«دبلوماسية الهاتف».. همسة بـ«أذن ترامب» تصنع السياسة العالمية

في ولايته الأولى، قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رقم هاتفه الخاص لعدد من قادة العالم، وفتح خط اتصال مباشر بعيدا عن البروتوكولات.
هذه الاستراتيجية، المستمرة حتى الآن، تنبع من ولع ترامب بالدردشة، التي كثيرا ما تكون غير رسمية؛ الأمر الذي يعد سمة رئيسية في شخصيته وعلامة مميزة لعهده الرئاسي.
وبعد 6 أشهر من ولايته الثانية، يواصل قادة العالم، الذين يرغبون في الحفاظ على خط الود، الاتصال بترامب وإرسال الرسائل النصية بانتظام، أحيانًا لمناقشة قضايا ذات أهمية عالمية، وأحيانًا أخرى لمجرد التودد إلى الملياردير.
ونقلت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية عن مصدر مطلع على مكالمات ترامب قوله "إنه يتحدث إلى العديد من القادة أكثر مما يدركه أي شخص.. الكثير من المكالمات تتعلق بأمور محددة، أعمال حقيقية، ولكن هناك أيضًا أحاديث شخصية غير رسمية".
وبحسب هذا المصدر ومصدرين آخرين، فإن من بين القادة الذين تجمعهم محادثات مستمرة مع ترامب، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي سيلتقيه ترامب للعب جولة الغولف في اسكتلندا اليوم.
الروابط الشخصية
ولا يختلف الطابع غير الرسمي لمحادثات ترامب مع قادة العالم عن الأسلوب العفوي الذي يلجأ إليه الرئيس في المناسبات العامة، إلا أنه قد يكون لافتًا للنظر بالنسبة للمساعدين الذين يستمعون للمحادثة.
وضرب مصدر مطلع مثالا باتصال بين الرئيسين الأمريكي والفرنسي، إذ قال "كان الأمر مسليًا على نحو غريب.. كان ترامب يقول (إيمانويل) ويطيل حرف اللام، ثم يقول ماكرون (دونالد) ويطيل حرف الدال".
ويعتمد المسؤولون الأجانب على قدرتهم على التكيف مع أسلوب ترامب، لتحسين العلاقات الشخصية معه؛ الأمر الذي يقولون إنه يؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية.
وأشار مسؤول أوروبي إلى قمة قادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في هولندا الشهر الماضي، حيث أعلن ترامب أنه غيّر رأيه بشأن التحالف بعد لقائه بشخصيات أشاد بها ووصفها بـ"القادة العظماء".
وقال للصحفيين إنه يغادر "بشعور مختلف"، وإنه قرر أن قضية الأمن الأوروبي "ليست خدعة". وبعدها، وافق على منح أوكرانيا المزيد من المساعدات الدفاعية شريطة أن تدفع أوروبا ثمنها.
وقال المسؤول الأوروبي: "هناك احتكاك أقل وتوافق أكبر في بعض الحالات، ويعود ذلك جزئيا إلى أن العديد من القادة أصبحوا أكثر تفاعلاً مع ترامب، وأكثر اهتماماً به".
شروط ترامب
إلى كندا، حثّ السيناتور الأمريكي كيفن كرامر، مارك كارني رئيس الوزراء الكندي، على الاتصال مباشرةً بالرئيس الأمريكي لحل الأمور، وقال إن "ترامب يشعر بالإطراء من المكالمات الهاتفية المباشرة".
وفي أوائل مارس/آذار الماضي، استخدم ستارمر تطبيق "واتساب" لإرسال رسائل إلى ترامب في إطار مساعيه لرأب الصدع بين الرئيس الأمريكي، والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عقب لقائهما الكارثي في المكتب البيضاوي.
من جانبها، قالت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، لـ"بوليتيكو": "يتمتع الرئيس ترامب بعلاقات ممتازة مع القادة الأجانب، لذا تفوق بشكل كبير على أسلافه في الزيارات الثنائية، حيث عقد 23 اجتماعًا في 6 أشهر فقط".
لكن العفوية المرتبطة بالمكالمات المباشرة تعتمد إلى حد كبير على شروط ترامب، فمثلا كان نشره للقطات شاشة للرسائل النصية الحماسية من الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، مارك روته، عشية قمتهما الشهر الماضي، بمثابة تذكير للقادة بأن محادثاتهم السرية قد تصبح علنية.
بصفة عامة، تسمح الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية المتكررة والتي غالبًا ما تكون غير معلنة، لبعض القادة، الذين يدركون الأهمية التي يوليها الرئيس للعلاقات الشخصية، ببناء أرضية توافق معه.