«مدان قضائيا» في البيت الأبيض.. هذا مصير قضايا ترامب
أعيد انتخاب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض رغم أنه مدان قضائيا ينتظر الحكم في قضية أموال الصمت في حين يواجه ملاحقات قضائية أخرى.
وضع فريد من نوعه وغير مسبوق تواجهه الولايات المتحدة فلأول مرة في تاريخها يتم انتخاب شخص مدان قضائيا لأعلى منصب في البلاد مثلما كان ترامب أول رئيس سابق يواجه اتهامات جنائية وذلك وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
والسؤال الآن ما هو مصير قضايا ترامب التي سبق وأن دفع ببرائته من جميع التهم الموجهة إليه فيها؟
الحكم في نيويورك
من المقرر أن يظهر ترامب في قاعة محكمة في نيويورك في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حيث من المقرر أن يصدر القاضي خوان ميرشان حكمه على الرئيس المنتخب، بعدما أدانته هيئة محلفين في وقت سابق من العام الجاري بتهمة تزوير سجلات تجارية للتغطية على دفعه أموال لإسكات الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز خلال حملة عام 2016، والتي زعمت علاقة غرامية سابقة مع الرئيس المنتخب.
وكان القاضي ميرشان قد منح نفسه مهلة نهائية حتى 12 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري ليقرر ما إذا كان سيلغي قرار هيئة المحلفين بإدانة ترامب في ضوء قرار المحكمة العليا الصيف الماضي منح الرئيس بعض الحصانة الرئاسية.
وإذا ألغى ميرشان الإدانة فسيتم رفض التهم، وبالتالي لن يصدر أي حكم بحق ترامب، أما إذا قرر القاضي الإبقاء على قرار الإدانة فمن المتوقع أن يطلب فريق الدفاع تأجيل الحكم حتى يتمكنوا من الاستئناف.
وسيسعى محامو ترامب لطلب تأجيل الحكم من محاكم الاستئناف في الولاية وربما حتى المحكمة العليا حتى يتم استنفاد جميع الاستئنافات الأمر الذي قد يستغرق شهورا.
وإذا قرر ميرشان المضي قدماً وإصدار حكم فقد يأمر بسجن ترامب لمدة قد تصل إلى 4 سنوات وقد يكتفي بفرض عقوبة أقل مثل المراقبة، أو الحبس المنزلي، أو الخدمة المجتمعية، أو الغرامة.
الأكيد أن صدور أي حكم بحق ترامب سيكون أمرا معقدا لأنه من المقرر أن يتم تنصيبه رئيسا في 20 يناير/كانون الأول المقبل وبالتالي من المرجح أن يصوغ محامو ترامب استئنافاتهم لإثارة قضايا دستورية تتحدى ما إذا كان قاضي الولاية يمكنه الحكم على الرئيس المنتخب، الأمر الذي قد يربط القضية في المحاكم لسنوات خاصة وأن ترامب لا يملك سلطة العفو عن نفسه لأنها قضية ولاية.
القضايا الفيدرالية في العاصمة واشنطن وفلوريدا
من المتوقع أن يكون التأثير الأكبر لفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية على القضيتين الجنائيتين الفيدراليتين اللتين رفعهما ضده المستشار الخاص جاك سميث في واشنطن العاصمة وفلوريدا 2023.
ومنذ بداية القضايا في 2023، كانت الاستراتيجية القانونية الرئيسية لترامب هي تأجيل المحاكمات إلى ما بعد الانتخابات حتى يتمكن، إذا انتُخب، من إقالة سميث، مما يؤدي إلى نهاية القضيتين.
وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكد ترامب أنه يخطط لإقالة سميث وفقال ردا على سؤال المذيع المحافظ هيو هيويت عما إذا كان "سيعفو عن نفسه" أو "سيطرد جاك سميث" إذا أعيد انتخابه "إنه أمر سهل للغاية. إنه أمر سهل للغاية .. سأطرده في غضون ثانيتين".
وستسمح إقالة سميث لوزارة العدل والمدعي العام لترامب بالتحرك لإسقاط التهم الموجهة إليه وإنهاء القضايا في المحكمة ومع ذلك سيظل أمام سميث فرصة حتى يوم التنصيب في 20 يناير/كانون الثاني من أجل أن يزن خياراته.
ونقلت "سي إن إن" عن مصادر مقربة من سميث قولهم إن المستشار الخاص لا يريد إغلاق القضايا قبل أن يؤمر بذلك أو يقوم ترامب بطرده.
