ترامب وسياسة أمريكا الخارجية.. دبلوماسية الصفقات تفرض قواعد اللعبة
بينما يقف أكبر صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية على المحك، تحاول واشنطن تحقيق مكاسب من التسوية المحتملة.
فمساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحلال السلام في أوكرانيا والتي يعتبرها لحظة فاصلة في الدبلوماسية العالمية، تتضمن محاولة جديدة لتحقيق مكاسب لبلاده.
وتقول صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، إنه في صلب المقترح الذي ترعاه الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا، يبرز بندٌ مالي لافت: ستحصل أمريكا على 50% من أرباح مشروع ممول بـ100 مليار دولار من الأصول الروسية المجمّدة، تُستخدم لاستثمارات تقودها واشنطن لإعادة إعمار أوكرانيا.
وقال تشارلز ليشفيلد، كبير الباحثين في مركز الجيو-اقتصاد بالمجلس الأطلسي في واشنطن: إنه نهج يقوم على: ما الذي سنجنيه نحن؟
ورغم أن هذا البند قد يُدرج أو لا يُدرج في الاتفاق النهائي بين موسكو وكييف، فإنه يعكس توجهاً أوسع في السياسة الخارجية الأمريكية خلال الولاية الثانية لترامب؛ إذ بات للرئيس، وهو رجل أعمال عقاري، ولعدد من الموفدين ذوي الخلفية التجارية تأثير مباشر على القرارات الأمنية، لتأخذ معظم التحركات الدبلوماسية للبيت الأبيض طابع الصفقات.
فقد حصلت واشنطن، على سبيل المثال، على حق الوصول إلى المعادن الاستراتيجية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ضمن اتفاق السلام مع رواندا. كما ضمنت امتيازاً أمريكياً لمدة 99 عاماً لممر نقل بين أجزاء من أذربيجان عبر الأراضي الأرمينية، مقابل دعم أمريكي.
مكاسب غير متبادلة
وقال مسؤول اقتصادي سابق في البيت الأبيض خدم في عهد جورج دبليو بوش، إن «كل تفاعل مع الولايات المتحدة ينطوي على قدر من الضغط الاقتصادي بهدف انتزاع مكاسب غير متبادلة».
يأتي بند استفادة الولايات المتحدة من أرباح أصول روسيا المجمّدة بعدما أقنع ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فعلاً بمنح الشركات الأمريكية حق الاستثمار في قطاع المعادن الحيوية والبنى التحتية الأوكرانية.
وتتضمن خطة السلام – التي حدّد ترامب موعداً نهائياً لزيلينسكي حتى يوم الخميس للقبول بها – إغراءات لفلاديمير بوتين وفريقه، تتمثل في رفع العقوبات وإقامة تعاون اقتصادي إضافي بين واشنطن وموسكو مقابل وقف الحرب.
وقال ليشفيلد، إن هذا «الإنجاز السريع بالنسبة لهم هو خروج الأثرياء الروس من قوائم العقوبات وعودتهم لشراء العقارات الفاخرة في نيويورك».
دبلوماسية قديمة
ويرى خبراء أن الجمع بين الدبلوماسية والمكاسب المالية ليس جديداً على الولايات المتحدة، لكنه في عهد ترامب بات يُشبه أسلوب مصرف استثماري صغير أو شركة استحواذ أكثر منه نهجاً حكومياً تقليدياً. ويؤكد منتقدون أن طابع الصفقات هذا يمتد أيضاً إلى الداخل الأمريكي.
دولياً، يظهر هذا النهج واضحا؛ ففي حالة أوكرانيا، تؤكد واشنطن أن البعد الاقتصادي والمالي للاتفاق ضروري لأنه يعزز الضمانات الأمنية الأمريكية لكييف عبر تعميق الروابط الاقتصادية بين البلدين.
لكن منتقدين يرون أن الضغوط الاقتصادية الأمريكية الممارسة على أوكرانيا غير ضرورية، خصوصاً في بداية الولاية الثانية لترامب عندما طرحت واشنطن لأول مرة صفقة المعادن الحيوية.
كما أن استفادة أمريكا من أرباح أصول روسية مجمّدة لإعادة إعمار أوكرانيا ستكون صادمة لكثير من العواصم الأوروبية، بالنظر إلى أن معظم تلك الأصول موجودة في أوروبا وليس في الولايات المتحدة.
وعلى مستوى العالم، تكاد طموحات ترامب بالحصول على تعهدات استثمارية ضخمة من الحكومات الأجنبية تكون مطلقة، فاليابان، على سبيل المثال، اضطرت للموافقة على ضخ 550 مليار دولار داخل الولايات المتحدة عبر صندوق تُختار مشاريعه بموافقة ترامب، مقابل الحصول على رسوم جمركية بنسبة 15% على صادراتها، والحفاظ على علاقاتها الدفاعية مع واشنطن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTYg
جزيرة ام اند امز