"الذئاب المنفردة".. كيف تواجه مصر إرهاب داعش الجديد؟
توظيف داعش لعناصر ليس لها سجل أمني أو إجرامي فيما يطلق عليه بظاهرة "الذئاب المنفردة" إرهاب جديد تواجهه الدولة المصرية.
يواجه النظام السياسي المصري ضرورة حتمية للحفاظ على أمن البلاد ببذل المزيد من الجهود الأمنية والمخابراتية، لمنع انتقال الأعمال الإرهابية إلى قلب الدولة المصرية خاصة بعد حادثي استهداف كنيستين مصريتين في محافظتين مختلفتين شمال البلاد.
محللون وخبراء أمن تحدثوا لبوابة "العين" الإخبارية عن توظيف تنظيم داعش لعناصر لا تخضع للمراقبة وليس لها سجل أمني أو إجرامي فيما يطلق عليه بظاهرة "الذئاب المنفردة"، التي تعتمد على تنفيذ شخص إلى ثلاثة أشخاص كحد أقصى غير مرصودين أمنياً بأعمال إرهابية.
فبالأمس تبنى تنظيم داعش الإرهابي المسؤولية عن تفجيرين استهدفا كنيستي مار جرجس بمدينة طنطا، بمحافظة الغربية (بدلتا مصر) والكنيسة المرقسية في محافظة الإسكندرية (شمال)، أسفرا عن سقوط 46 قتيلاً وإصابة أكثر من 100 آخرين.
وتشير تقارير إلى قيام انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً حاول تفجير كنيسة مامرقس بالإسكندرية، ولكن تصدى له قوات الأمن المكلفة بحراسة الكنيسة، وفي هجوم طنطا قام شخص بوضع قنبلة داخل قاعة الصلاة بكنيسة مار جرجس، حسب المعلومات التي رشحت عن التحقيقات.
تخفيف الضغط
يرى اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية المصري السابق، أن توقيت تفجير منتمين لتنظيم داعش الإرهابي لكنيستين مصريتين بمحافظتي الإسكندرية والغربية، كان لافتاً حيث جاء بعد نجاح ملحوظ حققته القوات المسلحة المصرية، استطاعت خلاله السيطرة على جبل الحلال بسيناء، وتطهيره من الإرهابيين الذين تحصنوا به لسنوات.
ويتفق مع نفس الرأي اللواء جمال مظلوم، المحلل العسكري، الذي اعتبر استهداف داعش للكنيستين محاولة من التنظيم الإرهابي تخفيف الضغط الذي فرضه الجيش المصري على عناصره، وسيطرة رجال الجيش مؤخراً على جبل الحلال السيناوي.
أوضح مظلوم، أن التنظيم رغب في استهداف هدفين قبطيين في محافظتين مختلفتين بهما تواجد لعدد كبير من الأشخاص، ومن خلال شخص أو اثنين من أتباع التنظيم وبإمكانيات ليست كبيرة، للتأكيد على إثبات وجوده على الأرض باستهدافه لمناطق أخرى خارج سيناء.
الذئاب المنفردة
يقول الخبير الأمني نور الدين، إن عزم الدولة على مكافحة الإرهاب يقتضي منها أن تعزز إجراءاتها الأمنية، معتبراً في نفس الوقت أن محاربة الإرهاب عامة لا يقتصر على المواجهة الأمنية، وإنما منظومة أمنية تبدأ من المواطن العادي، إضافة إلى التعاون الأمني والاستخباراتي بين الدول وبعضها البعض.
اللواء جمال مظلوم اعتبر أن كل أجهزة الدولة المختلفة لها دور في مواجهة الإرهاب بصفة عامة، مشيراً إلى أن ظاهرة الذئاب المنفردة تحتاج إلى تدفق معلوماتي بين الدول وبعضها من جهة وبين المواطنين والدولة من جهة أخرى.
