سهير بن عمارة لـ"العين الإخبارية": أزمة كورونا فرصة لمراجعة الذات
الممثلة التونسية سهير بن عمارة تكشف في حوارها مع "العين الإخبارية" عن رؤيتها لتجربتها في المسلسل التاريخي "ممالك النار".
لم يأت النجاح الكبير الذي حققته النجمة التونسية سهير بن عمارة من فراغ، فبجانب الموهبة الكبيرة التي ساعدتها على تقمص أدوار مهمة في أفلام مثل "ما نموتش" و"الجايدة" و"طلامس"، ومسلسلات أحدثها "ممالك النار"، تجيد اختيار أدوارها، حتى لو كلفها ذلك الغياب عن الساحة أحياناً.
وفي حوارها مع "العين الإخبارية"، تكشف سهير بن عمارة عن حقيقة اعتذارها عن مشروع فيلم جديد بسبب ضيق وقت التحضير له، ورؤيتها لأزمة فيروس كورونا الجديد (كوفيد 19)، وتأثيرها على الحياة في تونس، وكذلك رؤيتها لتجربتها في المسلسل التاريخي "ممالك النار" الذي عرض مؤخراً، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً.
ما سبب قلة ظهورك الإعلامي في الفترة الأخيرة؟
منذ نحو 3 سنوات تقريباً وأنا قليلة الظهور في البرامج، لم أعد أجد مبرراً للظهور، يمكن أن أتحدث عن أعمالي بطريقة أو بأخرى، لا أبحث عن الظهور بقدر ما أفضل أن يكون عملي هو من يتحدث عني.
هل كان لديك مشروعات فنية توقفت بسبب انتشار فيروس كورونا؟
هذا العام كان هناك مشروع مسلسل، لكني اعتذرت عن عدم تقديمه نظراً لضيق الوقت، رغم أنه يطرح قضية مهمة جداً تهم منطقة البحر المتوسط، فأنا أدرك أهمية الوقت في التحضير للشخصية، وبقية تفاصيل العمل، فهذه العوامل تجعل الممثل في أفضل حالاته، لذلك فضلت الاعتذار.
الممثل لا يمكن أن ينجح بنسبة 100% بدون أن يأخذ الوقت الكافي للتحضير، وهذا حدث قبل أن تظهر أزمة فيروس كورونا، وتصيب بلاد العالم بالشكل الذي نراه حالياً.
كيف ترين تأثير أزمة كورونا على الحياة الفنية في تونس؟
بالطبع هناك عدة أعمال تلفزيونية توقف تصويرها، وهناك في نفس الوقت من واصلوا التصوير خلسة بشكل غير قانوني، وأنا ضد استكمال تصوير الأعمال الفنية في ظل انتشار فيروس كورونا، ومع العدالة الاجتماعية.
طالما هناك مهن توقفت عن العمل، بمن فيهم عمال اليومية، فمن العدالة أن يتوقف كل الناس عن العمل، إلا القطاعات الحيوية بكل تأكيد، فأنا ضد تفضيل فئة على فئة، مع العلم أن كل هذه الفئات تعاني من تداعيات هذا الحجر الصحي.
وبشكل شخصي شعرت بالخوف من النزول للشارع، وممارسة حياتي الاجتماعية، ولا أعرف هل من العقلانية أن يواصل الناس العمل في ظل انتشار هذا الفيروس؟، لأنه من الممكن أن تحدث كارثة، فهذا الفيروس غير معروف، والأطباء ما زالوا يبحثون عن حلول، ودول متقدمة جداً على كافة المستويات لم تستطع السيطرة على الأوضاع، فليس من المعقول أن نكون في بلاد ضعيفة من الناحية الاقتصادية واللوجستية، وتزعم أنها قادرة على السيطرة على الفيروس، أو أن فئة معينة من الناس يدعون أنهم قادرون على السيطرة، وقلت رأيي بصراحة، وأعتقد أن الثقافة بمفهومها العام أشمل من ارتباطها بالأعمال الرمضانية.
كيف يمكن تجاوز أزمة فيروس كورونا برأيك؟
الحل الوحيد أن تلتحم الإنسانية كلها، وتقف صفاً واحداً في مواجهة هذه الأزمة، ولا بد أن نتعاون ونحب بعضنا، وسيأتي يوم وينتهي كل هذا على أمل أن نعود أقوى من الماضي.
مستعدة أن أعمل حتى بمقابل بسيط بعد انتهاء هذه الأزمة، وبالتأكيد التجربة التي نعيشها حالياً عميقة جداً، فمن الصعب أن يجد الإنسان نفسه منقطعا عن العالم الخارجي رغماً عنه، فهذه الأزمة فرصة لمراجعة الذات، والغوص في الأعماق الإنسانية، وفهم ما يجري بشكل عميق، وفرصة أيضاً للقراءة والاطلاع، وتكوين مهارات أخرى، وكذلك فرصة للإحساس بقيمة الطبيعة.
