"فاطمة ومانويلا" طفلتان بين شفاء ورحيل إثر كورونا.. وأسرتهما ترويان القصة
قصة طفلتين أبكت ملايين المصريين، إحداهما شفيت من فيروس كورونا، والأخرى رحلت ومعها والدتها.
تداول المصريون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية قصتين، إحداهما كانت للطفلة "مانويلا" ذات الأربع أعوام بعد شفائها من فيروس كورونا المستجد، والأخرى للأم "فاطمة الحطاب" ومولودتها "فاطمة" واللتين توفيتا تباعا بالفيروس.
المفارقة أن "مانويلا" التي تعافت حديثا تركت والدتها إيفون تتماثل للشفاء داخل إحدى مستشفيات العزل، تماما مثلما رحلت الأم ورضيعتها فاطمة، تاركين وراءهم الأب المكلوم يحارب كورونا داخل العزل هو الآخر.
وبين "مانويلا" و"فاطمة"، عشرات القصص الإنسانية المشابهة مع فيروس كورونا المستجد والتي يطالعها المصريون يوميا على شبكات التواصل الاجتماعي، في محاولة للعثور على مستجدات الفيروس، فيأتي بعضها حلوا والآخر مُرا.
مانويلا.. يوم حلو
قبل عودته للمنزل، ساور الأب "هلال لبيب"، مرافق مجموعات سياحية يعمل بمدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر (شرق)، شكوكا حول ما إذا كان خالط أحدا فأصيب بفيروس كورونا المستجد، فقرر أن يجري بعض الفحوصات الطبية دون أن ينتبه أن كونها جيدة لا يعني عدم إصابته بالفيروس.
تروي الزوجة إيفون إسحاق (ربة منزل) لـ"العين الإخبارية": "عاد زوجي للمنزل بعد أن اطمأن أن تحليل الدم والأشعة المقطعية التي أجراها كلها جيدة، لم يكن يعرف أن تحليل الـ"بي سي أر" هو الوحيد الذي يكشف المرض، ثم بعد يومين ظهرت عليه الأعراض; شعر بارتفاع في درجة الحرارة ولم يؤثر المضاد الحيوي ما جعلنا نشك ونذهب للحميات، لنكتشف بعدها إيجابيته وإصابتي أنا وأخي معه لأننا من المخالطين".
تتذكر والدة "مانويلا" كيف اكتشفت إصابة طفلتها: "كنت سأتركها مع أهلي وهم كبار في السن، ففكرت لماذا لا يخضع أطفالي أيضا للتحليل حتى وإن لم تظهر عليهم الأعراض وبدوا بخير، وبالفعل اكتشفنا إيجابية مانويلا بفيروس كورونا".
وانقسمت الأسرة لفريقين، حيث خضعت الأم وشقيقها وطفلتها بمستشفى قها الجامعي بمحافظة القليوبية (شمال العاصمة) بينما قضى الأب فترة عزله داخل مستشفى ١٥ مايو بحلوان، ليخرج الجميع يعد سلبية تحاليلهم بعد 10 أيام، بدون الأم.
وكانت حالة الخال هي الأصعب بين الجميع، خاصة أن الأعراض التي ظهرت عليه كانت شديدة، وهو ما أقلق الأطباء داخل الحجر الصحي.
وعن هذا يعلق أبانوب إسحق خال مانويلا (٢٥ عاما): "درجة حرارتي وصلت ٣٩ وكنت أعاني من ضيق حاد في التنفس، ووضعوني على جهاز التنفس أول يومين".
ورغم ذلك يوضح أبانوب: "قلقنا الأكبر كان علي مانويلا لأنها الأصغر، لكن الأطباء كانوا يطمئنوننا باستمرار، ويشرحون لنا طبيعة الأدوية التي تعطى لها سواء كانت مضادا حيويا أو أدوية لرفع كفاءة المناعة".
بدورها تقول إيفون: "الجميع تأثر بمانويلا داخل العزل لصغر سنها، فكانوا يلعبون معها ويحضرون لها الحلوى، وعندما شفيت بكيت من الفرحة".