ويوضح المحلل العسكري، أن المواطن له دور كبير في تتبع البؤر الإرهابية، مشيراً إلى ضرورة مشاركة كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الأزهر والكنيسة، وكذلك قطاعات الحكومة والوزارات المختلفة مثل التعليم والثقافة والاوقاف، للقيام بجهود أكبر لمحاربة الإرهاب ونشر تعاليم الدين الصحيح، وتجديد الخطاب الديني.
كما دعا المحلل العسكري النظام السياسي لمواجهة الفساد، ونشر الشفافية، وتعزيز الإنجازات الاقتصادية للحيلولة دون استغلال التنظيمات الإرهابية للأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد، لاستقطاب قطاع من الشباب وتجنيدهم لتنفيذ مخططات إرهابية.
ولفت مظلوم إلى أهمية اتباع الأجهزة الأمنية المزيد من التحريات واليقظة، واعتبر أن فرض النظام المصري لحالة الطوارئ والدفع بعناصر من الجيش المصري إلى جانب الشرطة لحماية المنشآت الحيوية، هو أمر مطلوب في هذا الصدد.
وتعقيباً على حادثي تفجير كنيستي الإسكندرية وطنطا، أعلن النظام المصري، بالأمس، فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، والدفع بقوات من الجيش المصري لحماية المنشآت الحيوية إلى جانب قوات الشرطة.
اللواء مظلوم اعتبر هذه الخطوة بنزول الجيش لحماية المنشآت الحيوية وإعلان حالة الطوارئ هي أمور عادية ومن المهم اتباعها بعد أحداث دامية كتلك التي شهدتها مصر، مشدداً على أن تلك الخطوات لا تتناقص ولا تنقص بأي حال من حرية المواطنين، وإنما هي أمور اتخذتها دول كبرى بعد استهدافها بأعمال إرهابية، وعلى رأسها فرنسا.
نجاح الدولة ويأس الإرهاب
استهداف داعش للكنيستين المصريتين أعقب نجاحات حققتها الدولة المصرية، بحسب مظلوم، فالتنظيم الإرهابي "لا يريد رؤية فرحة المصريين من نجاح زيارة الرئيس السيسي إلى الولايات المتحدة.. إنهم يريدون أن يصدروا للعالم الخارجي أن مصر غير قادرة على حماية أمنها وأقباطها".
ومنذ أيام وتحديدا في 3 إبريل/ نيسان الجاري، زار الرئيس المصري واشنطن لعدة أيام، قابل خلالها الكثير من المسؤولين السياسيين والعسكريين الأمريكيين على رأسهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي أشاد بالجهود المصرية في مكافحة الإرهاب في سيناء وتعزيز الاقتصاد المصري.
ومن نفس الزاوية، قال الخبير الأمني، اللواء نور الدين، إن أحداث الأحد الدامية جاءت رداً على تصريحات ترامب الأخيرة خلال زيارة السيسي لواشنطن، والتي أكد أن "مصر دولة اّمنة"، ووعد أيضاً بتعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر، ودعم الشراكة الاستر اتيجية بين البلدين.
وتابع نور الدين، أنه لا يمكن الفصل بين استهداف الأقباط بضرب كنائسهم في محافظتي الإسكندرية والغربية، وخلال احتفالاتهم بـ "أحد السعف"، وإعلان بابا الفاتيكان فرنسيس زيارة مصر أواخر شهر إبريل/نيسان الجاري.
تنظيم داعش أراد إحراج الدولة المصرية بضرباته تلك وإظهارها على أنها لا تستطيع حماية أقباطها، يضيف نور الدين.
ونقل التليفزيون الفرنسي، أمس الأحد، تأكيد البابا فرنسيس على إجراء زيارته المزمعة لمصر، رغم الحادثين الإرهابيين اللذين استهدفا كنيستي الإسكندرية وطنطا.
aXA6IDMuMTQ3Ljc4LjI0MiA= جزيرة ام اند امز