من المكتب البيضاوي.. كارني يرد على ترامب: «كندا ليست للبيع»

في أول لقاء يجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، أشعلت التصريحات المتبادلة أجواء الاجتماع الذي وُصف بأنه اختبار مبكر وحاسم للعلاقات بين واشنطن وأوتاوا في عهدين متناقضين.
فخلال استقباله كارني في المكتب البيضاوي، أطلق ترامب تلميحًا أثار جدلًا واسعًا بقوله إن «مسح الحدود» بين البلدين قد يكون خطوة محتملة، في إشارة إلى رغبته القديمة بتحويل كندا إلى «الولاية 51» ضمن الولايات المتحدة.
الرد الكندي لم يتأخر، إذ قال كارني مباشرة: «ليس كل شيء للبيع»، في موقف وُصف بأنه تحدٍ مباشر لرغبة ترامب في إعادة تشكيل العلاقة بين الجارين. لكن الرئيس الأمريكي رد بابتسامة لافتة قائلاً: «الوقت كفيل بمعرفة ذلك»، ما زاد من حدّة التكهنات حول نوايا واشنطن.
اختبار البيت الأبيض
اللقاء يأتي بعد أيام فقط من فوز كارني المفاجئ في الانتخابات العامة وقيادته الليبراليين إلى السلطة على خلفية خطاب ناري ضد ترامب. ومنذ حملته الانتخابية، تعهّد كارني بـ«كسر التبعية» لواشنطن، مُعلنًا أن زمن التكامل الاقتصادي والعسكري المطلق بين كندا وأمريكا قد ولّى.
ويحمل كارني، الذي شغل سابقًا منصب محافظ بنك إنجلترا، مسيرة اقتصادية مرموقة قد تمنحه ثقلاً في الحوار مع رئيس يميل إلى استعراض النفوذ لا سيما مع حلفائه، لكنه أيضًا يُواجه تحديًا سياسيًا داخليًا، إذ إن الناخبين الكنديين يتوقعون منه مواجهة ترامب بحزم، دون أن يجرّ البلاد إلى مواجهة مفتوحة.
الهواجس الاقتصادية والضغوط الدفاعية
من أبرز ما يخشاه كارني هو الرسوم الجمركية التي سبق لترامب أن فرضها على أوتاوا خلال فترته الرئاسية الأولى. وذكرت مصادر في مكتبه أن اللقاء ركّز على تجنيب كندا موجة جديدة من العقوبات الاقتصادية، خصوصًا في ظل التوتر المتصاعد بشأن الإنفاق الدفاعي الكندي المنخفض مقارنة بمستوى التزامات «الناتو».
وفيما يضغط ترامب لرفع هذا الإنفاق إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، توقعت وزارة الدفاع الكندية ألا يتجاوز 1.37% خلال العام الجاري، ما يُعزز احتمالات حدوث احتكاك جديد في ملف الدفاع.
وأحد الملفات القليلة التي يمكن أن تجمع الطرفين هو المعادن الاستراتيجية، حيث تسعى واشنطن لفكّ ارتباطها بالصين، وتُعد كندا واحدة من أغنى الدول بهذه الموارد. ومن المحتمل أن يُعرض كارني على ترامب فرصًا استثمارية لتطوير هذه الموارد بشراكات أمريكية.
ومع ذلك، فإن اللقاء الأول لم يغُص كثيرًا في تفاصيل الصفقات المحتملة، وفقًا لمسؤول في البيت الأبيض أشار إلى أن الحديث كان «استكشافيًا» دون اتفاقات ملموسة.
فرصة أم ساحة مواجهة؟
سيكون اختبار كارني الحقيقي في يونيو/حزيران المقبل، حين يستضيف قادة مجموعة الدول السبع الكبرى، وسط ترقّب لحضور ترامب من عدمه. ويُنظر إلى القمة المرتقبة كفرصة إما لإعادة ضبط العلاقة بين البلدين، وإما تكريس التوتر في حال مضى الرئيس الأمريكي في مساعيه نحو الهيمنة على القرار الكندي.
وفيما تتزايد الأصوات داخل كندا المطالبة بالحزم، لا يخفي مراقبون أن أي «مواجهة» غير محسوبة مع ترامب قد تؤدي إلى انتقام اقتصادي، كما حصل مع زعماء دول آخرين في مواجهات سابقة مع ساكن البيت الأبيض.
ورغم التوتر الظاهري، يعتقد بعض المراقبين أن ترامب قد ينظر إلى كارني بشكل مختلف عن سلفه جاستن ترودو، الذي لم يُخف ترامب احتقاره له سابقًا، واصفًا إياه بـ«الحاكم ترودو» في تلميح ساخر.
وفي تصريح لافت قال الخبير السياسي الكندي فين هامبسون: «كارني قدّم نفسه كبطل قومي، وهناك توقعات بأنه سيواجه ترامب بشراسة... لكنه إن فشل في ذلك، فسيدفع الثمن سياسيًا».
aXA6IDE4LjIxNi42NC45MyA= جزيرة ام اند امز