بالصور.. سوري يستعيد ماضيه السعيد وسط الأنقاض

السوري "محمد محيي الدين أنيس"، استعاد ماضيه السعيد في حلب بصورة وسط أنقاض منزل أسرته، وهو يقوم بتدخين الغليون، ويستمع إلى الموسيقى.
أن يجلس مواطن سوري وسط أنقاض منزله الذي دمرته الحرب وهو يبكي، فهذا مشهد معتاد، ولكن غير المعتاد، هي تلك الصور التي التقطها مصور الوكالة الفرنسية للمواطن السوري "محمد محيي الدين أنيس"، صاحب السبعين عاماً الجالس وسط أنقاض منزل أسرته، يقوم بتدخين الغليون، ويستمع إلى الموسيقى من مٌشغل أسطوانات قديم في حي الشعار بمدينة حلب السورية التي دمرتها سنوات من الحرب الأهلية.
أنيس الذي يعرف بـ"أبو عمر"، من عشاق السيارات الكلاسيكية وبقى في حلب خلال سنوات الحرب والقصف الجوي المكثف، ونقل موقع بازفيد عن الوكالة الفرنسية، أنه في بداية حياته بالسبعينيات عاش في الخارج، حيث درس الطب في مدينة سرقسطة بإسبانيا، قبل أن ينتقل إلى تورينو بإيطاليا، ليترجم دليل سيارات الفيات إلى اللغة العربية، حتى انتقل مرة أخرى إلى حلب وبدأ مشروعه الخاص بإنشاء مصنع لمستحضرات التجميل.
وورث أنيس حب السيارات الكلاسيكية القديمة عن والده الذي كان من الأثرياء ويعمل في صناعة النسيج، وكان يقود سيارة من طراز بونتياك 1950، ولا يزال يملكها نجله حتى اليوم، إضافة إلى 30 سيارة كلاسيكية كان يمتلكها، ثم انخفض عددهم إلى 20 نتيجة القصف المكثف في الجزء الشرقي من المدينة خلال العام الماضي ما أدى لتدمير بعضها، بخلاف ما تمت سرقته.
ولا تزال هناك ثلاث عشرة سيارة مصطفة خارج منزله وأمام الحديقة، ولكن تمت مصادرة 7 سيارات من قبل الشرطة، لأنها تقطع الطريق.
وذكر تقرير الوكالة الفرنسية أن سيارته المفضلة هي كاديلاك موديل 1947، التي استقلها على الأقل ستة من الرؤساء عبر السنين، وقال إنه منذ 12 عاماً اشترى السيارة التي أقلت الرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس السوري شكري القوتلي عام 1958 في شوارع دمشق أثناء احتفالات إعلان الجمهورية العربية في مزاد علني بمبلغ 620 ليرة سورية، ولكنه دفع 100 ضعف ثمنها كضرائب، نظراً لأنه لم يأتِ بها عن طريق الجمارك. وقد أزال عجلة القيادة والمقاعد وأبقاها مخبأة في الداخل لحمايتها من السرقة.
قال أبو عمر: "كل سياراتي تضررت"، وأضاف أن الضرر كان من الممكن أن يصبح أسوأ، وأن جيرانه أقنعوا المقاتلين ألا يضعوا مدفعاً مضاداً للطائرات على سيارته الشيفروليه موديل 1958 أثناء حصار الجزء الشرقي من المدينة.
وأوضح أنه يعتزم توسيع مجموعة السيارات، ورفض عروضاً من مشترين أجانب، وأكد أنه سيترك سياراته لأطفاله الثمانية، وسيقوم بتوزيعهم طبقاً للشريعة الإسلامية، سيارتين لكل طفل، وواحدة لكل فتاة.
وفي آخر شهرين من حصار حلب الشرقية العام الماضي، كان القصف خطيراً جداً حتى أن أنيس قرر مغادرة منزله وترك السيارات، ولكن عندما عاد هذا العام، وجد منزله وما تبقى منه في حالة من الخراب، صٌدم كثيراً، وجلس على السرير يستمع إلى المطرب السوري محمد ضياء الدين، ويدخن الغليون.
وقال: "عشت ماضياً سعيداً جداً ولكن الأمور تغيرت الآن. الحياة أصبحت صعبة، ولكن يجب ألا نفقد الأمل".