نحو مستقبل حضري أكثر صحة.. خارطة إماراتية ترتقي بجودة حياة سكان العالم
مع تسارع النمو السكاني والتوسع الحضري بالعالم، أخذت الإمارات على عاتقها تمهيد الطريق لمستقبلٍ حضري أكثر صحةً.
يأتي ذلك من خلال تشجيع الحكومات على إنشاء مدن مستدامة صديقة للبيئة تراعي أولويات الصحة العالمية، وتواجه أبرز تحديات تطوير الرعاية الصحية، لتكون مراكز مستقبلية للعيش والازدهار، توفر سبل الارتقاء بجودة حياة السكان في تلك المدن، وتكون في الوقت نفسه مراكز ديناميكية للنمو والابتكار المستدام.
ولتحقيق هذه الأهداف يتصدر محور "التوسع الحضري وأولويات الصحة العالمية"، المحاور الـ6 التي تشكل أجندة القمة العالمية للحكومات 2024، التي تعقد في دبي خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير/ شباط الجاري تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل"، وانطلقت الأحد أعمال يومها التمهيدي.
وتضم القمة العالمية للحكومات في دورتها الجديدة 6 محاور رئيسية، و15 منتدى عالمياً من بينها "منتدى الصحة العالمي"، ويشارك فيها أكثر من 25 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 85 منظمة دولية وإقليمية ومؤسسة عالمية، و120 وفداً حكومياً، ونخبة من قادة الفكر والخبراء العالميين، لبحث التوجهات المستقبلية العالمية الكبرى في أكثر من 110 جلسات رئيسة حوارية وتفاعلية، يتحدث فيها 200 شخصية عالمية، إضافة إلى عقد أكثر من 23 اجتماعاً وزارياً وجلسة تنفيذية بحضور أكثر من 300 وزير.
وعبر استضافتها لتلك القمة، تواصل دولة الإمارات تعزيز مكانتها كمركز عالمي لحشد الجهود وتبادل الخبرات والتجارب للارتقاء بمستوى النظم الصحية والأساليب العلاجية حول العالم.
كما تعزز مكانتها كمنصة عالمية لصياغة مستقبل أكثر استدامة من خلال جمع النخب العالمية لتشكيل واعتماد رؤية موحدة لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية.
منتدى الصحة العالمي
وتعقد القمة العالمية للحكومات 2024، منتدى الصحة العالمي، الذي يجمع نخبة من ممثلي المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالصحة والخبراء وأصحاب الشركات الكبرى في مجال صناعة الأدوية وابتكارات الرعاية الصحية، في حوارات ونقاشات تهدف إلى استكشاف العلاقة الوثيقة بين النمو الحضري وأولويات الصحة العالمية، والبحث عن حلول مبتكرة في هذا المجال من شأنها تشكيل مستقبل أفضل للمدن وتحقيق رفاهية المجتمعات.
ويسعى المنتدى إلى وضع العديد من القضايا الرئيسة في بؤرة التركيز العالمية، من أبرزها:
• فهم ديناميكيات وتحديات الصحة الحضرية.
• استكشاف حلول التخطيط الحضري المبتكرة.
• تعزيز التعاون الدولي من أجل صحة حضرية عادلة.
• تسخير التكنولوجيا لتحقيق الرفاهية الحضرية.
• مواءمة التوجه الاستراتيجي للصحة الحضرية بما يواكب الأولويات الصحية العالمية.
وعبر منتدى الصحة العالمي سيتحدث عبدالرحمن العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات عن "جاهزية النظم الصحية لمستقبل النمو الحضري المتسارع"، فمع زيادة أعداد سكان المدن، أصبحت الرعاية الصحية جوهر نجاحها واستدامتها. ولا يكمن التحدي الذي تواجهه الحكومات في الاستجابة للمتطلبات الصحية الحالية فحسب، ولكن في تمهيد الطريق بشكل استباقي لمستقبلٍ حضري أكثر صحةً كذلك.
وستتناول هذه الجلسة سبل تمكين الحكومات من الابتكار والتكيّف لضمان صحة ورفاهة سكان المدن، بما في ذلك الاستعانة باستراتيجيات الصحة العامة، والتكامل التكنولوجي، ومبادرات السياسات المصممة لتناسب البيئات الحضرية.
استشراف المستقبل
وأكد العويس حرص دولة الإمارات من خلال تنظيم منتدى الصحة العالمي في القمة العالمية للحكومات، على تعزيز مكانتها كمنصة عالمية لصياغة مستقبل أكثر استدامة من خلال جمع النخب العالمية لتشكيل واعتماد رؤية موحدة لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية، في خطوة تعكس التقدير العالمي لدور الإمارات في بناء نظام صحي مرن ومستدام بيئياً.
وأضاف: “تتطلع القيادة الحكيمة للدولة إلى تعزيز استشراف المستقبل بمجال الرعاية الصحية وتطوير قدرات المنظومات الصحية، وترسيخ صحة الإنسان في الاستراتيجيات العالمية، من خلال تكاتف الجهود العالمية لوضع خطط تعزز الاستعداد والجاهزية، وفق نهج صحي موحد واستجابة متسقة للتحديات الصحية والارتقاء بأداء الأنظمة الصحية، مع التركيز على ضمان مستقبل أكثر إشراقًا وتحقيق جودة الحياة الصحية”.
