الذكاء الاصطناعي يتتبع الكربون في الغابات.. خرائط أكثر دقة للكتلة الحيوية

تستطيع الغابات امتصاص ما يصل إلى 30% من إجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية، وهي بذلك تساهم في التخفيف من الاحتباس الحراري، لذا صار من الضروري تتبع مدى فعاليتها في تخزين الكربون، وهو ما قام الذكاء الاصطناعي بتسهيله.
لذلك، هناك اهتمام عالمي بالغابات والتوجه إلى عملية التحريج؛ لإعادة الغطاء النباتي للغابات؛ فالنباتات هي التي تقوم بعملية البناء الضوئي، وتمتص ثاني أكسيد الكربون، ثم تعزله في التربة.
ومن المقرر أن تستضيف البرازيل مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين (COP30) في بيليم خلال نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام.
وهذه فرصة جيدة أن تستضيف الدولة التي تحتضن غابات الأمازون ذلك المؤتمر، ما يعطي إشارات واضحة بأنّ الغابات ستكون أولوية على طاولة المفاوضات المناخية.
ولكي يحدد العلماء والباحثون مدى فعالية الغابات في تخزين الكربون، يتتبعوه عبر خرائط الكربون، والتي يمكن من خلالها تقدير الكتلة الحيوية للغابات، وهي تعني المواد العضوية المشتقة من الغابات والمستخدمة في إنتاج الطاقة.
ويُعد تقدير الكتلة الحيوية للغابات فوق سطح الأرض من أساسيات الأبحاث المتعلقة بالتغيرات المناخية؛ فهي ضرورية لقياس دورة الكربون في الغابات.
تحديات
لطالما واجه علماء المناخ تحديات في تقدير الكتلة الحيوية للغابات؛ فتلك عملية تتطلب جهدًا كبيرًا وتستغرق وقتًا طويلًا ومحدودة في قدراتها، ولا يمكنها تغطية كل المناطق؛ خاصة المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها.
الذكاء الاصطناعي يأتي بالحل!
ومع اندلاع ثورة الذكاء الاصطناعي، هم الجميع للاستفادة منه في مجالات شتى، وفي هذا الصدد، عمل باحث في جامعة أركنساس بالولايات المتحدة الأمريكية يُدعى "حمدي زرقاني" على دمج المعلومات والبيانات من الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر على محرك "غوغل إيرث" (Google Earth) مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي لرسم خرائط سريعة ودقيقة للكتلة الحيوية فوق سطح الأرض للغابات واسعة النطاق.
وهذا من شأنه أن يساهم في رسم خرائط لكربون الغابات خلال زمن قياسي، ما يُشكل بذرة لانطلاقة جديدة في علم المناخ. ونُشرت الدراسة في دورية "إيكولوجيكال إنفورماتيكس" (Ecological Informatics) في مايو/أيار 2025.
استخدم زرقاني بيانات من نظام ليدار (LiDAR) التابع لوكالة ناسا، ويتضمن ذلك النظام 3 أجهزة ليزر مثبتة على متن محطة الفضاء الدولية، ويمكنه قياس ارتفاع مظلة الغابة (الطبقة العليا من الأشجار في الغابات والتي تتداخل أغصانها معًا؛ فتمنع نفاذ أشعة الشمس)، كما يمكنها قياس الهيكل الرأسي للغابة، وارتفاع سطحها بدقة ثلاثية الأبعاد.
من جانب آخر، استخدم زرقاني بيانات الصور من مجموعة أقمار سنتينل التابعة لبرنامج كوبرنيكوس الذي يديره الاتحاد الأوروبي، وهو برنامج يهدف لتوفير بيانات عالية الدقة للأرض وبيئتها، وتساهم في مراقبة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية وإدارة الموارد الطبيعية.
من خلال دمج كل تلك البيانات والمعلومات، تمكن زرقاني من تقديم خرائط أكثر دقة للكتلة الحيوية للغابات، والتي يمكن من خلالها حساب الكربون وتعزيز إدارة الغابات.