تبعات «زلزال داعش» بموسكو.. لماذا تخشى أوروبا صيفا «متفجرا»؟
يلعب هجوم موسكو دور "جرس الإنذار" في عواصم أوروبية عدة، خوفا من موجة إرهاب يقف وراءها عناصر تنظيم "داعش-خراسان" الإرهابي.
وفي باريس، التي تدخل أسابيع حاسمة قبل دورة الألعاب الأولمبية التي تقام الصيف المقبل، رفعت السلطات حالة التأهب ضد الإرهاب، لكن عواصم أوروبية أخرى بدأت التحرك دون ضجيج، خوفا من هجمات إرهابية، وفق مصادر مختلفة.
ومساء أمس الأحد، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال رفع حالة التأهب الأمني في البلاد إلى أعلى مستوى، في أعقاب الهجوم الإرهابي على حفل موسيقي قرب العاصمة الروسية موسكو.
وأوضح أتال، في منشور عبر منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، أن الخطوة، التي تم اتخاذها خلال اجتماع لمجلس الدفاع والأمن دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاءت في ضوء إعلان تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم، والتهديد الذي يواجه فرنسا.
وقال أتال إنه: "نظرا لإعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم والتهديدات التي تلوح ضد بلادنا، فقد قررنا رفع وضع التعزيز الأمني إلى أعلى مستوى: حالة الطوارئ".
وبالتزامن مع الإعلان الفرنسي كانت تحركات عدة تجري في أوساط الأجهزة الأمنية في العاصمة الألمانية برلين، لتقييم الوضع الأمني، والتهديد المحتمل، خاصة أن السلطات الألمانية أحبطت هجوما كبيرا لنفس المجموعة "داعش خراسان" على كاتدرائية كولونيا "غرب"، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ووفق صحيفة "بيلد" الألمانية فإن السلطات الأمنية باتت على يقين من أن تنظيم "داعش-خراسان" يريد أيضا تنفيذ هجمات في ألمانيا ودول أوروبا الغربية الأخرى.
ويخشى مكتب حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، على وجه التحديد، من حدوث موجة جديدة حقيقية من الهجمات في أوروبا، إذ قال محقق في مكافحة الإرهاب لصحيفة "بيلد" إنه “في الصيف، هناك بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم في ألمانيا، ثم هناك دورة الألعاب الأولمبية في باريس. العالم كله يراقب هذا، هذه أهداف مثالية في المنطق الرهيب للإرهابيين".
وفي السياق ذاته، قالت مصادر أمنية ألمانية لـ"العين الإخبارية"، إن التهديد يبقى مرتفعا الآن أو في الصيف، لكن "داعش-خراسان" أظهر ميلا لاستهداف التجمعات، مثل محاولته استهداف كاتدرائية كولونيا، وكاتدرائية ستيفن في فيينا، وكاتدرائية في مدريد، في أعياد الميلاد، لكن سلطات الدول الثلاثة أحبطت الهجمات".
وتابعت المصادر أن "السلطات الأمنية والاستخباراتية في حالة استنفار حاليا، لمنع أي هجوم محتمل قبل حدوثه".
ومنذ هجوم برلين الذي استهداف سوقا خلال أعياد الميلاد في نهاية 2016 وأسقط ١٢ قتيلا، تتبع السلطات الأمنية الألمانية استراتيجية استباقية في مواجهة الإرهاب، ونجحت عبرها في إحباط أكثر من ١٠ هجمات في السنوات التي تلت هذا الهجوم.
وما يثير القلق بشكل خاص بالنسبة لأجهزة الاستخبارات في الدول الأوروبية، هو وجود خلايا نائمة في الدول المختلفة بالقارة.
إذ يقول أحد عناصر مكتب حماية الدستور في ألمانيا إنه "منذ شتاء 2022، جرى إرسال مقاتلي داعش خرسان عمدا إلى ألمانيا عبر أوكرانيا، متنكرين في زي لاجئي حرب".
وفي "صوت خراسان"، مجلة دعائية للإرهابيين على شبكة الإنترنت تصدر في 48 صفحة، يمكنك رؤية إرهابيين ملثمين باللون الأسود يحملون بنادق هجومية، وهم يكيلون التهديدات للغرب، ما يعكس تركيز هذه المجموعة على الدول الأوروبية.
