الرياضة والأمومة.. عداوة وصراع ومعاناة لا تنتهي
تقرير يلقي الضوء على الصعوبات التي تجدها الأمهات الرياضيات مما قد يؤثر عليهن فنياً وحياتياً بالحديث عن عدة نجمات عانين بسبب الأمومة
يعتبر التحدي الأكبر للمرأة التي تمارس الرياضة أن تجمع بين تفوقها الرياضي وسعيها لتحقيق المزيد من جهة، وأن تحافظ على دورها الأسري لاسيما علاقة الأمومة وكيفية وفائها بالتزاماتها من جهة أخرى.. بالنسبة للرياضيات، فالأمر مختلف بعض الشيء، إذ عليهن في أداء التدريبات أن يبذلن جهداً بدنياً، وعليهن الالتزام بمواعيد تدريبات ثابتة ومرهقة، وهو ما قد يتعارض مع وجود التزامات تتعلق بأطفالهن أو حتى بحملهن.
تحدثت كاتي شامبان، لاعبة منتخب إنجلترا السابقة، عن الصعوبات التي واجهتها كلاعبة كرة قدم وأم في الوقت نفسه، بحديث قاس أكدت فيه أن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لم يدعمها في وقت صعب للغاية: "شعرت أن الاتحاد الإنجليزي يعاقبني لأني أصبحت أما، لقد غبت عن كأس العالم ودورة الألعاب الأولمبية 2012، وخسرت مادياً كذلك".
وواصلت: "الاتحاد الإنجليزي لم يدعمني، شعرت بضغط كبير، إني لا أبعث برسالة لتمكين المرأة، ولكنها حقيقة أخرى عن حياة المرأة الرياضية، لأن إحدى المعارك التي لا تنتهي في الرياضة هو أن تستمر الفتاة في اللعب بعد الإنجاب، في الرياضة الإنجاب يعني انتهاء المسيرة".
وأيدت العداءة الأمريكية إليسيا مونتانو حديث شامبان بالتطرق لأزمتها مع شركة "نايكي" الأمريكية الشهيرة: "طلبت مني الشركة الأمريكية أن أحلم بأي شيء، حتى لحظة أن رغبت في الإنجاب"، هنا عرفت سياسة الشركة الأمريكية مع الحوامل من الرياضيات".
من جانبها، فإن شامبان، اختبرت الأمومة والعمل الرياضي في سن 21 سنة، بإنجابها أول طفل من أصل 3 أطفال لديها الآن، على الصعيد البدني، لم تكن عودتها صعبة، ولكن الصعوبة كمنت في أنها باتت تعمل في مؤسسة الاتحاد الإنجليزي، تلك المؤسسة التي لا تقدم تسهيلات للأمهات.
وعلى الرغم من تحقيق نجاحات كبرى، خلال اللعب لأرسنال وتشيلسي إلا أن اللعب لمنتخب إنجلترا كان دوماً بمثابة "معركة".
وكانت اللاعبة الإنجليزية تشعر بعدم ترحيب واضح من قبل الاتحاد الإنجليزي حين يسافر معها أولادها.
ولكن الحالة الإنجليزية، غير مطبقة في الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الأنجح في عالم كرة قدم السيدات، حيث إن منتخب أمريكا للسيدات، بطل العالم، أصدر سياسة رعاية الأطفال منذ عام 1996، حيث يسمح للاعبات باصطحاب الأطفال في التدريبات، ويقوم الاتحاد الأمريكي لكرة القدم بدفع نفقات المربيات.
ولقد تحدثت جيل إيليس، مدربة أمريكا في كأس العالم الماضية، والمتوجة بجائزة أفضل مدربة في العالم في 2019، في آخر مؤتمر لها عن تلك السياسة التي أتت آكلها، وحين كانت تتحدث كان يجلس إلى جوارها ابنتها ليلي ومعها كارت الهوية الخاص بها.
بينما تروي شامبان أنها عند اصطحابها ابنتها هارفي في كأس العالم 2007 في الصين لم يسمح لها، الابنة، بتناول الطعام مع الفريق.
وتروي نجمة الكرة الإنجليزية التجربة بمرارة، قائلة: "كان لنا طاهٍ خاص، وكان منتخب اليابان موجود هو الآخر، وسمح لابن إحدى اللاعبات بتناول الطعام مع الفريق الياباني، لكن هذا لم يكن مسموحاً به لدينا، الأمر كان بمثابة كسر جدار من الطوب".
وهناك نوع آخر من المعاناة، يتعلق بطبيعة الرياضة نفسها، وما تتطلبه تلك الرياضة من تناول طعام معين أو أداء تدريبات بعينها، قد تؤثر على بعض الأمور النسوية المتعلقة بالإنجاب مثل انقطاع الطمث، وهذا الحديث ينطبق على عداءة الماراثون البريطانية السابقة، تينا موير، والتي أكدت: "شعرت أني أعيش في عزلة لتسع سنوات، وذلك بسبب انقطاع الطمث، ولقد أخبرني الأطباء بأن تدريبات الماراثون الأسبوعية والركض لتسعين ميلا، تؤثر على فرصي في أن أصبح أما".
ولقد قررت العداءة أن تعتزل في سن الثامنة والعشرين، وهو ما قوبل برفض شديد من زميلاتها، ولقد اكتشفت أن النظام الغذائي غير المنتظم لها تسبب بدوره في متاعب صحية.
وهناك حالة أخرى، تتعلق بتراسي نيفيل، مدربة كرة الشبكة الإنجليزية، التي قررت الاعتزال هي الأخرى، بعد كأس العالم من أجل إنجاب الأطفال، ويرجع ذلك إلى أنها عانت من إجهاض في اليوم الذي أتبع تتويج إنجلترا بكأس "الكومنولث" في 2018.
لكن بعيداً عن تلك الأمثلة، هناك أمثلة لرياضيات بدأن في التفكير في الإنجاب بعد الانتهاء من مسيراتهن الرياضية، مثل الألمانية شتيفي جراف لاعبة التنس الشهيرة والسباحة الإنجليزية ريبيكا أدلينجتون وميا هام لاعبة الكرة الأمريكية السابقة.
بالنسبة للرياضيات اللواتي يقررن العودة بعد الإنجاب ففي الأغلب لا يعدن بنفس المستوى الذي كن عليه من قبل، وهناك مثال واضح يتمثل في سيرينا ويليامز، الفائزة بـ22 بطولة جراند سلام، والتي أكدت أنها كانت ستشعر بالذنب لو لم تعتن بابنتها ألكسيس، معترفة أنها حتى رغم ذلك لا تعتني بالطفلة بالشكل الأمثل.
وهناك عداءة الماراثون الويلزية لوري مورجان، التي تحدثت عن أنها قامت ببذل أقصى جهد كي تستفيد من وقتها بالتواجد مع ابنها جوليم، حيث إنها كانت لا تنام حتى تنتهي من تدريباتها ثم تقوم بتحضير متطلبات ابنها الخاصة بمدرسته.
وفي النهاية، يبقى التوازن بين حياة السيدة الرياضية ومهنتها وتقدمها فيها أمرا غاية في الصعوبة ويحتاج إلى حنكة وصبر ومهنية أو تأجيل للقرار حتى الاعتزال.