اتفاق التجارة بين واشنطن وبكين.. بنود غامضة وشكوك بالتطبيق
الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتزر: سنضاعف صادرات السلع إلى الصين.
وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين بأنها "هائلة"، وقال إن ذلك سيكون له تأثير كبير على الزراعة الأمريكية، وأن المزارعين الأمريكيين سوف يحتاجون إلى "جرارات أكبر بكثير" لمساعدتهم في تلبية جميع احتياجاتهم من الصين.
حتى لو بدت الكثير من التفاصيل الخاصة بالاتفاق غامضة، وظهرت شكوك فورية حول مضمونها، فقد توقع كبير المفاوضين والمستشارين الاقتصاديين في الإدارة الأمريكية، حدوث تأثيرات إيجابية على الاقتصاد الأمريكي.
وقال الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتزر، في حديث مع شبكة "سي بي إس"، في 15 ديسمبر/كانون الأول: "بحلول العام الثاني، سنضاعف تقريباً صادرات السلع إلى الصين، إذا كان هذا الاتفاق سارياً"، قائلاً: "كان لدينا نحو 128 مليار دولار في عام 2017، وسوف نرفع هذه القيمة بما لا يقل عن 100 مليار، وربما يزيد الحجم على 100 قليلاً".
ومع ذلك، أوضح لايتزر أن نجاح الاتفاق يتوقف على "من يتخذ القرارات في الصين"، وقال لايتزر إنه إذا كان الجواب هو المتشددون في الحكومة الشيوعية، فإن النتيجة ستكون مختلفة عما إذا كان الإصلاحيون يتخذون القرارات، مضيفاً: "نأمل في أن يتخذ الإصلاحيون القرارات".
وقال إن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به في السنوات المقبلة، الذي يشمل اتخاذ إجراءات في المرحلة الثانية.
وأضاف أن "طريقة التفكير في هذا الاتفاق هي الخطوة الأولى في محاولة دمج نظامين مختلفين للغاية لمصلحتنا جميعاً".
وقال الممثل التجاري إنه عند تقديم بعض التفاصيل حول الاتفاق، فإن الولايات المتحدة حصلت كتابياً على التزام بمبيعات من السلع الزراعية، بمبالغ تتراوح قيمتها بين 40 و50 مليار دولار.
كما سيتطلب الاتفاق، الذي من المتوقع أن يتم توقيعه في يناير/كانون الثاني المقبل، قيام الصين بإصلاحات هيكلية في مجالات الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا والزراعة والخدمات المالية والعملات والصرف الأجنبي.
وفي المقابل، تتراجع واشنطن عن بعض الرسوم الجمركية، التي فرضتها خلال الحرب التجارية التي بدأها ترامب برفع الرسوم الجمركية، وذلك بعد أكثر بقليل من عام على توليه الرئاسة.
وتبقي المرحلة الأولى من الاتفاق على بعض الرسوم الجمركية، التي تتضمن رسوماً نسبتها 25 في المئة على الواردات الصينية التي تبلغ قيمتها نحو 250 مليار دولار، في حين سيتم تخفيض الكثير من الرسوم المتبقية إلى 7.5%.
ويقول كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، لاري كودلو، إن تلك الرسوم مهمة، لأنها ورقة مساومة ووثيقة تأمين.
وتحدث كودلو عبر شبكة "فوكس نيوز" بحماس عن الاتفاق الذي توقع أن يعزز إجمالي الناتج المحلي الأمريكي بنحو نصف نقطة مئوية في عام 2020.
وقال كودلو إنه ما زال يجب أن نرى ما إذا كانت الصين ستلتزم بحماية الملكية الفكرية للاتفاق، وحماية نقل التكنولوجيا، ولكنه قال إن الشركات الأمريكية لديها على الأقل وسائل مساعدة للتعامل مع هذا الوضع.
وعلى الرغم من الآثار الإيجابية للاتفاق من جانب مسؤولي الإدارة الأمريكية، إلا أن هناك بعض الخبراء يخشون من عدم حل المرحلة الأولى لأي شيء، ومن أن تستمر رحلة الرسوم الجمركية الجديدة أو التهديدات بفرض الرسوم، التي تتبعها المزيد من جولات المفاوضات رفيعة المستوى حتى عام 2020.
وقال الخبير الاقتصادي يي تان إنه ما زال هناك الكثير من الشكوك التي تنتظرنا، أبرزها اتخاذ إجراءات تمهيداً لعزل ترامب والمشهد السياسي المعقد للولايات المتحدة، إلى جانب عدم قدرة الصين على "تقديم تنازلات في المجالات الأساسية".
وخلُص إلى القول: "لا أشعر بالتفاؤل بشكل خاص بشأن ما سيحدث في المستقبل".
من ناحية أخرى، يخشى اقتصاديون ومستثمرون آخرون من عدم تقديم الجانبين لمعلومات كافية من أجل تهدئة المخاوف.
ووصف السيناتور الأمريكي كريس ميرفي الاتفاق بأنه "استسلام" من جانب الولايات المتحدة، وشكاً من تكلفة الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي.
وتساءل ميرفي في بيان له: "لماذا وضعنا ترامب في هذا الجحيم الاقتصادي؟"، مشيراً إلى انخفاض الصادرات الزراعية الأمريكية إلى الصين. وقال "إن الوعود التي تقدمها الصين بخصوص هذا الاتفاق لا ترقى إلى مستوى تعويض المليارات التي خسرناها بالفعل، التي أنفقناها في حرب ترامب التجارية غير المنطقية".
من ناحية أخرى، أشار منتقدون آخرون إلى أنه على الرغم من شيوع حالة من التفاؤل والانتعاش في الأسواق العالمية في البداية بعد هذا الإعلان، إلا أنه حدث تراجع عندما أدرك التجار أن التفاصيل كانت ضئيلة. وقد أعرب البعض عن قلقهم من أن يعني الوصول إلى المرحلة الأولى أن كل شيء قد انتهى.
في الوقت نفسه، حذر هي ويوين، وهو باحث بارز في "مركز الصين والعولمة"، من أن "الطريق إلى الأمام ليس سلساً"، مضيفاً أنه "قد يكون هناك الكثير من المشاكل في عملية التطبيق. وستكون المرحلة الثانية أكثر صعوبة، حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية، فلن يتم حل التناقض الصيني الأمريكي لأنه استراتيجي وطويل الأجل".