البرهان وتجميد «إيغاد».. الحل السلمي يبتعد عن السودان؟
على شفير الهاوية، بدا مستقبل السودان بلا أمل يلوح الأفق بشأن حل سلمي ينهي معاناة السودانيين، نازحين ولاجئين، ويوقف هدر الموارد الشحيحة.
وجاء قرار الخارجية السودانية بتجميد التعامل مع منظمة "إيغاد" بشأن أزمة البلاد لـ"يزيد الطين بلة"، بحسب خبراء، اعتبروه بمثابة "مؤشر لإطالة أمد الحرب، وتوسع دائرة نطاقها، وارتكاب المزيد من الفظائع".
إطالة أمد الحرب
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي، عبد اللطيف أبو بكر، فإن "تجميد التعامل مع منظمة إيغاد يعني إطالة أمد الحرب، وارتكاب المزيد من الجرائم الإنسانية".
وأوضح أبو بكر في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "قيادات تنظيم الإخوان داخل وزارة الخارجية، وراء القرار الأخير، لسعيهم المستمر في استمرار الحرب، من أجل عودتهم مرة أخرى إلى تصدر المشهد بعد تجربة فاشلة استمرت لـ30 عاما".
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، عباس عبد الرحمن، إن تجميد التعامل مع منظمة إيغاد ستكون عواقبه وخيمة على السودان، وربما تترتب عليه عقوبات دولية، خاصة وأن مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، مولي في، رحبت بقمة إيغاد في 18 يناير/كانون الثاني الجاري التي ستناقش التوترات في الصومال وإثيوبيا والوضع في السودان، وضرورة وقف التصعيد وبدء الحوار تمهيدا لوقف إطلاق النار.
وأشار عبدالرحمن، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "قيادة السودان ليست على قلب رجل واحد، ما أدى إلى التخبط في القرارات والتعامل مع المؤسسات الإقليمية والدولية".
ويأتي بيان الخارجية، بتجميد التعامل مع إيغاد بشأن ملف الأزمة الراهنة في السودان، بعد إعلان مجلس السيادة برئاسة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، السبت، رفض دعوة جديدة من قبل منظمة إيغاد لعقد قمة لمناقشة وضع البلاد خلال الأيام المقبلة.
في حين أعلن الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع السودانية، الموافقة على المشاركة في قمة منظمة "إيغاد" في مدينة عنتيبي الأوغندية.
وكان الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيلي، رئيس الدورة الحالية لمنظمة "إيغاد"، دعا أعضاء المنظمة إلى عقد قمة استثنائية بأوغندا نهاية الأسبوع الجاري، لمناقشة الأوضاع في السودان والخلاف بين إثيوبيا والصومال، ضمن جهود مكثفة للمنظمة للضغط على طرفي النزاع العسكري في السودان، لتوقيع اتفاق وقف عدائيات يسهم في إيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين من النزاع.
وكانت القمة السابقة لـ"إيغاد" قد دعت إلى اجتماع فوري بين فرقاء السودان، يهدف إلى دمج مقترحات منبر جدة والخارطة الأفريقية لحل الأزمة المستعرة منذ أبريل/نيسان الماضي.
و"إيغاد" منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية تأسست عام 1969، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم كلا من "إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا والصومال، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان".
وحظيت القمة السابقة غير العادية الحادية والأربعين لرؤساء وحكومات دول الإيغاد المخصصة لبحث الأوضاع المتأزمة في السودان بحضور إقليمي ودولي كبير ومشاركة مبعوثين دوليين.
وأقرت اجتماعات "إيغاد"، خلال اجتماع سابق، توسيع الآلية المشتركة بضم أطراف إقليمية ودولية، لتكون بديلا عن آلية "إيغاد" الرباعية المخصصة لحل الأزمة، ودعمت الخارطة الأفريقية المكونة من 6 نقاط التي اقترحت في وقت سابق لحل الأزمة السودانية.
وتشمل الخارطة الأفريقية وقف إطلاق نار دائم، وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح، وإخراج قوات الطرفين إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم، بالإضافة إلى نشر قوات أفريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية في العاصمة.
كما تتبنى خطة تدمج بين رؤية منبر جدة ومقترحات "إيغاد"، التي تقود إلى إجراءات لوقف الحرب، وإطلاق عملية سياسية تفضي لانتقال السلطة إلى المدنيين.