كيف تقضين أيام الحجر الصحي المنزلي الإجباري؟
من حسن حظي أني "بيتوتية" من الأساس، ولم يتغير نمط حياتي كثيراً، ودائماً لدي أشياء أفعلها، فأنا مغرمة بالرسم، والرقص، والقراءة، وأحياناً أكتب بعض الخواطر.
كما أحب أن أفعل بعض الأشياء البسيطة مثل الطهي، وتركيب "ماسكات" طبيعية للبشرة، فأنا أعيش يوميات عادية، وأحاول أن أتقاسمها مع صديقاتي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكذلك أزور منزل العائلة أحياناً، ولكني أحترم المسافة بيني وبين أمي التي أخاف عليها كثيراً، وافتقدت أحضانها وقبلاتها، لكن الظروف تجعل الشخص حريصاً على من يحبهم، وحتى الآن أتعامل مع الموقف ببساطة وبروح المرح، فأنا بطبعي أميل للضحك واللعب.
ما أول ما تنوين القيام به بعد انتهاء أزمة كورونا؟
من الأشياء المهمة بالنسبة لي إيجاد حلول فعلية لكي يتواصل الفن حتى قبل انتهاء الأزمة، ومن ناحيتي أبحث عن آليات جديدة لكي نواصل العمل، كما سأسعى لرؤية من أحبهم وأعانقهم، وفي مقدمتهم أمي.
ومن المهم جداً التواصل المباشر مع الناس والجلوس معهم، ورؤيتهم بعيون جديدة ومنظور جديد، فلدي أشياء كثيرة سأقوم بها، لكن الشيء الذي أنا متأكدة منه أن اللذة ستكون مختلفة، حيث تسيطر عليّ فكرة كيف سأرى العالم والناس.
كيف ترين تجربتك في مسلسل "ممالك النار"؟
تجربتي في "ممالك النار" من التجارب الجميلة، حيث رأيت نفسي في دور مختلف، رغم أن المسلسل في الأساس يعتمد على بطولة الممثلين الرجال، لأنه يركز على الحرب، وأعجبني أن العمل كان يضم فنانين من مختلف أنحاء العالم العربي، ونجحت اللغة العربية في توحيدنا.
ما تفسيرك للنجاح الكبير الذي حظي به المسلسل؟
بالتأكيد الموضوع كان له عامل رئيسي في النجاح، فنحن نفتقد المسلسلات التاريخية، وعلى مدى عدة سنوات قدمت تركيا نظرتها للتاريخ، بينما لم نقدم نظرتنا للتاريخ، خاصة فيما يتعلق بفترة حكم المماليك والاحتلال العثماني لبلادنا.
المسلسل قدم لأول مرة التاريخ من وجهة نظر أخرى، وكان هذا مهما لكي يعرف الناس جوانب مختلفة لم يرونها في المسلسلات من قبل، كما يعكس دور تركيا في السياسة العربية والعالمية، كما أن من أسباب النجاح وجود العديد من النجوم الكبار في الساحة التلفزيونية والسينمائية العربية.
ما رأيك في وجود أعمال درامية تضم ممثلين من مختلف الدول العربية؟
أعتقد أن وجود مثل هذه الأعمال شيء مهم في ظل اجتياح الأعمال التركية للعالم العربي، ومثل هذه التجارب قد توحدنا، خاصة أن بيننا كعرب قواسم كبيرة مشتركة، سواء اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو تاريخياً، ووجود أعمال فنية بمشاركة نجوم العالم العربي سيجعل المشاهدين العرب يجدون أنفسهم فيها، ونحن لدينا تقنيون وممثلون قادرون على تقديم مسلسلات قد تلقى نجاحاً عالمياً، وليس عربياً فقط.
أين أنت من السينما بعد تجربتك الأخيرة في فيلم "طلامس"؟
بعد "طلامس" أنا في الحجر الصحي المنزلي، فالفيلم بمجرد عرضه تجارياً في فرنسا وتونس، حدثت أزمة كورونا وتوقفت العروض، وما زال الفيلم لم يستكمل مسيرته، ولا أعلم ما الذي سيحدث في المستقبل القريب، وكان لدي مشروع فيلم من المفترض تصويره في الفترة المقبلة، لكن لا أعلم ما الذي سيكون عليه الموقف.
أتمنى من كل قلبي أن تنتهي هذه الأزمة، ونعود أقوى من الأول، بآليات جديدة، وبالتأكيد سيكون هناك صعوبات كبيرة، لكن كثيرا من التيارات السينمائية خرجت بعد الحروب، مثل الواقعية الجديدة الإيطالية، فالأزمات وإرادة الحياة تخلق أفكاراً جديدة.
aXA6IDEzLjU5LjczLjI0OCA=
جزيرة ام اند امز