالته وقيمه وخصوصيته.
وأوضح أن الآباء المؤسسين هم روح الاتحاد ومن سيرتهم تستخلص الأجيال العبر وتواصل تحمل المسؤولية في وطن زاه بماضيه ويفخر بحاضره المعطاء وغده الواعد.
ويحمل شعار "روح الاتحاد" ويرفع معه صورة رموز وشخصيات لعبت الدور الأبرز في سبيل إنشاء وتأسيس أنجح تجربة وحدوية عربية عرفها التاريخ العربي المعاصر.
وحينها، قالت اللجنة العليا لاحتفالات اليوم الوطني إن اختيار شعار "روح الاتحاد" لاحتفالات اليوم الوطني جاء بهدف ترسيخ الشعار في نفوس الجمهور.
وأوضحت اللجنة أن هدف الشعار هو التعبير الصادق عن ارتباط قلب وفكر كل مواطن سواء من الأجيال التي عايشت نشأة الاتحاد أو من الأجيال الجديدة التي عاشت منجزات الاتحاد في كل بقعة على أرض الدولة بيوم الاتحاد كتاريخ كان له ما بعده من عمران ورقي ونهضة، بفضل القيادة الرشيدة بداية بالآباء المؤسسين وحتى اليوم، حيث تتمتع الإمارات بمكانة عالية على الصعيدين العالمي والإقليمي.
وتحتفل الإمارات، هذه الأيام، بعيد الاتحاد الخمسين، واليوبيل الذهبي لتأسيسها، في وقت تسارع فيه الخطى لتنفيذ "مبادئ الخمسين" الهادفة لتقوية الاتحاد وتعزيز ريادته وتخليد قيمه.