التزام بالحوار والسلام
وبمناسبة الجلسة الطارئة الـ42 للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في 18 يناير/كانون الثاني الجاري، أكد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، التزامه بالمفاوضات والحوار والسلام من أجل رسم مستقبل أفضل للسودان.
وقال دقلو في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية": "في البدء أؤكد أن طبيعة اجتماع رؤساء الإيغاد أو أي مفاوضات مقبلة، ليست مسألة تتعلق بالمصالح الشخصية، ولا ينبغي لها أن تدور حول أجندة أي مجموعة بعينها، ويجب أن تتم المفاوضات من أجل تحقيق مستقبل مستدام للسودان، وأن تؤدي إلى حل شامل يضم جميع السودانيين فطبيعة هذا الحل واضحة."
وأوضح أنه يجب على السودان أن ينتقل سريعا نحو مستقبل ديمقراطي، من خلال إجراء انتخابات حقيقية حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وبناء حكومة ديمقراطية تمثل إرادة الشعب السوداني.
وأن "يكون للسودان جيش موحد، تكون مهمته الأساسية الدفاع عن البلاد، بعيدا عن التدخل في السياسة والاقتصاد. نحن نرى أن بناء جيش مهني وموحد يشكل شرطا أساسيا لإرساء دولة حديثة ومستقرة."
وشدد دقلو على ضرورة أن يكون هناك تمثيل متساو لجميع السودانيين في هياكل الدولة والجيش والمؤسسات، دون أي تمييز، وأن السودان ملك لجميع السودانيين، فلا يوجد مواطن درجة أولى وآخر درجة ثانية، وأن تصرف البعض وكأنهم يملكون السودان، لا يحقق السلام والاستقرار في البلاد، التي يجب أن يعيش فيها الكل بعدالة ودون أي تمييز.
وأضاف: "إننا ندخل هذه المفاوضات بحسن نية وعزيمة لإنجاحها، لأننا ندرك أن خسارة أي سوداني هي مأساة يجب أن نتحمل مسؤولية منع وقوعها، وإذا فشلنا في هذا المسعى، فسيحكم علينا التاريخ والشعب السوداني، ولذلك، فإنني أوكد التزامي بالسلام والمفاوضات بهدف رسم مستقبل مشرق لبلادنا الحبيبة."
وتابع: "تهدف هذه المفاوضات إلى تحقيق هدف عظيم، ولا ينبغي أن تقتصر على محادثات بين شخصين محددين، يجب أن تشكل جميع السودانيين لتحقيق مطالبهم المشروعة في الحرية والسلام والعدالة. نتوقع من الطرف الآخر تقديم نفس المستوى من الالتزام. نحن لا نتفاوض من أجل مصالح شخصية، بل نتناقش حول مستقبل السودان".
واستطرد: "نعتقد أن أي شخص يحاول عرقلة هذه المفاوضات أو يمنع عقد الاجتماعات لأي سبب كان، أو يغادر طاولة المفاوضات دون سبب مقنع، يقوم بخيانة الشعب السوداني. نحن ملتزمون بتحمل جميع المسؤوليات وتقديم التضحيات الضرورية".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش و"الدعم السريع" خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
ووفق بيان صادر عن الخارجية السودانية، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أبلغ وزير الخارجية المكلف علي الصادق، نظيره بجمهورية جيبوتي، رئيس مجلس إيغاد الوزاري، بصفة جمهورية جيبوتي رئيسة لدورة إيغاد الحالية، عبر رسالة مكتوبة، قرار الحكومة وقف الانخراط وتجميد التعامل مع إيغاد بشأن ملف الأزمة الراهنة في السودان.
وأرجعت الخارجية السودانية قرارها إلى ما اعتبرته "تجاوزات" ارتكبتها إيغاد "بإقحام الوضع في السودان ضمن جدول أعمال القمة الاستثنائية الثانية والأربعين لرؤساء دول وحكومات إيغاد المقرر عقدها في العاصمة الأوغندية كمبالا، يوم الخميس 18 يناير/كانون الثاني 2024، دون التشاور مع الحكومة السودانية".
كما أشارت الحكومة إلى دعوة قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" للحضور، معتبرة ذلك "سابقة خطيرة في تاريخ إيغاد والمنظمات الإقليمية والدولية".
كما وصفت الخارجية السودانية، في رسالتها دعوة حميدتي بـ"انتهاك لسيادة السودان، ومخالفة جسيمة لمواثيق إيقاد، والقواعد التي تحكم عمل المنظمات الدولية والإقليمية".
aXA6IDMuMTQzLjIwMy4xMjkg جزيرة ام اند امز