بعد عواصف الفوضى الخلاقة.. هل حل الربيع العربي الأمريكي؟
ترامب التقى قادة الشرق الأوسط قبل مرور 80 يوما على توليه منصبه، في إشارة للأهمية التي يوليها للمنطقة
بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في لقاء قادة الشرق الأوسط قبل مرور 80 يوما على توليه منصبه، وحتى قبل أن يضع الرتوش الأخيرة في اختياراته لأعضاء إدارته، في إشارة على ما يبدو للأهمية التي يوليها ترامب للمنطقة، وهو ما كان قادة عرب قد التقطوه مبكرا منذ أن كان ترامب لا يزال مرشحا رئاسيا.
والتقى ترامب منتصف الشهر الماضي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي خلال زيارة وصفت بالناجحة، وقبل يوم التقى أيضا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فيما أدرج لقاء آخر مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على برنامجه لهذا الأسبوع، ولقاء مزمع عقده مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن).
وكان ولي ولي العهد السعودي، اختتم في 17 مارس/آذار زيارة إلى واشنطن، شهدت توافقا ورغبة في التعاون بين الجانبين على كافة الصعد، بحسب طيف واسع من المراقبين.
وبدا واضحا، بحسب مراقبين، التقارب بين القيادة السعودية والبيت الأبيض حول عدد من الملفات، أبرزها الموقف من "الأنشطة الإيرانية الإقليمية المزعزعة للاستقرار في المنطقة"، والرغبة في توسيع نطاق مواجهة خطر الإرهاب.
كما عكس استقبال الرئيس الأمريكي لنظيره المصري مساحة التوافق في رؤية الزعيمين للقضايا الإقليمية. وأشاد البيت الأبيض، أمس بجهود الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لتشجيع "مفهوم أكثر اعتدالا للإسلام"، عقب الزيارة الأولى لرئيس مصري منذ عقد تقريبا إلى واشنطن.
ولفت البيت الأبيض، في بيان، إلى أن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب "تشيد بجهود السيسي الشجاعة لنشر مفهوم معتدل للإسلام"، وأن الرئيسين اتفقا على ضرورة "التركيز على الطبيعة السلمية للإسلام والمسلمين في العالم".
وكان ترامب خص السيسي باستقبال حار، وطوى بذلك صفحة من الجفاء في العلاقات بين القاهرة وواشنطن خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وتقول الدكتورة مها بكر، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، لـ"العين"، إن الرئيس ترامب جاء إلى منصبه وعلى رأس أجندته مواجهة الإرهاب، وهو يؤمن أن سياسيات التدخل في الشؤون الداخلية في الشرق الأوسط أدت إلى الفوضى والفراغ الذي احتلته التنظيمات الإرهابية، وهو أمر يعزز بالتأكيد ثقة القادة العرب به.
وتضيف "بكر"، وهي عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن العديد من المفاهيم التي كانت محل لسوء الفهم في خطاب ترامب كان من السهل تبديدها، وتشير في هذا الصدد لحديثه عن مشاركة دول الخليج في أعباء الحرب على الإرهاب، لافتة إلى أن الموقف نفسه كان قد طرحه فيما يتعلق بمشاركة أوروبا في أعباء حلف الناتو.
ويرى الدكتور زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، في دراسة له، أن "المرحلة المقبلة سوف تشهد تقاربا مصريا أمريكيا يتجاوز حدود العلاقة المباشرة، سواء السياسية أو التجارية أو العسكرية، ليصل إلى نوع من التنسيق في الرؤى الإقليمية لمناطق الصراع في الشرق الأوسط. وهذا التقارب سوف يحمل في طياته تحولا جوهريا في السياسة الأمريكية الحاكمة للعلاقة مع مصر"، وهو ما أيدته إلى حد بعيد التصريحات المتبادلة بين الرئيسين في أعقاب لقائهما.
وتلفت "بكر" إلى أن ترامب "كرجل أعمال براجماتي يبحث عن أسواق جديدة يدرك أهمية أن تفوز الشركات الأميركية بعقود في إعمار في دول الربيع العربي التي وصلت لحالة الدولة الفاشلة، كسوريا وليبيا.. ترامب يرغب في تحقيق مكاسب ولا يمانع في أن يحقق الآخرون مكاسب أيضا".
كما تشير "بكر" إلى أنه ليس من المعتاد في الإدارات الأمريكية أن يبدأ الرئيس في استقبال قادة الشرق الأوسط حتى قبل أن يقضي المائة يوم الأولى في البيت الأبيض، هذا فضلا عن أنه لم يستكمل بعد تشكيل إدارته، هذا أمر جيد جدا ويجب البناء عليه.
وبدأ العاهل الأردني، أمس، زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يلتقي خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعددا من أركان إدارته، ومن المقرر أن يجري مع الرئيس ترمب، يوم غد الأربعاء، مباحثات تركز على تعزيز علاقات التعاون والشراكة الإستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة والتطورات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأعلن مسؤولون فلسطينيون أن الرئيس أبو مازن سيلتقي ترامب أواخر الشهر الجاري، عقب لقاء الرئيس الأمريكي بكل من الرئيس المصري وملك الأردن.
وتقول "بكر" إن قضية نقل السفارة الولايات المتحدة إلى القدس ستحسم في يونيو/حزيران المقبل، وتوضح أن قانونا قد أصدره الكونجرس الأمريكي يلزم الرئيس بنقل السفارة وهو أمر اعتاد الرؤساء السابقون إرجاءه بدعوى أثره السيئ على العلاقات الخارجية الأمريكية، ويؤجل بقرار لمدة 6 أشهر.
وتتوقع "بكر" أن يستأنف ترامب هذا التقليد في ضوء التحذيرات الأمنية سواء من مؤسساته الأمنية أو حتى إسرائيليا، وهو أمر سوف ينعكس إجابيا على علاقة ترامب بالعالم العربي.
ويدشن الرئيس الأمريكي على ما يبدو مرحلة جديدة من الفعالية الأمريكية في الشرق الأوسط مؤسسة على روح من التفاهم بين قادتها والبيت الأبيض، بعد عواصف الفوضى الخلاقة.
aXA6IDMuMTQ1Ljg5Ljg5IA==
جزيرة ام اند امز