وبموجب القانون الفيدرالي، يجب على سميث تقديم تقرير سري عن عمل مكتبه إلى المدعي العام قبل أن يترك المنصب.
وفي قضية واشنطن العاصمة، اتهم سميث ترامب بمحاولة قلب نتائج الانتخابات عام 2020، وتوقفت القضية لعدة أشهر بعدما ضغط ترامب على المحاكم الفيدرالية لمنحه الحصانة الرئاسية، وفي يوليو/تموز أصدرت المحكمة العليا حكمًا تاريخيًا قال إنه يتمتع ببعض الحصانة من الملاحقة الجنائية.
وفي قضية فلوريدا، اتهم سميث ترامب بأخذ وثائق سرية بشكل غير قانوني من البيت الأبيض ومقاومة محاولات الحكومة لاستعادة المواد وكانت القاضية إيلين كانون قد رفضت هذه القضية في يوليو/تموز، لكن المدعين العامين استأنفوا حكمها.
قضية جورجيا
إن المصير الفوري للقضية الجنائية التي رفعها ترامب في جورجيا يتوقف إلى حد كبير على ما إذا كانت المدعية العامة لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، وهي ديمقراطية، غير مؤهلة لنظر القضية بعد علاقتها الرومانسية السابقة مع زميل لها في النيابة العامة. ولكن حتى لو سُمح لها بمواصلة مقاضاة ترامب، فإن القضية سوف تكون معرضة للخطر بكل تأكيد الآن بعد انتخابه.
وتتعلق التهم الجنائية الموجهة لترامب في جورجيا أيضا بمحاولة قلب نتائج انتخابات 2020، لكن القضية متوقفة حيث تبحث محكمة الاستئناف ما إذا كانت ستستبعد المدعية العامة لمقاطعة فولتون فاني ويليس وهي مدعية عامة ديمقراطية قال ترامب إنها غير مؤهلة للقضية بسبب علاقة رومانسية سابقة جمعتها بزميل لها في النيابة العامة ومن غير المتوقع أن يصدر قرار بشأن ويليس قبل عام 2025.
وإذا قررت محكمة الاستئناف استبعاد ويليس فمن غير المرجح أن يرغب أي مدع عام آخر في تولي القضية وهو ما يعني أنها ستنتهي فعليا.
وحتى الآن، لا توجد إجابة واضحة حول ما إذا كان المدعي العام على مستوى الولاية، مثل ويليس، يمكنه مقاضاة رئيس في منصبه وهي أسئلة دستورية فجرها فوز ترامب.
الدعاوى المدنية
إلى جانب القضايا الجنائية، هناك قائمة طويلة من الدعاوى المدنية التي يواجهها ترامب بما في ذلك الدعاوى المتعلقة بدوره في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، وقضيتي تشهير ضد إي. جان كارول، وقضية احتيال مدنية رفعها المدعي العام في نيويورك حيث أمر ترامب بدفع ما يقرب من 454 مليون دولار كتعويضات.
خسر ترامب قضيتين تشهير أمام كارول في عامي 2023 و2024 في محكمة فيدرالية ومنحتها هيئتا محلفين تعويضات بقيمة 5 ملايين دولار و83 مليون دولار.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، استمعت محكمة استئناف فيدرالية إلى استئناف ترامب لرفض الحكم الأول لكارول لكنها لم تصدر قرارًا بعد.
وفي وقت لاحق من الشهر الماضي، استمعت محكمة استئناف الولاية إلى الحجج في جهود ترامب لرفض حكم الاحتيال المدني بقيمة 454 مليون دولار ضده حيث وجد القاضي أن ترامب وأبناءه وشركته بالغوا في قيمة أصول ترامب بشكل احتيالي للحصول على أسعار قروض وتأمين أفضل ورغم أن المحكمة لم تصدر قرارها بعد إلا أنها بدت منفتحة على خفض الغرامة.
ومن المحتمل أن تستمر كل القضايا المدنية حتى مع تولي ترامب منصبه كرئيس للولايات المتحدة لأن المحكمة العليا أصدرت عام 1997 حكما في دعوى مدنية تورط فيها الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون حيث قرر القضاة بالإجماع أن الرؤساء الحاليين لا يمكنهم الاستعانة بالحصانة الرئاسية لتجنب التقاضي المدني أثناء وجودهم في مناصبهم.