وزير سوداني لـ"العين الإخبارية": ملاحقة إخوان الخارج بدأت والخيارات مفتوحة لسد النهضة
ملفات مهمة شكلت المحاور الكبرى لقراءة وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني خالد عمر، لعدة جوانب للشأن المحلي وتفاعلاته الإقليمية والدولية.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية" قدّم الوزير لمحة عامة عن أبرز نقاط التوقف بالمشهد السوداني، متطرقا إلى زيارته الأخيرة إلى دولة الإمارات، مرورا بملف إخوان السودان وإجراءات ملاحقتهم داخليا أو خارجيا، وصولا إلى أزمتي الحدود وسد النهضة مع إثيوبيا، وغيرها من الملفات ذات الصلة بالمستجدات.
الوزير أكد التزام دولة الإمارات بدعم سلام السودان ووقوفها إلى جانبه، وتحدث عن ضرورة مثول الرئيس المعزول عمر البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية، بموجب اتفاق السلام، مشيرا إلى أن إجراءات ملاحقة الإخوان بالخارج بدأت بالفعل.
وعرّج على ملف سد النهضة، مشددا على أن الخرطوم مفتوحة على جميع الخيارات، وإن تفضل السلمية منها، ولكنها لن تسمح بتهديد أمن مواطنيها.
تناول أيضا أزمة الحدود مع أديس أبابا، معتبرا أنه لا وجود لـ"نزاع" بمفهوم الكلمة، طالما أن الأمر يتعلق بأراض سودانية أصلا.
ودوليا، يرى أن السودان منفتح على بناء علاقات موضوعية ومتوازنة بعيدا عن الاستقطاب الذي تفرضه حدة التنافس بين القوى العظمى.
وإلى نص المقابلة:
• ما أجندة وثمار زيارتكم الأخيرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني إلى الإمارات؟
زيارتنا جرت بدعوة كريمة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، واستعرضت قضايا عديدة ذات الاهتمام المشترك والإقليمية ذات الصلة.
أجرينا نقاشا مفصلا في الجانب الاقتصادي تم خلاله الاتفاق على إمداد السودان بالوقود عبر صيغة ميسرة، وتوصلنا إلى توافق أولي يعقبه بعد العيد زيارة وفد من وزارة الطاقة للقاء مباشر في أبوظبي لتحويل الاتفاق للصيغة القانونية والتجارية.
كما تم التشاور بشأن التحويلات البنكية بين السودان والإمارات، وجرى الاتفاق على زيارة محافظ البنك المركزي للإمارات عقب عيد الفطر، لحل العقبات التي تواجه التحويلات بين الدولتين.
أما في القضايا الإقليمية، فتمت مناقشة المسألة الحدودية بين السودان وإثيوبيا وسد النهضة، وسعت الإمارات لتهدئة القضيتين، وجددنا لدولة الإمارات تمسك الخرطوم بتكثيف العلاقات وفقا لاتفاق 1972.
وبالنسبة لملف سد النهضة، شرحنا موقف السودان القاضي بأن الملء والتشغيل يجب أن يتم وفق اتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف، ووجدنا تفهما من الجانب الإماراتي للموقف السوداني، ووعودا ببذل الجهود لإنهاء التوتر مع أديس أبابا عن طريق إيجاد حلول للقضايا العالقة بين البلدين .
• هل تطرقت زيارة الإمارات لتأخير تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان خاصة أنها ضامن للاتفاق؟
أعربت الإمارات، منذ وقت مبكر، عن التزامها بدعم سلام السودان وهي لا تزال عند التزامها، فقط المسألة تتطلب بعض التحضيرات من الجانب السوداني لتحديد المواقع التي تحتاج للدعم لتنفيذ اتفاق السلام.
دولة الإمارات داعم كبير للفترة الانتقالية في السودان، كيف ترون هذا الدعم ودوره باستقرار بلدكم وانفتاحه على العالم؟
الإمارات دولة شقيقة وتربطها علاقات اجتماعية وثقافية مع السودان. هناك بكل تأكيد علاقات مصالح بين الدولتين، الثورة وفرت فرصة جديدة لإعادة بناء علاقات صحية مع جميع دول العالم.
بعد سقوط نظام البشير، بدأت خطوات مع دولة الإمارات ودول عديدة في المحيط الإقليمي توضح أن السودان جاد في علاقته مع محيطه الإقليمي منها علاقات مع السعودية والإمارات والكويت ومصر إضافة إلى دولة جنوب السودان وتشاد، والوضع الجديد بعد الثورة أعاد بناء العلاقات على أساس صحي.