كما يلقي الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الكلمة الرئيسية في الجلسة العامة، بعنوان “الحفاظ على الغد: لماذا الاستثمار في الرعاية الصحية اليوم هو أولويتنا؟”.
أيضا سيعقد خلال منتدى الصحة العالمي جلسة نقاشية تحت عنوان "التحديات والفرص والحلول الصحية للنمو الحضري المتسارع".
وتركز الجلسة على التوسع السريع في المدن والبلدات كجزء من التنمية الحضرية، وضرورة إعادة تصور البنية التحتية الصحية الحالية. حيث يؤثر عدد متزايد من التحديات على صحة الإنسان. ومنها تحديات الصحة البيئية مثل تلوث الهواء والماء والتربة، مما يؤثر على الصحة العامة والإنتاجية في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، تنشأ من بين هذه التحديات فرص للابتكار والتدخل واتخاذ التدابير الفعالة التي تحدث فرقاً.
كما تعقد جلسة أخرى تحت عنوان "الأطر القانونية العالمية للتأهب والاستجابة والوقاية من الأوبئة المستقبلية".
أيضا سيتحدث الدكتور أوتمار كلويبر الأمين العام للجمعية الطبية العالمية عن دور التكنولوجيا في رفاهية المجتمعات الحضرية خلال الأزمات.
كذلك سيتحدث ميتشل ستريبلينج مدير معهد الاستجابة للوباء، معهد الاستجابة للوباء في مدينة نيويورك عن دور رواد الأعمال في مجال الصحة الحضرية.
أيضا سيتناول المنتدى أهمية دمج التصميم المبتكر والطبيعة للصحة الحضرية، كما سيبحر في ثورة الكشف عن السرطان.. مسار عالمي في اختبارات الكشف عن السرطان.
أبرز التحديات
ومن خلال منتدى الصحة العالمي، سيبحث المسؤولون والخبراء والمختصون أبرز التحديات التي تواجه تعزيز الرعاية الصحية في المدن الحضرية المستقبلية.
ففي الوقت الذي تشكّل فيه المدن مراكز للتقدم والابتكار والتبادل الثقافي إلا أنها تواجه تحديات عديدة قد تعيق ازدهارها المتكامل واستدامتها، أهمها:
• الاكتظاظ السكاني الذي قد يؤثر سلباً على حصول جميع السكان على الرعاية الصحية الجيدة
• التلوث البيئي الذي يشهده العالم
• الفروقات المجتمعية
ما يحتم على الحكومات البحث عن الحلول المبتكرة التي تسهم في استشراف وتشكيل مدن المستقبل وجودة حياة المجتمعات، والمحافظة على استدامتها الشاملة.
ويحفز المنتدى التركيز على التحديات المتعلقة بتحسين الرعاية الصحية، والقضايا البيئية، والأنماط الاجتماعية. نظراً لارتباط صحة سكان المناطق الحضرية، مع هدف استدامة مدن العالم ككل.
الاستدامة الصحية
ويشكل "استشراف مستقبل الرعاية الصحية" ركيزة أساسية لتطوير الحكومات ودفعها نحو إقرار نظم رعاية صحية مستدامة وفعالة وذلك في ضوء الدور الفاعل الذي تلعبه سياسات الصحة العامة والتحول التكنولوجي في تلبية احتياجات المجتمع وتحسين جودة الخدمات الطبية.
ويشهد قطاع الصحة العالمي تطورا استثنائيا في ظل التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم، ويعد التحول التكنولوجي محركا رئيسيا في تحسين مختلف جوانب الرعاية الصحية وتعزيز تنافسية القطاع في مواكبة العصر الرقمي.
وتواصل الحكومات وضع استراتيجيات تهدف لتحقيق الاستدامة الصحية وذلك من خلال تضافر العمل الجماعي لوضع حلول مبتكرة لتمكين الرعاية الصحية الرقمية في المجتمعات والتي بدورها تعزز منظومة الصحة العالمية في مواجهة مختلف التحديات التي قد يشهدها العالم مستقبلا.
الصحة الرقمية
بدورها تلعب القمة العالمية للحكومات 2024 دورا أساسيا في استشراف مستقبل الرعاية الصحية الرقمي وأولويات الصحة العالمية.
وشكلت الصحة الرقمية إضافة استثنائية في القطاع الصحي بعدما أسهم التحول الرقمي في فتح آفاق جديدة وواعدة بعد مواكبة تطورات التكنولوجيا الحديثة كاستخدام الذكاء الاصطناعي.
وشهدت دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ثورة رقمية في مجال الرعاية الصحية.
ويعكس التحول الرقمي التطور الاستثنائي الذي تحظى به هذه الدول في مجال تقديم خدمات رعاية صحية مبتكرة ومتكاملة، معززة ريادتها في التكنولوجيا الصحية من خلال القدرة على تحويل نظم صحية إلى بيئات رقمية وطرح ابتكارات نوعية في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات التي تسهم في تقديم تشخيص دقيق وخدمات علاجية متخصصة.