هل باعت تيك توك أعمالها في أمريكا؟.. صفقة رمادية بين السياسة والبيزنس
بعد شهور طويلة من الجدل والضغوط السياسية، توصلت منصة «تيك توك» إلى اتفاق يعيد رسم وجودها في الولايات المتحدة.
ومن دون بيع كامل كما كان متوقعاً، فإن الصفقة تأخذ شكل مشروع مشترك. يمنح التطبيق مجموعة جديدة من المستثمرين الأمريكيين والدوليين دوراً مؤثراً في الجوانب الحساسة أمنياً، في حين تحتفظ الشركة الأم «بايت دانس» بالسيطرة الفعلية على النشاط التجاري المربح.
ووفقا لتقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر"، فإنه بموجب الاتفاق، تنضم شركة «أوراكل» بقيادة لاري إليسون، إلى صندوق استثمار وشركة استثمار خاصة كمستثمرين إداريين في الكيان الجديد الذي سيشرف على أعمال تيك توك داخل الولايات المتحدة. غير أن نفوذ هؤلاء المستثمرين لن يمتد إلى قلب الأعمال، وفقاً لمذكرة داخلية أرسلها الرئيس التنفيذي لتيك توك شو تشيو إلى الموظفين.
وتشير المذكرة إلى أن المشروع المشترك الأمريكي سيُبنى على أساس وحدة «أمن بيانات تيك توك في الولايات المتحدة»، وسيعمل ككيان مستقل يتمتع بصلاحيات تتعلق بحماية البيانات الأمريكية، وأمن الخوارزميات، والإشراف على المحتوى، وضمان سلامة البرمجيات. في المقابل، ستواصل «تيك توك العالمية»، الخاضعة لبايت دانس، إدارة الأنشطة التجارية الرئيسية، وعلى رأسها التجارة الإلكترونية والإعلانات والتسويق.
بمعنى آخر، لن يكون المستثمرون الجدد في مقعد القيادة عندما يتعلق الأمر بمصادر الدخل الأساسية مثل «TikTok Shop» أو مبيعات الإعلانات، حتى لو شاركوا في عوائد الأرباح. وستبقى بايت دانس اللاعب الأهم في توجيه استراتيجية النمو التجاري داخل السوق الأمريكية وخارجها. وأكد شو تشيو في مذكرته أن المعلنين سيواصلون الوصول إلى الجماهير العالمية «من دون أي تأثير» على عملياتهم.
تقييم منخفض للصفقة
وهذا الفصل الواضح بين الأمن القومي والأعمال قد يفسر التقييم المنخفض نسبياً للصفقة. ففي سبتمبر/أيلول، أشارت تقديرات البيت الأبيض إلى أن قيمة الاتفاق تبلغ نحو 14 مليار دولار فقط، وهو رقم يقل كثيراً عن تقديرات سابقة وصلت إلى 50 مليار دولار. ويبدو أن تركيز الصفقة على الجوانب التنظيمية والأمنية، بدلاً من نقل السيطرة التجارية، لعب دوراً رئيسياً في خفض التقييم.
ومن حيث هيكل الملكية، سيحصل كل من أوراكل وسيلفر ليك وMGX مجتمعين على حصة تبلغ 45% من المشروع المشترك الأمريكي. في المقابل، ستؤول نحو 30% إلى جهات مرتبطة بمستثمرين حاليين في بايت دانس، بينما سيحصل مستثمرون جدد غير معلنين على 5%. أما بايت دانس نفسها فستحتفظ بحصة تقل قليلاً عن 20% في الكيان الأمريكي، لكنها ستواصل الإشراف الكامل على أعمال تيك توك في بقية أنحاء العالم.
وبالنسبة لتيك توك، تبدو هذه الصيغة مكسباً مهماً بعد عامين من الصراع مع الكونغرس الأمريكي، الذي أقر قانوناً يُلزم الشركة ببيع تطبيقها في الولايات المتحدة أو مواجهة حظر محتمل. الصفقة تمنح المنصة متنفساً سياسياً وقانونياً، من دون التخلي عن جوهر نموذجها التجاري.
لكن داخل الشركة، لا تزال الأسئلة قائمة. فالموظفون يتساءلون عن طبيعة القيادة المستقبلية وهيكل الإدارة بعد إغلاق الصفقة المتوقع في أواخر يناير/كانون الثاني. ولخص أحد العاملين في تيك توك الموقف بقوله: «حتى مع وجود اتفاق، لا نعرف بعد ماذا يعني ذلك عملياً لنا»، مضيفاً أنه لا يتوقع تغييرات كبيرة في المدى القريب.
وهكذا، تبدو تيك توك وكأنها «باعت» أعمالها في أمريكا شكلياً فقط، في صفقة صممت لتهدئة المخاوف السياسية، أكثر من إعادة توزيع حقيقي للسلطة الاقتصادية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز