"أيام قرطاج" تفجر طاقات الإبداع.. 5 سجينات يبدعن على المسرح
خمس سجينات تحررن من القيود لبعض ساعات من أجل تقديم عرضهن المسرحي الأول بعنوان "غربة" في أهم المسارح بالعاصمة في قاعة ابن خلدون.
العرض أخرجه المسرحي التونسي نجيب زقام، وجسد أدواره خمس سجينات من "السجن المدني للنساء" بالمسعدين من محافظة سوسة، وذلك في إطار قسم "نوادي الثقافة بالسجون" التابع للدورة الثانية والعشرين من مهرجان أيام قرطاج المسرحية.
سجينات مدانات في جرائم، تفجرّت طاقاتهن في الفن والتمثيل على خشبة المسرح ليقدمن جانباً مضيئاً في حياتهن وهو الإبداع.
عرض "غربة" هو عرض متكامل فنياً مزج بين التمثيل والغناء والكوريغرافيا وغلب عليه طابع الكوميديا السوداء ولاقى استحسان الجمهور الذي صفق له كثيرا بعد كل مشهد يقدمنه مليئاً بالأحاسيس والآهات.
هذه الأحاسيس كانت صادقة وليست من فراغ بل هي نابعة من جراح عميقة ومن أوجاع عانت منها السجينات في حياتهن، فكل سجينة لها ماضيها ولها معاناتها التي دفعت بها إلى السير في الطريق الخطأ.
حياتهن مليئة بالأسرار فتراهن مندفعات بكل قوتهن للتخلص من لقب سجينة وإبراز ذواتهن في الفن الذي يرونه طوق نجاة سيبعد عنهن أي شبهات وخطايا.
مسرحية "غربة" عالجت كل مشاعر الغربة والعزلة التي يعيشها المرء داخل وطنه مكبلاً بأغلال الماضي الأليم وتنشئته الاجتماعية غير السوية التي جعلته يعاني ويكابد الأوجاع.
مسرحية مليئة بالرموز جسدتها خمس سجينات وتقمصت دور البطولة امرأة عجوز كانت تمثل البلاد وأهلها لتستضيف في شقتها المتهالكة والتي تعني الوطن، 3 فتيات الأولى كانت ضحية الفقر والثانية كانت تبحث عن هويتها وعن أصولها وعن والدتها والثالثة كانت ضحية العادات والأعراف والمرأة الرابعة كانت بمثابة الراوي.
رموز كثيرة في المسرحية تستدعي المتفرج إلى فك شفراتها للغوص في دواخل الشخصيات وتحليلها.
وقال مخرج العمل نجيب زقام لـ"العين الإخبارية" إن تجربة إخراج عمل مسرحي للمساجين تعد الأولى في مسيرته، وكانت تجربة صعبة وشاقة لأن عامل الوقت كان يداهمهم حيث تم تحضير هذا العمل في عشرين يوماً فقط.
وأضاف: "كانت هناك صعوبة في التعامل في البداية مع السجينات لأنه ليس لديهن خبرة في التمثيل المسرحي كما أن 20 يوماً فقط كان وقتاً قصيراً وتطلب مجهوداً كبيراً".
وتابع أن كل شخصية في المسرحية مسجونة في سجنها كما هو حال واقعنا، وتطرقت لقضية الإرهاب لإبراز أن الإرهاب ليس بالرصاص بل هو داخلنا وإذا انزاح عنا الخوف سنتحرر.
وأوضح: "اشتغلنا على نص يعالج غربة الإنسان الشاملة لأن أي إنسان يعيش هذه الغربة وأي إنسان هو سجين الفقر والماضي".
ويأتي عرض المسرحية من منطلق القناعة بدور المسرح في التأهيل وإعادة الإدماج النفسي والاجتماعي، لتجدد دورة أيام قرطاج المسرحية العهد مع قسم مسرح الحرية باحتضانها لإنتاجات مسرحية للمؤسسات السجنية والإصلاحية بالشراكة مع الإدارة العامة للسجون.
ويهدف هذا القسم إلى تمكين المساجين من عرض أعمالهم المسرحية أمام جمهور أيام قرطاج المسرحية.
وسيتم عرض 14 مسرحية من تمثيل وإعداد المساجين ومن بينها عرض "وهم" لسجناء السجن المدني بالمرناقية (ضواحي العاصمة) و"صندوق الحكايات" لسجينات السجن المدني للنساء بمنوبة إضافة لـ"زنزانة" لسجناء السجن المدني ببرج الرومي.
تجربة عروض السجناء خارج القضبان، انطلقت سنة 2017 بتقديم عرض وحيد، ثم تطوّر العدد إلى 5 أعمال مسرحية سنة 2018، ليرتفع إلى 14 عرضا خلال الدورة الحالية لأيام قرطاج المسرحية.
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA= جزيرة ام اند امز