* هل اتفقت جميع مكونات الحكومة السودانية على تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية؟
هناك أطراف مع طرح المحكمة "الهجين" (أي بالتعاون بين الطرفين) ،لكن اتفاق جوبا لسلام السودان أقر مثول البشير أمام "الجنائية الدولية"، ونحن نعتقد أن يمثل أمام هذه المحكمة في أقرب فرصة ممكنة.
* قيادات إخوانية لا تزال خارج السودان دون محاسبة. كيف تنظرون لهذا الوضع الذي يعتبره الشارع "تباطؤا" من قبلكم؟
بكل تأكيد عناصر النظام الإخواني يسعون لتقويض الوضع الحالي وإعادة عقارب الساعة للوراء، وإجهاض الثورة بشكل عام، وهذا يضعهم تحت طائلة القانون، بالإضافة إلى ارتكابهم لجرائم، عدد كبير كما ذكرت منهم في الخارج، لكن ذلك لايعني أنه سيتم التهاون مع شخص أجرم أو أفسد أو يخطط للانقضاض على الثورة من خلال الثورة المضادة.
أما بالنسبة للموجودين الآن، فإنهم يخضعون لمحاكمات، لكن ندعو النائب العام والقضاء للإسراع بملفات التحقيقات والمحاكمات مع عناصر النظام البائد حتى يرى الشعب السوداني أن العدالة تحققت.
بدأت الإجراءات، والآن تتم ملاحقة عدد من الإخوان خارج السودان.
* جزء من مكونات السلطة الحالية متهمة بقضايا جنائية. كيف يمكن تطبيق عدالة انتقالية في سياق مماثل؟
هناك شخص من مكونات السلطة متهم بقضية جنائية من المفترض أن يذهب للمحكمة فورا، ولن نعطي حصانة لشخص متهم، لكن العدالة الاجتماعية بصورة أشمل محتاجة إلى أن تنزل على أرض الواقع، وتتحول لقوانين في المؤسسات ولوائح ونظم عامة. بعد إجازة قانون العدالة الانتقالية، نحن الآن في إطار المشاورات لاختيار المفوض والبداية العملية للمفوضية التي ستسعى لإجراء مشاورات واسعة بين أطراف الشعب السوداني والتوافق على عملية العدالة الانتقالية.
* الشارع السوداني مستاء من تعيينات بوظائف عامة تتم على أساس العلاقات بقوى الحرية والتغيير أو أحزابهم. كيف ترون هذه الجزئية في ظل إعادة بناء الدولة على أسس جديدة؟
أي شخص يتم تعيينه على أساس غير الكفاءة يعتبر خطأ، وهو موضع نقدنا في حال علمنا بذلك، كما سنعمل على تصحيحه، لكن على سبيل المثال، بمجلس الوزراء طرحنا وظيفتين مهمتين للغاية لمدير المواصفات والمقاييس والأمين العام للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي للمنافسة العامة للحصول على كفاءات، وهذا منهج مختلف غير قائم على محاصصات حزبية أو جهوية أو غيره.
نحن ضد تسيس الخدمة المدنية ونشدد على أن تقوم على الكفاءة وتتوفر فيها فرص المنافسة العادلة لإتاحة لكل أبناء وبنات بلادنا الحق في العمل.
* معلومات تقول إن التفاوض مع "الحركة الشعبية/شمال" بقيادة عبدالعزيز الحلو سيكون برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك. هل يعني ذلك أن المكون العسكري لن يكون جزءا من وفد التفاوض؟
التفاوض يجب أن يضم كل مكونات الحكومة الانتقالية من مجلسي السيادة والوزراء والحرية والتغيير وأطراف العملية السلمية. تمت إجازة التصور العام للتفاوض ويجري العمل الآن في بعض التفاصيل، وبمجرد الانتهاء من ذلك ستتضح الأمور.
* رئيس الاتحاد الأفريقي طرح مبادرة لحل أزمة سد النهضة. ما أبرز بنودها؟
المبادرة تنص على اتفاق خاص بالملء الثاني وعقد قمة أفريقية أو ثلاثية لرؤساء الدول الثلاث (السودان ومصر وإثيوبيا) بحضور الرئيس الكونغولي خلال الأيام المقبلة، ونحن جددنا ذات الموقف بأن السودان ليس لديه مانع في التوصل لاتفاق خاص بالملء الثاني، لكن أن يكون في إطار ضمانات كاملة تشمل الملء والتشغيل ومستقبله، وهذا هو موقف البلاد وهو مهم للغاية، وكل الوسطاء الذين تدخلوا في الأمر آخرهم المبعوث الأمريكي ووفد الكونغرس تفهموا موقف الخرطوم.