ويقول عنصر حماية الدستور لصحيفة بيلد "نفترض حاليا أنه في أوروبا الغربية لديهم شبكة إرهابية منظمة تنظيما جيدا تضم أكثر من 100 إسلامي، وفي ألمانيا وحدها يوجد أكثر من 50 شخصاً، يعيش غالبيتهم في ولاية شمال الراين-وستفاليا "غرب".
ويضيف أن هؤلاء "يتصرفون بشكل انعزالي وتآمري للغاية"، موضحا أنه "أثناء الاعتقالات على كاتدرائية كولونيا تمت إعادة ضبط جميع الهواتف المحمولة للمشتبه بهم على إعدادات المصنع، لذلك لم تعثر السلطات على معلومات عليها".
ووفق المصدر ذاته، فإن الحرب في أوكرانيا تفيد الإرهابيين بشكل كبير، إذ من الممكن أن تختبئ عناصر "داعش خراسان" بين اللاجئين الأوكرانيين"، مضيفا أن "هؤلاء يملكون أوراقا مزورة ويتحدثون عن التعذيب والاضطهاد".
ولم يكن هجوم كولونيا أول عملية تحبطها السلطات الألمانية لـ"داعش خراسان"، إذ نجحت في الصيف الماضي في تفكيك خلية تابعة للتنظيم من "الطاجيك"، كانت تخطط لعملية إرهابية في معرض في نفس المدينة.
الخلية التي تعرضت لمداهمة من قوات الأمن في ذلك القوت كانت تضم رجالا دخلوا ألمانيا عندما بدأت الحرب في أوكرانيا في ربيع عام 2022، وشكلوا خلية إرهابية اعتبارا من يونيو/حزيران 2022.
وفيما يتعلق بالهجوم المحبط في ليلة أعياد الميلاد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، خلص المحققون إلى أن خلية مرتبطة بـ"داعش خراسان"، خططت لتنفيذ هجوم بسيارة في كولونيا وبنادق كلاشينكوف في فيينا.
ووفق ما نقلته صحيفة "بيلد" عن مصادر أمنية فإن أكثر ما تخشاه سلطات الأمن في الدول الأوروبية، هو تنفيذ هجمات بطائرات مسيرة مفخخة على الأحداث الكبرى المنتظرة في الصيف، إذ يقل سعر هذه الطائرات عن 1000 يورو، كما تتوفر تعليمات تصنيع هذه المسيرات من طابعة ثلاثية الأبعاد على موقع "تيك توك".
كما قال مصدر أمني ألماني "للأسف من السهل نسبيًا الحصول على العبوات الناسفة، والقنابل اليدوية، في منطقة الحرب الأوكرانية".
ومن ألمانيا إلى النمسا لا يبدو الوضع مختلفا، إذ أكد مدير مكتب حماية الدستور ومكافحة الإرهاب عمر هيجاوي بيرشنر في مقابلة مع صحيفة "كورير"، مؤخرا، أن "تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة يكتسبان قوة مرة أخرى في نفس الوقت، وهناك دعوات كثيرة للعنف ضد الغرب من جانب هذه المنظمات".
ووفق ما نقلته صحيفة "كورير" عن مصادر أمنية لا يزال خطر وقوع هجوم إرهابي في النمسا "مرتفعا للغاية".
المصادر الأمنية قالت "لا ينبغي الاستهانة بالتأثير المحتمل للهجوم الإرهابي في موسكو، إذ يمكن أن يشعر مؤيدو داعش بالإلهام من هذا الهجوم، فضلا عن التأثير الذي سيحدثه على المجموعات المعرضة بشكل خاص للدعاية الإرهابية عبر الإنترنت.
ومنذ إحباط السلطات هجوما على كاتدرائية ستيفن في فيينا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تم تفعيل ثاني أعلى مستوى للإنذار الإرهابي في النمسا.
والسبت الماضي، أعلنت وزارة الداخلية النمساوية أنها ستراقب عن كثب احتفالات عيد الفصح وأسواق عيد الفصح في الأيام المقبلة، تحسبا لأي تهديدات إرهابية.