السياحة في كوبا.. أزمة أوكرانيا "مطب" في طريق التعافي
في الوقت الذي مثل فيه السياح الروس "طوق النجاة" لكوبا، في ظل خسائر القطاع بسبب كورونا، جاءت الأزمة الأوكرانية لتعمق مشكلة الجزيرة.
وتعد منطقة فينياليس الواقعة على بعد 180 كيلومترا إلى الغرب من العاصمة هافانا، من أشهر المناطق السياحية في كوبا.
فيناليس هي قرية خلابة تشتهر بهضابها شديدة الانحدار ذات اللون الترابي، ومدرجة في قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وتعج عادة بالسياح الوافدين خصوصا من أوروبا وكندا، إلا أن الوضع تغيّر في مارس/آذار 2020 بعد بدء جائحة كوفيد-19.
ومنذ ذلك الوقت أصبح 80% من سكان القرية بلا عمل، في حين انخفض عدد السياح في الجزيرة من 4.3 ملايين شخص في العام 2019 إلى 356 ألفا في العام 2021.
كذلك تراجعت المداخيل السياحية من 2.2 مليار دولار في العام 2019 (ثاني أكبر مصدر للدخل في البلاد بعد الخدمات الطبية التي يتم توفيرها للأجانب) إلى 559 مليون دولار في العام 2021.
في تلك الفترة شكّل السياح الروس خشبة الخلاص الوحيدة للحكومة الكوبية، بعدما تدفّقوا بشكل مفاجئ على الجزيرة وخصوصا فنادقها الشاطئية.
السياح الروس
وارتفعت نسبة السياح الروس الوافدين إلى الجزيرة بنسبة 197% بين العامين 2020 و2021، متخطية كل الجنسيات الأخرى للزوار.
والجمعة، أشار مكتب الإحصاءات إلى أن عدد الزوار الأجانب ارتفع من 35.553 في العام 2021 إلى 185.749 في نهاية فبراير/شباط.
لكن النزاع الدائر في أوكرانيا شكّل ضربة كبرى للقطاع السياحي الكوبي. ففي بداية مارس/آذار تم إجلاء نحو 6 آلاف سائح روسي بشكل طارئ بعدما قرّرت دول عدة حظر تحليق شركات الطيران الروسية في أجوائها ما اقتضى تعليق مبيعات التذاكر.
وشكّل ذلك صدمة لكوبا. ومنذ ذلك الوقت أصبح رصد السيّاح في البلاد أمرا نادرا.
تفاؤل حكومي
بدورها، تبدي الحكومة تفاؤلا، وجدّدت هذا الأسبوع التأكيد على هدفها المعلن باجتذاب 2.5 مليون سائح في العام 2022.
لكن الخبير السياحي خوسيه لويس بيرييو، يبدو أكثر حذرا ويقول "الحرب بين روسيا وأوكرانيا ليست حدثا معزولا بين البلدين. هذا الأمر يؤثر على السوق السياحية الأوروبية بأسرها"، مؤكدا أن "هذا الأمر يخلق أجواء ضبابية للغاية".
ويضيف: "ارتفاع عدد السياح الروس في كوبا كان حدثا ظرفيا" ساهم في تخفيف تداعيات غياب السياح من باقي الجنسيات إبان الجائحة، لكنه ليس الهدف بالنسبة للسياحة في الجزيرة.
ففي السنوات الثلاثين الأخيرة وفد غالبية زوار الجزيرة من كندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمكسيك والولايات المتحدة.
ويشدد الخبير على أن "السياحة العالمية تلقّت واحدة من أكبر الضربات منذ الحرب العالمية الثانية"، والتعافي منها سيستغرق عقدا من الزمن.
وبالإضافة إلى التحديات العالمية على غرار ارتفاع أسعار الوقود الذي سيزيد تكاليف السفر، ترزح الجزيرة تحت وطأة العقوبات الأمريكية المشددة.
ويبدي الخبير أسفه لواقع أن السفن السياحية الوافدة من الولايات المتحدة لم يعد مسموحا لها الرسو في كوبا التي تعاني بشكل متزايد من نقص في المواد الغذائية، كما أن شركات الرحلات السياحة باتت تتردد أحيانا في اقتراح كوبا وجهة لزبائنها.
لكن بصيص أمل بدا، الجمعة، مع رسو السفينة السياحية البريطانية "ماريلا إكسبلورر اثنان" في كوبا وعلى متنها نحو 900 راكب. وهذه هي أول سفينة تعود إلى هافانا منذ بدء الجائحة.