مجلس الوزراء السوداني ناقش المبادرة (الأفريقية) وكل مايتعلق بملف سد النهضة، وجدد موقفه بضرورة الوصول إلى اتفاق ملزم، وحذر ونبه أن مواعيد الملء الثاني حسب إصرار الجانب الإثيوبي تقترب، وفي حال تم الملء بطريقة غير متوافق عليها، فسيحدث ضرر كبير للسودان سواء على مستوى السدود أو حياة المواطنين القاطنين على ضفاف النيل الأزرق، وهي مسألة لا يمكن التهاون فيها إطلاقا، لذلك عبر كل السبل والوسائل سنعمل من أجل أن يحل هذا الأمر في أقرب وقت.
* ما موقف الخرطوم حال أصرت أديس أبابا على الملء الثاني دون اتفاق قانوني في مواعيده؟
سنتجه إلى كل السبل من أجل حفظ حقوقنا، وكل الخيارات مفتوحة أمامنا، لكن نفضل الخيارات السلمية والسياسية، وأعتقد أنه الأمر الأكثر توفيقا. بكل تأكيد، لن نترك حقنا على الإطلاق، ولن نسمح بحدوث تهديد للأمن واستقرار المواطن السوداني.
* هناك اتهامات متبادلة بين السودان وإثيوبيا حول مسألة الحدود. ماهي رؤية الخرطوم لحل هذا النزاع؟
في رأينا لا يوجد نزاع أصلا على الحدود، هذه الأرض سودانية مثبتة في اتفاقية ١٩٧٢، وما يجب أن يحدث فورا هو تكثيف العلامات الحدودية وفقا لهذه الاتفاقيات.
* السودان أعلن تجميد اتفاق متعلق بإنشاء القاعدة الروسية بينما أكدت سفارة موسكو استمراره وفي نفس الوقت وصلت سفينة روسية للبحر الأحمر. ما تفسير ذلك؟
الاتفاقية تعود لعهد نظام السابق وتشمل تعاونا عسكريا بين البلدين. بكل تأكيد لا نريد دخول السودان في استقطاب عسكري تضعف من سيادته ويضعه في خطر، لذلك تم إبلاغ المسألة بشكل واضح للأشقاء الروس بأن الاتفاقية لم يعد مرغوبا فيها من جانب السودان.
* كيف يدير السودان حدة التنافس الدولي المتصاعد بين روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية؟
هناك تنافس طبيعي مفهوم لتوازنات العالم ككل، لكن السودان منفتح حقيقة على بناء علاقات صحية بعيد عن أجواء الاستقطاب، وفي النهاية ما يحدد قربنا أو بعدنا هو ما يتحقق من مصالح لشعبنا، وما ينجينا من فقدان استقلالية أراضينا أو أن نكون عونا لطرف على آخر في صراع خارجي نحن غير معنيين به. بشكل أساسي، سياسة السودان الخارجية مهمتها الرئيسية تعود بالخير وكل ماهو جيد لأبناء الشعب.
* مفارقات بين شعارات كانت مرفوعة من قبلكم كمعارضة تجاه سياسات رفع الدعم التدريجي في ٢٠١٣ وبين موقفكم كحكومة حالية؟
ما توصلت إليه وزارة المالية مع صندوق النقد الدولي يدل على أن القدرات التفاوضية والخبرات السودانية عالية. في النهاية، استطاعت التوافق على برنامج يحرر البلاد من الديون الثقيلة عليه وفي نفس الوقت لا يكون لديها آثار انفجارية كارثية على غرار ما شهدته بعض الدول الأخرى في العالم.
الحكومة لا تزال تدعم الخبز والكهرباء والأدوية وعدد آخر من السلع، في استمرار السياسة التي كنا وما زلنا ننادي بها، والدولة لديها مسؤولية تجاه شعبها، والحديث عن رفع الدعم شمل فقط البنزين والجازولين، وجزء كبير من الدعم الذي يذهب للأخيرة يتم تسريبه لمصلحة مجموعات وأطراف لا حق لها بهذه المسألة، ولذلك تتعرض للتهريب خارج وداخل السودان وحرمان المستحقين الفعليين.
* عارض كثيرون خطوة تعاقد الحكومة مع شركة استشارية لإصلاح الخدمة المدنية في السودان. ما تعليقكم؟
تعرضت الخدمة المدنية في السودان لتخريب خلال العقود الماضية، ونعمل في مشروع الإصلاح وعدم العودة إلى الخلف. نريد الذهاب إلى الأمام عن طريق أفضل النظم والتقنيات والممارسات الموجودة حولنا في العالم. ولتقييم موضوعي للحكومة لوضع الخدمة المدنية فتحنا عطاء دوليا لبيوت الخبرة العالمية الاستشارية تتنافس في إعداد تقرير عن الوضع الحالي للخدمة في السودان، وتقدم توصيات وفق إصلاح شامل، وهي بداية صحيحة للدراسة بناء عليها يحدث التخطيط.
aXA6IDEzLjU5LjEyNy42MyA=
جزيرة ام اند امز