فاطمة ومولودتها.. يوم مر
ومن داخل إحدى مستشفيات العزل بأبو قير، بمحافظة الإسكندرية (شمال)، يقول شادي أبويوسف، الزوج والأب لـ"العين الإخبارية": "البداية كانت مع تعب شقيق زوجتي الذي اعتقدنا أنه مصاب بنزلة شعبية حادة، ثم تحسنت حالته بعد أسبوع".
وأضاف: "ليمرض بعدها شقيقها الثاني ووالدتها واعتقد الأطباء مجددًا أنهم مصابون بنزلة شعبية حادة، ثم ذهبت زوجتي فاطمة لرعايتهم وانتقلت لها العدوى وكانت حامل في الشهر السادس".
يتذكر شادي وهو أستاذ جامعي اللحظات الصعبة التي مر بها: "مناعة زوجتي فاطمة كانت ضعيفة ولم ندري أن لديها كورونا وتم تشخيصها في البداية على أنها التهاب رئوي، بعد أيام ارتفعت درجة حرارتها وظهرت فراغات كبيرة في الرئة جعل الأطباء يشكون أنها كورونا، وخضعت للتحليل الذي أظهر إيجابيتها".
يروي الزوج المكلوم كيف شفيت أسرة فاطمة في أقل من أسبوع، بينما أصيبت هي ورضيعتها التي ولدت في بداية الشهر السابع لتوضع على جهاز تنفس صناعي وتوفيت المولودة ثم زوجته بعدها بيومين.
وبنبرة حزينة يتابع شادي: "20 يوما قضتها فاطمة داخل مستشفى العزل الصحي قبل أن تلفظ أنفاسها عقب ولادتها ووفاة طفلتنا".
وتابع: "نقلنا زوجتي مستشفى العزل ووُضعت على جهاز تنفس صناعي وعندما بدأت الشهر السابع من حملها وُلدت طفلتنا والتي سمتها فاطمة، ووضعت هي الأخرى على جهاز التنفس الصناعي ثم توفيت يليها فاطمة".
يصف شادي فيروس كورونا بـ"المرض المتوحش" الذي يحاول النيل من أصحاب المناعة الضعيفة، فتكون خطورته أكبر على حياتهم، ويقول: "أنا حاليا مصاب بالفيروس رغم أني لا أشعر مطلقاً بأي أعراض لكن لو لم أكن أعلم بإصابتي لكنت سببا في نقل العدوى لغيري خاصة لو كان من أصحاب المناعة الضعيفة تماما مثلما حدث مع زوجتي".
يشكر شادي الله والجهات المسؤولة على رعاية أسرته، ولا ينسى ملايين المصريين ممن تأثروا بقصته قائلا: "الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين.. هكذا قال الرسول وهذا ما يحدث معي".
يضيف الزوج: "تأثر الناس بحالة فاطمة بدأ قبل وفاتها.. سائق سيارة الإسعاف الذي نقلها للحجر الصحي كان يبكي بشدة متأثرا بوضعها؛ لأنها كانت حامل وتكافح هي وجنينها فيروس شرس".
وينصح شادي الناس بالحرص في متابعة أي أعراض تظهر عليهم وألا ينخدعوا في حال اختفت تلك الأعراض، وأن يتبعوا جميع الإرشادات الصحية والإجراءات الوقائية خاصة مع الأقرباء.
والدة مانويلا ووالد فاطمة.. أمل مُعلق بالشفاء
وتخضع كل من والدة مانويلا ووالد الرضيعة فاطمة للحجر الصحي بأماكن عزل مختلفة ويتلقيان العلاج بعد ثبوت إيجابيتهم، ورغم أن الأسرتين لا يعرفان بعضها البعض لكن جمعهما قصة ذويهما التي كانت سببا في بكاء الملايين حزنا وفرحا.
يكافح شادي من أجل الشفاء لأن "لديه ٣ أولاد من فاطمة هم سيف وهيثم ومحمد، ويستحقون أن يخرج لهم معافى بعد أن يهزم المرض"، بحسب قوله.
أما إيفون والدة مانويلا فهي الأخرى خضعت للعلاج داخل مستشفى العزل بعد شفاء طفلتها وزوجها وأخيها، وهو ما تقول عنه: "لدي أمل في الشفاء، وهو ما سيكتمل بخروجي لأسرتي".