معلمو اليمن في يومهم العالمي.. صنّاع أجيال بمرمى انتهاكات الحوثي
في الوقت الذي تحتفل دول العالم بيوم المعلم، المصادف 5 أكتوبر/تشرين الأول؛ يكابد معلمو اليمن أصنافاً من المعاناة والحرمان.
مثل هذه المناسبة في اليمن، لا تعدو عن كونها مناسبة للتذكير بمآسٍ فاقت كل حدود الانتهاكات بحق المعلمين والتعليم برمته بالبلاد.
كوارث إنسانية وأخلاقية طالت معلمي الأجيال منذ انقلاب المليشيات الحوثية وسيطرتها على صنعاء، ومضت في سياسة تجويع وتشريد وقتل المعلمين في كل مكان.
الحوثيون يدركون تأثير المعلمين كموجهين وقادة رأي على الناس؛ لهذا لم تألُ المليشيات جهداً في تهميش المعلم اليمني والتقليل من مكانته السامقة في عيون اليمنيين، عبر ممارسات تنال من القدوات والمربين.
إرغام المعلمين
يتحدّث عدد من المعلمين اليمنيين النازحين في عدد من مخيمات النزوح بمدينة عدن (جنوب) لـ"العين الإخبارية" عمّا قاسوه من حرمان ومعاناة في مناطق سيطرة الحوثيين.
يقول يوسف الحمادي (48 عاماً)، من أبناء مدينة تعز، نازح في مخيم الشعب بعدن، إنه فرّ بمعية أسرته وترك وظيفته التدريسية في ريف تعز الغربي، بعد محاولات الحوثيين إرغامه على تدريس مناهج طائفية محرفة.
وأكد يوسف أنه لا يمكن له أن يساهم في غرس أفكار تخريبية ودموية، واستبدال فكر الجمهورية والدولة المدنية بالولاء للسلالة والكهنوت، وتدريسها للأجيال القادمة.
وأضاف المعلم اليمني أنه استمرأ على نفسه القبول بتدريس الطلاب بدون مرتبات لمدة 3 أعوام، على المنهج الدراسي القديم، قبل أن يحرفه الحوثيون، ويجعلوه منهجاً طائفياً يعمّق الهوة بين المجتمع اليمني ويمزق نسيجه، ويؤسس للاقتتال والكراهية.
ويفضل يوسف حالياً التدريس في مدارس أهلية بعدن، لإعالة أسرته الكبيرة، المكونة من 7 أفراد، في ظل مناهج وطنية خالية من العنف ومصطلحات الحرب، كما يقوم على مسؤولية إدارة فصول تقوية في المخيمات لتدريس أطفال النازحين.
وظيفة مجانية
من جانبه يقول المعلم علي المساوى (47 عاماً)، نازح من الحديدة في مخيم دار سعد للنازحين، إنه عمل لأكثر من عامين، في مدارس مدينة الحديدة، حيث تسيطر المليشيات، دون أن يتقاضى مرتب شهر واحد.
وأشار المساوى في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الحوثيين يصادرون الرسوم المدرسية، ويجبرون الطلبة على تمويل مناسباتهم الطائفية، ويوجهون هذه الأموال لتموين جبهات القتال، بينما يتركون المعلمين بلا مرتبات لفترة تصل إلى 5 أعوام حتى الآن.
ولفت إلى أنه استمر بالتدريس المجاني منذ عام 2016، وحتى أواخر 2018، تحت إجبار الحوثيين، بعد أن نزح وأسرته إلى عدن بحثاً عن العمل والأمان وتلبية احتياجات عائلته المعيشية.
أرقام المأساة
نقابة المعلمين اليمنيين وثقت انتهاكات مليشيا الحوثي بحق المعلمين، منذ انقلابها على الدولة أواخر سبتمبر/أيلول 2014 وحتى 2018، حيث قتلت 1579 تربوياً، بينهم 14 قضوا تحت التعذيب في المعتقلات، كما تسببت بإصابة 2642 معلماً.
وذكرت النقابة أن نحو 20 ألفاً و142 تربوياً نزحوا إلى مناطق سيطرة حكومة اليمن، وتعرض 621 تربوياً و36 آخرين للإخفاء القسري على يد الحوثيين.
وهناك 160 ألف معلم في مناطق سيطرة الحوثيين يعانون من انقطاع رواتبهم بشكل كلي منذ 2016.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" ومنظمة التربية والثقافة والعلوم الأممية "يونيسكو"، أن العديد من المعلمين اضطروا إلى إيجاد مصادر بديلة للدخل لإعالة أسرهم، نظرا لتعليق دفع الرواتب وتعرض المدارس للهجوم باستمرار.